حسن نصر الله.. القائد الذي لا ينتحر
مرصد مينا
لم يُحدث حدثاً ذاك القلق الذي يشهده لبنان كما حال ما بعد الانفجارات التي أحدثتها أجهزة الاتصالات التي تورط باستيرادها حزب الله، بما في ذلك انفجار المرفأ الذي انتهى القلق معه بانتهاء ارتدادات صوت انفجاره.
اللبناني اليوم بات يتحسب لكل ما من شأنه أن يكون جهاز يحوي “بطّارية” أي كان حجمها بدءاً من الموبايل الشخصي وصولاً للطاقة الشمسية التي تشتغل على تخزين بطاريات اللثيوم.. حالة من الهستيريا تعم الحياة اللبنانية اليوم كما حالة من سرد الحكايا ولكل حكاية خيالها ومع كل خيال جديد حكاية جديدة وصولاً للحكاية الأكثر تداولاً والتي تنسب لحسناء طليانية قامت بتوريط حزب الله بشراء صفقة “البيجر” إياه وهي حكاية على إغراءاتها قد تكون صحيحة كما قد تكون كاذبة، غير أن ما لم يحتمل الكذب هو وقوع انفجارين متتالين وعبر يومين متتالين ذهب ضحاياهما ما يزيد عن أربعة آلاف مصاب تراوحت إصاباتهم مابين “العماء” التام وبتر الأصابع.
في هذا المناخ يُطِل الأمين العام لحزب الله بخطابه المعهود الذي يبدأ بالصلات والترحم، وبالعنجهية إياها ليسرد الحكايات المسرودة دون أيّة إضافات ودون ان يحمّل نفسه او فريق قيادته أي من المسؤولية إزاء ما حدث، محمّلاً “الصهيونية” و “اليمين الإسرائيلي” المسؤولية كاملة دون أيّة إشارة إلى مسؤولية قيادته في استيراد صفقة أجهزة الاتصال تلك، بوصفها صفقة تحمل ملامح فساد أو خيانة، غاسلاً ايديه وايدي فريقه من المسؤولية متوعداً برد حارق ماحق للعدو وما وراء خطوط عدوه.
في التاريخ، ثمة قادة مهزومين، او مسؤولين عن هزيمة ما
لحقت بجيوشهم، ومن النبالة أن يقدم القائد المهزوم على خيار ما، ومن بين الخيارات التنحي عن القيادة، أو الاعتذار من جنوده وفي اللحظة القصوى الانتحار، كان هذا حال نابيليون وبالوسع استعراض بعض من مذكراته، لقد كتب :””الحياة عبء عليّ لأنني لا أشعر بأي متعة، وكل شيء يؤلمني. ما هذا الغضب الذي يقودني إلى تدمير نفسي؟ بما أنني يجب أن أموت، ألا يستحق الأمر أن أنتحر؟”.
لحظة فشل نابليون في قيادة جيشه ولد لديه شعورا بأنه فاشل ومنبوذ وعديم الفائدة.
في رسالة بعث بها إلى شقيقه في أغسطس/آب 1795، كتب “إذا استمر هذا يا صديقي، سوف ينتهي الأمر بأن لا أتحرك من مكاني إذا رأيت عربة قادمة باتجاهي”.
مع عودته إلى فونتينبلو، تناول نابليون السم الذي يصطحبه معه في كل حملاته العسكرية. وفي منتصف الليل، دعا خادمه المخلص دي كولينكورت ليوصيه بزوجته وابنه، لكنه قضى تلك الليلة بين الألم والقيء، ولم تكن الجرعة قاتلة.
إحدى أعظم الكوارث هي كارثة أن لا ينتحر زعيم تسبب لجيشه بالهزيمة.
حسن نصر الله ليس من أولئك المنتحرين.
قائد لا تهزّه الهزيمة ولا الحماقة ولا سوء الحساب والتقدير.
قائد لا يستقيل لاينتحر ولا يعتذر.