الأردن.. الخطوة اللاحقة إلى الجحيم
مرصد مينا
منذ أيلول ١٩٧٠، اشتغل الأردن على الاستقرار، فالبلد الموزع ما بين “شرق أردنيين” و”فلسطينيين”، وأقليات من مثل الدروز والشركس، توافق على ” الهاشميين” في الحكم، دون هزّات تشتغل على تغيير الصيغة، ومع هذا الاستقرار نبتت مجموعة من المشاريع من بينها “أردنة المسألة الفلسطينية”، و “الأسلمة”، وسواهما من مشروعات سقطت قبل أن تنتعش، فلا الفلسطينيون يبحثون عن “الأردن وطناً بديلاً”، ولا الأردنيون ارتضوا بأسلمة البلاد بما يعني فتح البوابة للخمينية السياسية لتلاقي ما لاقاه العراق أو لاقته سوريا او دفع للاحتراب الأهلي كحال اليمن أو ما يمكن أن يحمله لبنان.
الأردنيون ارتضوا الصيغة التي هم عليها، وفق توزيع راكم لنفسه حتى غدا صيغة للبلد، فالبيرقراط الحكومي والجيش والجهاز الأمني من حصة الـ “شرق أردنيين”، فيما السوق للفسطينيين، أما الأقليات الأخرى فتتوزع ما بين السوق والحكومة، دون توريط الأردن بما لاطاقة له بحمله إزاء المسألة الفلسطينية.
ما بعد غزة عادت مشاريع ميتة إلى الحياة، فـ “إسرائيل” تسعى إلى “إلقاء الفلسطينيين” شرقي النهر، وطهران تشتغل على توليد “حماس” أردني ما بعد “حماس” فلسطيني في الأردن، أما بشار الأسد فلابد كان شغله الشاغل فتح الحرب على الأردن عبر خلق خطوط مخدرات اليها ومنها إلى الخليج، وحتماً فاللعبة هنا بدعم وإسناد إيرانيين ما يجعل الأردن تحت مخاطر قد تسوقه إلى مصير أكثر قسوة وفوضى من اليمن، خصوصاً ما بعد طوفان الأقصى وقد اشتغلت إيران على الإسلام السياسي في الأردن، وهو ما عززته الآلة العسكرية الإسرائيلية التي فتحت مجالاً واسعاً لرد فعل شعبي أردني سيلاقي الإسلام السياسي على مفرق “الغوغائية السياسية” والاستثمار في الغرائز” وهي اللعبة التي تتقنها طهران وتشتغل عليها، وتأتي اليوم تحت عنوان “مساندة غزة”، التي ستقود إذا أفلحت إلى احتمالين اثنين لا ثالث لهما:
ـ اجتياح إسرائيلي للضفة الغربية يعقبها اجتياح للضفة الشرقية، وبأثمان بالغة الدمار والخراب.
ـ عودة الكلام لـ “أردنة المسألة الفلسطينية” التي تعني تفريغ فلسطين من الفلسطينيين والالقاء بهم إلى الأردن بالموازاة مع إلقاء الغزاويين في صحراء سيناء والنقب.
وكلا الاحتمالين لابد سيكونا في خدمة إسرائيل، وبأدوات إيرانية، ما يجعل “الولي الفقيه” في خدمة إسرائيل، استكمالاً لمشروعين لابد سيلتقيان على حساب الدم الفلسطيني:
ـ المشروع الإسرائيلي بتفريغ فلسطين من الفلسطينيين.
والمشروع الإيراني باستكمال الهلال الشيعي.
مشروعان يتضادان في الخطاب الإعلامي، ويلتقيان في وقائع الجغرافية والاستراتيجيات الكبرى في إعادة رسم المنطقة، ولكل من المشروعين أثمانه وتكاليفة أما الأداة فهي الإسلام السياسي على الدوام، وبشقيه، “الأخواني” و “الخميني” وقد توافقا على تدمير غزة بإطلاق ما أسموه طوفانها، وهاهي النتائج:
ـ تحويل غزة إلى مساحة غير قابلة للحياة.
ولا شيء خارج المرسوم إسرائيلياً، وحتماً بالتوافق مع طهران التي:
ـ تقاتل بلحم غيرها.
وتحصد من زرع سواها.
وفي كل الحالات تلاقي إسرائيل على مفترق:
ـ إعادة رسم جغرافية المنطقة.