هل معركتهم مع يزيد أم مع نتنياهو وملوك إسرائيل ؟
زاوية مينا
“المعركة بين الجبهة الحسينية والجبهة اليزيدية مستمرة ولا نهاية لها”، تلك تغريدة لـ “علي خامنئي” المرشد الأعلى للثورة الإسلامية على منصة اكس، سبقها إطلاق حسن نصر الله تسمية يوم الأربعينية” على الرد العسكري الهزيل لحزب الله على مقتل أحد قادته والمقصود فؤاد شكر.
خطاب نصر الله يحيل المسألة الفلسطينية برمتها إلى مسألة “شيعية” يحتكر مشروعيتها وتمثيلها، فيما خطاب مرشده لابد ويمنح الأولوية للصراع الشيعي / السني الممتد إلى 1400 سنة، دون وقف لإطلاق النار، والتقاطع ما بين الخطابين لابد ويرسم ملامحه المتبوع للتابع، ليغيّب الصراع الأساسي بين مُستعمِر ومستَعمَر، ما يطرح السؤال:
ـ ما الذي قدمته مرجعية “قم” للمسألة الفلسطينية بما يتجاوز الاستثمار فيها؟
عودة إلى التاريخ القريب، لم يكن استنبات حزب الله في لبنان، والفصائل الموالية لإيران في المنطقة على العموم، وسوريا ولبنان واليمن والعراق على وجه الخصوص سوى:
ـ تفكيك منظمة التحرير الفلسطينية وتشقيقها لعباً على التناقضات الداخلية في هذه الفصائل ما أنتج أحمد ياسين، وشطب على مجموع الفصائل الفلسطينية اليسارية منها والعلمانية، وأحالها إلى قوى هامشية مجمل قدرتها أن تكون تحت إبط “حماس” أو تحت سيفها، والمتابع لمرحلة حكم حماس لغزة يعرف باليقين أن الاحتلال الإسرائيلي كان أكثر رحمة للغزاويين من حكم حماس.
ـ التواطؤ الإيراني/ الإسرائيلي وشراكتهما معاً في تفتيت منظمة التحرير، بل ومواجهة القوى القومية العربية على اختلاف تجلياتها، وليست فضيحة إيران غيت، سوى تفصيل من تفاصيل هذه التفاهمات الإسرائيلية / الإيرانية.
ـ تغييب الشخصيات الوطنية الشيعية الجامعة، لحساب الشخصيات والقوى الشيعية التي تشتغل على الحرب السنيّة / الشيعية، وتعبيراتها الأكثر وضوحاً كان في تغييب الإمام الصدر، المرجعية العاملية، بالتنسيق مع القذافي وبالتواطؤ مع حافظ الأسد، وليس تغييب الإمام الصدر سوى واحد من عمليات التغييب التي مورست على الشخصيات الشيعية الجامعة بدءاً من حسين مروة إلى مهدي عامل إلى هاني فحص، إلى مجمل الشخصيات الشيعية العاملية الممتدة عربياً بمواجهة التشيع الفارسي.
ـ ضرب المواقع والمخيمات الفلسطينية في لبنان، ولم تكن حرب المخيمات 1985 سوى واحدة من المجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين وكان سبقها حرب طرابلس على ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبسلاح إيراني وأدوات سورية تأتمر باوامر حافظ الأسد.
كل هذا وذاك، دون أن تستخدم إيران ولو بصدفة خارجة عن إرادة قياداتها طلقة بندقية باتجاه إسرائيل، ودون أن تدّخر فرصة للاستثمار بالقضية الفلسطينية لتمتد في الشارعين الإسلامي والعربي تحت المظلة التي طالما مثلت شغف إسلامياً وعربياً للاشتباك مع الإسرائيليين.
وهانحن اليوم بمواجهة مسألة محددة في الإطارين الزماني والمكاني، اما المسألة فهي اغتيال إسماعيل هنية، فزمنها هو في ذروة الصراع وذروة الإبادة التي تمارس على الغزاويين، فيما مكانها طهران حيث كان اغتيال إسماعيل هنية ضيفاً على الولي الفقيه، والزمان والمكان، كليهما أنتجا وعداً إيرانياً بالرد الذي لم يحصل بعد وعلى الغالب لن يحصل، ذلك أن القيادة الإيرانية حتى اللحظة حائرة بين اعتبار الاغتيال عملية عسكرية تستلزم ما يقابلها، ما يعني استخدام الصواريخ العابرة للمسافات، وبين اعتبارها عملية أمنية تستلزم رداً أمنياً، وقد يحلو للمرشد الإيراني اعتبارها حادث سير وقع لقيادي حمساوي في غرفة من فندق إيراني، تهرّباً من الرد.
الأخطر من عدم الرد هو العودة إلى خطاب نصرالله اللبناني وتغريدة المرشد الايراني، اللذين يمثلان مشروع الممانعة العابر للاوطان القائم على العداء لاميركا واسرائيل، فانه من غير المفهوم كيف يمكن أن يتقوقع خطاب تحرير القدس المرفوع من قبلهما، ليصبح بحجم مذهب هو المذهب الشيعي فحسب، ويتساءل مراقبون، هل مساندة غزة ذات العمق العربي يخدمها شعار “اربعينية الامام الحسين”؟ وكذلك فإن الحديث عن الحسينيين مقابل اليزيديين، في الحرب القائمة حاليا من قبل خامنئي، يجعل الفلسطينيين قبل غيرهم يقفون حيارى من جدوى هذا التصنيف، ويعيدهم الى مسألة عقائدية مختلف عليها بين السنة والشيعة، رغم تقديس الجميع لشخص الإمام الحسين وشهادته، فتنشئ بذلك جدلا وخلافا مذهبيا، في غمرة الهجوم الاسرائيلي الذي يتعرض له الجميع في غزة ولبنان.
وكذلك، هل الاحتماء “بالجبهة اليزيدية والجبهة الحسينية” واللوذ بالمذهب عند اشتدّاد وطيس الحروب، هو تعويض إيران عمّا أعلنته عن عزمها الانتقام من اسرائيل، و ردّ اعتبارها بسبب اغتيالها لزعيم حركة حماس اسماعيل هنية في طهران قبل أسابيع؟ وذلك بعد أن أوفى “حزب الله” بعهده فجر الأحد الماضي وردّ على الغارة الاسرائيلية التي اغتالت قائده العسكري فؤاد شكر، بقصف مواقع اسرائيلية عسكرية في شمال فلسطين ، تحت شعار “يوم الأربعين” فكان الرد الهزيل الذي استهدف حظيرة دجاج؟
الطريق إلى فلسطين لا يمر من “قُم”.
وثمة من كتب تعليقاً على “فيس بوك”، ما الذي حمله التليق؟
لا نعرف بالزبط والتحديد، هل معركة الخمينيون مع بنيامين نتنياهو وملوك إسرائيل، أم أنها معركتهم مع يزيد؟
يعني لا وقف إطلاق نار مع التاريخ؟