fbpx

“حزب الله” من الميليشيا إلى الدولة

زاوية مينا

واضح من سياق الحوارات والأفكار في لبنان، أن مجمل القوى والأحزاب والشخصيات اللبنانية المؤثرة مدركة لحقيقة لابد وتشكل الإجابة عن مصير “حزب الله” ما بعد توقف الحرب.

من بين هؤلاء ثمة من يتطلع إلى التجربة العراقية ما بعد الغزو الأمريكي للعراق وتفكك جيشه كما تفكك حزب البعث.

امام هؤلاء كان السؤال التالي:

ـ ما الذي احدثه تفكيك الجيش العراقي ومعه الشطب على حزب البعث؟

كانت النتيجة أن تحوّل الجيش ومعه الحزب إلى عصابات وميليشيات ما أعاق استعادة الدولة وأحدث الفوضى في كل مكان، ولهذا أسبابه ومن أسبابه أن من احترف مهنة “الجيش” لن يكون بوسعه العثور على مهنة بديلة سوى “السلاح”، وحين لا ينضبط السلاح في المؤسسة العسكرية التي تعني الجيش سيتحوّل أفراده إلى قطّاع طريق وهذا ما حدث للعراق.

في صيغة “حزب الله” ربما لا يختلف الامر كثيراً، فإذا ما انتهى حال الحزب إلى الانفراط فلابد ويقع كوادره تحت وطأة البطالة ومنها إلى الاستثمار في السلاح ولن يعثر سلاحهم سوى على مكان واحد.. ما هو المكان؟

ـ هو الشارع.

ما يعني استعادة الحرب الأهلية بويلاتها، وسيكون الحال أشدّ وطأة بعد أن يفقد كوادر الحزب مرجعيتهم وقوّة ضبطهم محمّلين بمشاعر الهزيمة التي سيعثرون على تعويضها في الشارع بما يجعل صيغة البلد النهائية هي: “الفوضى.

وفق هذه القراءة، سنجد أن معظم القوى والأحزاب والشخصيات “العاقلة” تشتغل اليوم على ملاقاة حزب الله بـ “الاحتضان”، والاحتضان هنا لن يعني بالمطلق عودة الحزب إلى تجاوز الدولة بـ “الدويلة”، كما لا يعني استئثار الحزب بالسلاح، ما يعني ميليشيا موازية للجيش ولاوية لعنقه.. ستكون الصيغة:

ـ تحويل الحزب إلى حزب مدني، ينافس على الشارع ويحتكم للدولة وله الحق كل الحق في خوض استحقاق البرلمان.

بطبيعة الحال، ستكون هذه الصيغة، بل هذا الطموح على مشروعيته، بمواجهة التيارات الراديكالية في الحزب، وسيكون لطهران دوراً عائقاً في الوصول إلى هذه الصيغة عبر ازلامها في الحزب وبيئته، غير أن ما لا غنى عنه لابد منه، ولابد منه في هذه الحالة هو الاشتغال على صيغة استعادة الحزب لمواطنيته بديلاً عن وطن الميليشيا التي تربّى عليها، وما سيسهّل الامر معطيان:

ـ أولهما الهزيمة العسكرية المحققة للحزب واغتيال قادته من الصف الأول والثاني وربما الثالث، وبالتالي انفراط المرجعيات التي طالما شكلت الاسمنت الماسك للحزب.

وثانيهما، حجم البؤس والخسائر التي منيت بها البيئة الشيعية والتي دفعت أثمان الحرب من شبابها وأرزاقها وهي البيئة التي لابد أن تنتفض على العقيدة لحساب الحياة، دون نسيان احتمال استعادة البيئة إياها ونعني البيئة الشيعية لجزء واسع من تاريخها الوطني ذو المزاج الوسطي واليساري والذي جعلها جزء أساسي وأصيل من لبنان البلد، لبنان الدولة، لبنان الوطن، وهي البيئة التي لابد وتتقبل هذا الخيار، أقلّه ما بعد سوداوية وتراجيدية خيار “حزب السلاح”.

هي الحرب، وكما قال هيغل: “رافعة التاريخ”.

ومنها قد يدخل لبنان تاريخ جديد، تاريخ يمكن نعته:

ـ تاريخ الوطن النهائي لناسه من كل الطوائف وكل التيارات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى