أردوغان.. من سيقرع له الطناجر؟
هي واحدة من تجليات “ديمقراطية” السيد أردوغان، أما هذه “الواحدة” فهي إعلان المحكمة الدستورية التركية تعليق المخصصات المالية العامة المخصصة لحزب “الشعوب الديموقراطي”، قبيل النظر في طلب حظره الأسبوع المقبل، إثر اتهامه بالارتباط بالإرهاب.
في الحيثيات، يحرم قرار المحكمة الدستورية الحزب الذي يمثل شريحة واسعة من أكراد تركيا، والذي يملك ثاني أكبر كتلة معارضة في البرلمان، من مصدر مهم للدخل قبيل الانتخابات العامة المقررة بحلول حزيران المقبل، والكل يعلم أن التمويل، أساسًا في اللعبة الديمقراطية في تركيا وسواها من الأنظمة التي تصيغ البرلمان بدءًا من مطرقته وصولاً لصوت النائب فيه.
بسهولة ويسر ، يتّهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الحزب بأنه الجناح السياسي لحزب “العمال الكردستاني” المحظور الذي يشن تمرّداً ضد الدولة التركية منذ عقود، أما عن الحزب، فهو ينفي بالقطع وجود أي علاقات رسمية بينه وبين “العمّال” ويتّهم الحكومة باستهدافه نظراً لمعارضته لإردوغان.
عملياً للحزب اليوم 56 مقعدًا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 579 ويصوّت عادة مع أحزاب أخرى في المعارضة، بينما يقبع الآلاف من أنصار “الشعوب الديموقراطي” والعشرات من مسؤوليه الحاليين والسابقين في السجن، وعلى رأسهم رئيسه السابق صلاح الدين دميرتاش، الذي أعلن قبل أيام الاستعداد لخوض جولة الانتخاب المقبلة.
لم يكتف أردوغان بتجفيف مصادر الحزب المالية، فقد ذهب أبعد من ذلك بعد مصادرة أصول الحزب المالية، فيما قيادات من الحزب من بينهم الناطقة باسم الحزب إبرو غوناي، تقول للصحافيين “إنها ضربة جديدة للسياسات الديموقراطية (…) لن يرهبنا هذا القرار”.
المتابعون للشأن التركي، يعررفون بالتمام والكمال أنه يمكن لمصير “الشعوب الديموقراطي” أن يلعب دوراً هاماً في تحديد نجاح إردوغان في الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وستستمع المحكمة الدستورية التركية إلى طلب المدعي العام التركي بكر شاهين، حل الحزب الثلاثاء. ومن المقرر أن يترافع الحزب بعد ذلك في قضيته قبل رفع الجلسة للتداول.
سيكون أمام القضاة خيار الحكم وتعليق التمويل دائماً، أو حظر الحزب بأكمله أو بعض أعضائه.
وبحسب تقارير إعلامية تركية سيحصل الحزب على 539 مليون ليرة (29 مليون دولار) كدعم من الخزانة هذا العام.
يأتي حكم الخميس قبل أقل من شهر من منع محكمة أخرى رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، من ممارسة الحياة السياسية بتهمة «إهانة» أعضاء الهيئة الانتخابية في قضية مرتبطة بفوزه في انتخابات محلية عام 2019.
وبرز إمام أوغلو (52 سنة) كإحدى الشخصيات الأكثر قدرة على هزيمة إردوغان في حال تنافسا في أي اقتراع.
وسيبقى رئيس البلدية في منصبه بينما يتم استئناف الحكم. لكن سيتعيّن عليه الاستقالة إذا انتُخب وتم تثبيت قرار منعه من ممارسة العمل السياسي.
ما يحدث هو “الانقضاض على الديمقراطية” وحتمًا لم تكن المرة الأولى في تاريخ أردوغان، فاليوم يلعب مع المؤسسة التشريعية، وبالأمس كانت لعبته مع المؤسسة العسكرية، فمن من الأتراك لايتذكر، لعبته مع الجيش؟
في اطار مشروعه لاعادة بناء وهيكلة المؤسسة العسكرية، قفز فوق كل المعايير الكلاسيكية ، وربط رئيس الاركان به مباشرة لا بالحكومة، الاكثر اثارة هو فصله قادة الجيوش عن رئاسة الاركان وربطهم بوزارة الدفاع.
كل ضابط، ومنذ الان، يفترض ان يكون عثمانياً (سلجوقياً) ويسعى لاعادة السلطنة، والا اعتبر عميلاً لكمال اتاتورك او لفتح الله غولن، حتى ان رئيس الاركان السابق الكرباشبوغ لاحظ ان الوضع السيكولوجي داخل المؤسسة العسكرية معرض للانفجار، وان كل ضابط، او كل جندي، يتوقع ان يطاله التطهير او الاعتقال اذا لم يكن من ذلك النوع الذي يجثو على قدمي اردوغان…
كل السلاطين، وكل التوتاليتاريات الدينية او العائلية، او السياسية، او العسكرية، الى غروب، دون ان يجد السلاطين والتوتاليتاريات، حتى من يقرع لهم… الطناجر.