الفرنسيون يسقطون جوبيتر
زاوية مينا
هي المفاجأة، بل والمفاجأة من العيار الثقيل، وثمة من يزيد بأنها أكبر مفاجأة انتخابية في تاريخ فرنسا، فقد تصدرت “الجبهة الشعبية الجديدة” التي تضم أحزاب اليسار، النتائج الأولية للجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة التي جرت أمس الأحد، واحتل معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون المرتبة الثانية، فيما تعرض حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف لما يشبه الانتكاسة بعد تصدره لنتائج الجولة الأولى وبعد أن كانت جميع الاستطلاعات تتوقع حصوله على أغلبية برلمانية.
قد حصلت «الجبهة الشعبية الجديدة» على ما بين 175 إلى 205 مقاعد، من أصل 577 وفق التقديرات الأولية، فيما حل معسكر ماكرون ثانيا بحصوله على بين 150 إلى 175 مقعداً، تاركاً المركز الثالث لحزب مارين لوبان الذي حصل على ما بين 115 150 مقعداً برلمانيا.
جان لوك ميلانشون، رئيس حزب “فرنسا الأبية” اليساري الراديكالي، الذي يعد أبرز قوة في تكتل أحزاب اليسار، سارع إلى القول إنه “من واجب ماكرون دعوة الجبهة الشعبية الجديدة لأحزاب اليسار إلى الحكم”، قائلاً إن الرئيس الحالي “يجب أن يعترف بهذه الهزيمة من دون محاولة الالتفاف عليها بأي شكل من الأشكال”.
علما أن النتائج تظهر عدم تمكن أي طرف من الحصول على الأغلبية البرلمانية المطلقة وبالتالي، فإن التحدي يكمن الآن في مدى إمكانية تشكيل ائتلاف متماسك للوصول إلى أغلبية تسمح بحكم البلاد خلال فترة السنتين ونصف السنة المتبقية من الفترة الرئاسية الثانية لماكرون.
ـ ما الذي حدث؟
“الجبهة الشعيية الجديدة” في فرنسا – أي تجمع اليسار – نالت أعلى نسبة اقتراع مؤيدة لبرنامجها، وحلت “الجبهة الوطنية” اليمينية والعنصرية والفاشية، في المرتبة الثالثة. حدث هذا الانقلاب في المواقف خلال اسبوعين، حيث كانت الثالثة هنا (اليمين الفاشي) هي الأولى في الدور السابق. أدرك الناس فداحة وصول اليمين العنصري والمعادي لكل ما هو ضروري لخير الاغلبية الكبرى من الناس، الى السلطة.
حاول ماكرون التلاعب على ما يترتب على هذه النتائج، كما حاول أن يراوغ بعدما هبط في تقييم الفرنسيين من الإله “جوبيتر” وكونه معبودهم، منذ 7 سنوات، الى أوصاف يندى لها الجبين.
ولكنه مع ذلك مازال يراوغ بدلاً من الاعتراف بخراقة سلوكه السياسي وخصوصا كارثية اجراءاته الاجتماعية التي تخدم فحسب الشركات متعددة الجنسيات والبنوك، (وهي من حيث أتى أصلاً) وتعادي كل المنجزات الاجتماعية الموجهة لخدمة غالبية الناس، وتسعى لتصفيتها. فصار منذ زمن اسمه “رئيس الاغنياء”. وهؤلاء طبعا متنفذون ويسيطرون على الاعلام وعلى مرافق الحياة.
ديغول حين خسر الاستفتاء في 1969، استقال. وذاك كان ديغول. أما ماكرون فيراوغ!!! لهذه النتيجة دروس تخص كل المجتمعات.
المهاجرون في فرنسا يصرخون :
ـ الوقت الآن هو للفرح!!
يرفعون رايات نصرهم على الخطر القادم لاقتلاعهم ويضيفون:
نعم! نعرف انها خطوة أولى، وهي طبعا لها دلالاتها، واهميتها القصوى، ولكن المهمة لم تنته -فالصراع هو قانون الحياة- ويجب العمل على تصليب عود هذا المنجز الهام اليوم، وعلى تجنب الانتكاس بفعل قصور النظر والانانيات وسائر الأمراض الأخرى.
على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي يكررون ما قاله زعيم اليسار الراديكالي الفرنسي جان لوك ميلانشون:
على رئيس الوزراء “المغادرة” وأنه ينبغي على الجبهة الشعبية الجديدة متصدرة الانتخابات التشريعية في فرنسا والتي ينتمي إليها حزبه، أن “تحكم”.
ويتابعون ماقاله ميلانشون “شعبنا أطاح بوضوح أسوأ الحلول”.