الرئيس الضاحك
مرصد مينا
حين يكون الكلام عن الحرب والعمليات الحربية و “محور الممانعة”، لا يطال الكلام سوريا، وهي البلد الذي تعرّض إلى ٩٤ عملية عسكرية إسرائيلية طالت مدنه وأريافه خلال ٢٠٢٤ فقط، بل في النصف الأول منه.
وحين يكون الكلام عن التطبيع، فلا ذكر لسوريا، كما لو أنها خارج الزمن العربي، برمته.
ولحظة يكون الكلام عن المجاعة، لابد ستحضر سوريا بوصفها من بلدان المجاعات وقد بات الرغيف حصاناً راكضاً من الصعب على الحفاة اللحاق به.
وإذا ماطال الكلام الفساد، فليس ثمة من بلد نال منه الفساد مانال من سوريا.
أما إذا كان الكلام عن النزوح والهجرة، وكل مايقال عن المهدد بالمأوى، فليس من أحد يسائل النظام، أو يطلب منه رأياً أو موقفاً.
كل هذا والرئيس الضاحك، لا يكلّ عن ممارسة كوميديا من غير المألوف أن يمارسها رئيس بلاد، بمن فيهم الرئيس الأوكراني الذي انتقل من موقع “الممثل الكوميدي” إلى موقع المحارب، وقد ترك الكوميديا خلفه.
للرؤساء فضائحهم، فقد طالت الفضيحة دولة القرار و وول ستريت، وفائض القنابل النووية، وهذه فضائح دونالد ترامب تتجول من شاشة إلى شاشة، غير أنها “ونعني الفضيحة” لم تعق شخص الرئيس الذي يهابه العالم ويحسب له، فيما ليس ثمة من يحسب لساكن قصر المهاجرين بمن فيهم شقيقه المتحكّم بالمعابر والكبتاغون، كما حال حلفائه بدءاً من حسن نصر الله، وصولاً لجندي ثانوي من حرس الفقيه وقد استولى على البلاد جاعلاً منها خندقه.
شهدت سوريا منذ استقلالها، كمشة قليلة من الرؤساء ولكل منهم إرثه، شكري القوتلي، المعروف بالنزاهة والنوايا الطيبة، ومعه انتقلت سوريا إلى بلد البروكار المدهش والاطمئنان الذي الذي عثر على طريقه إلى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، وشهدت سوريا أديب الشيشكلي، العسكري الدكتاتور، المشهود له بانسحابه من السلطة يوم احتمال مواجهة الجيش مع الشعب، وشهدت سوريا حافظ الأسد وقد صادر الرئاسة وأورثها، وكان من المشهود له أنه:
ـ رفع أسوار الدولة، لتتحوّل الدولة إلى سجن.
هي سجن للرعايا، غير أنها محروسة ومنيعة على الخارج، بل ولاعب في المساحات التي يلعبها الكبار، فكان النقمة الكبرى وإلى جانبها ثمة “نعمة” ما، نعمة اختزالها بأن “بلد يحسب له في لعبة الحسابات الكبرى”.
واليوم، كان بشار الأسد آخر الرؤساء، وكل ما أخذه من السابقين عليه:
ـ الدكتاتور والسجن.
السجن لبلاد أسوارها مهدّمة، وجيشها مهان، وأولادها جوعى وشارعها مقابل شارعها في حرب كل من تسبب بها هو:
ـ الاستيلاء على السلطة دون ما يكفيه من الحكمة والأهلية والمهارة لإدارة السلطة.
رئيس لعبة شدّ الحبل، وسط تهريج مناصرين بلا حول ولاقوة سوى مناصرة رئيس في حرب لم يدخلها.
ـ ولن يدخلها.
ومعه:
ـ سابت البلاد حتى باتت لا على طرف موائد الأمم.. لا.. وقد باتت طبقاً مفرغاً لا مكان له على أية مائدة.