لحظة يتلقى الحوثي الأوامر من خنجره
مرصد مينا
وقد انتقلت الحروب إلى بحر الخليج وبات الحوثيون يقطعون طريق السفن والبواخر، ما الذي بوسع العالم والولايات المتحدة على وجه الدقة أن تفعله؟
كل ما ستفعله اليوم لابد متأخراً، وما لا يأتي في وقته لا قيمة لحصاده، فقد انتظر الأمريكان الحوثي حتى تمدد وسيطر ولن تنفع معه اليوم تحريك الأساطيل، فالمتاهة اليمنية لابد أكثر وعورة من أفغانستان، وأية هزيمة تلحق بالولايات المتحدة ستكون الضربة الساحقة الماحقة، ولهذا يتردد جو بايدن مكتفياً بضربات صاروخية لا تنفع ولا تردع، وقد اتكأ الحوثي على عاملين حاسمين، أولهما أن حربه انتصاراً لغزة، ولهذا ماله من تأثير على الرأي العام العربي والإسلامي، وهو استكمال للخطاب الإيراني الذي يحشّد تحت راية القدس والمظلومية الفلسطينية، وثانيهما أنه يأتي استكمالاً للهلال الشيعي الذي يعني المشروع الإيراني ببعده التوسعي بما يعني الإسناد اللانهائي للحوثي بما يجعل معركته بالإنابة عن الإيراني، فإن لم يلوى الأصيل فلن يكون ليّ الوكيل بالأمر السهل.
تأخرت الولايات المتحدة في اتخاذ قرارها، وكان تأخرها مزدوجاً، مرة حين لم تدعم الشرعية اليمنية بمواجهة الحوثي فأغفلت معركتها معه، وثانية حين أعاقت قوى التحالف العربي من معركته مع الحوثي بحجة “الخوف من تسرّب السلاح إلى جهات مجهولة”، وهاهو الحوثي اليوم يملك سلاح الممرات البحرية بما يهدد أمن هذه المياه ويفرض شروطه عليها، لا نصرة لغزة، بل سعياً وراء الهيمنة الإيرانية على مياه الخليج العربي، وسط ارباك كبير وقد ذهبت طهران للاعتقاد بأن لحظتها قد حانت.
واليوم ثمة من يذهب أبعد من ذلك، ومن جملة ما يذهبون إليه أن “الحوثي” قد تجاوز حتى مشغّله وحليفه الإيراني، فعبد الملك الحوثي، يرى في مواجهة القوة العظمى خطوة نحو تحقيق ما يعتقده الرجل أنه “قدره في أن يصبح زعيماً إسلامياً” بعد أن نجحت طهران في ربط حركة الحوثي أيديولوجيا وتنظيميا بأعضاء آخرين في محورها، وخاصة حزب الله، وصولاً لمرحلة أصبح الحوثيون فيها هم من يغيرون قواعد اللعبة في محور المقاومة حتى أن إيران نفسها فوجئت بكفاءتهم .
لا يقتصر الدعم الإيراني على مجرد تزويد الحوثيين بالأسلحة ونقل تكنولوجيا الصواريخ والخبرة، بل إلى أن ضباطا من حزب الله والحرس الثوري الإيراني يشاركون في اجتماعات المجلس الجهادي الذي يرأسه الحوثي ويعمل كمركز للقيادة والسيطرة، ومع ذلك ترى تقارير دولية وازنة ومن بينها تقرير لـ “ذي اتلانتيك” أن طموحات الحوثي قد تصطدم بحقيقة أن إيران لا تريد خوض حرب شاملة تخاطر من خلالها بأن تتفوق عليها إسرائيل والغرب.
يقول التقرير إن قيادات طهران أمضت الأشهر القليلة الماضية في رقصة محفوفة بالمخاطر، فمن ناحية تؤكد دعمها الكامل لحماس وتكرر مطالبتها بتدمير إسرائيل، لكنها من ناحية أخرى، تعمل جاهدة على تجنب المواجهة المباشرة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، هذا التقرير يشير كذلك إلى أن إيران “تعلم جيداً أنها قد لا تنجو من مثل هذا الصدام المباشر”، ويبين التقرير أن النظام الإيراني اعتقد لسنوات أنه نجح في اتقان هذه المناورة من خلال اعتماد سياسة “الصبر الاستراتيجي” المتمثلة بتجنب المواجهة وفي الوقت ذاته تقوية أذرعه من الميليشيات العراقية واللبنانية والسورية والفلسطينية واليمنية، ولكن السؤال اليوم قد اختلف عن أسئلة الأمس، ومن جملة الاختلافات أن يأتي السؤال على النحو التالي:
ـ ماذا لو شاءت طهران إيقاف عمليات الحوثي في بحر الخليج العربي؟ هل سيكون لمشيئتها سلطة على الحوثي.
من أغرب الإجابات ستكون الإجابة التالية:
ـ الحوثي اليوم قد بات أقوى من صانعه.. قراره قد يكون بأوامر من خنجره.