قبل أن يتحوّل “خامنئي” إلى “كيم جونغ أون”
زاوية مينا
أعلن فوزه محاطاً بعائلته وفريق حملته الانتخابية، ومواجهة الشاشات ملايين من البشر يتابعونه بعد أن كانت أعينهم على الشاشات الالكترونية التي تشتغل كـ “عدّادات” للأصوات متنقلة ما بين المساحات الحمراء والأخرى الزرقاء، أما قيادات العالم على الطرف الآخر من الكوكب فلكل توقعاته، ولكل حساباته، ولكل قراءته للرئيس الأمريكي المتحدّر من سلالة ألمانية مرفقة بسؤال:
ـ إلى أين سيأخذ الرجل العالم؟
العرب “أعراب” كثيرون، ثمة منهم من يراهن على اللغة الحاسمة للرئيس ويتوقعون منه، وضع حدّ للتمدد الإيراني وقد بات أفظع الاحتلالات لعواصم عربية ظنّت يوماً أنها رفعت علم الاستقلال.
وبعضهم مازالوا يظنون بأن “أمريكا” تحت الأرض لافوقها، فالدولة العميقة هي من تقرر، فلا بايدن “النسّاء” ولا “ترامب” المتحفّز من يقرر السياسات الأمريكية فأمريكا مازالت من ممتلكات وزارة الدفاع ومؤسسة الأمن القومي والـ سي آي إيه.
ثمة من يعضّ أصابعه ندماً على مناصرة كاميلا هاريس، وثمة من فاز بالرهان، غير أنهما “من فاز” و “خاب” كليهما لن يتجاوز في مكانته مكانة ما تُقدّمه بلاده من عطاءات للرئيس الـ 47 الذي تعنيه “السلّة الغذائية” لمواطنيه ما يتجاوز الشعارات الأخلاقية والقصائد، فالرجل هو الملياردير ابن المليونير، وما يهمه هو “التربع على عرش العالم الاقتصادي” وإذا كان لابد من الأسطول فمهمة الأسطول حماية “المصرف”، ولهذا ستكون الصين أولويته، ولهذا فلا بأس من الحروب إن لم تستنزف من خزينته كما استنزفت الحرب الروسية/الأوكرانية اقتصاديات أوروبا، ليتحوّل الرئيس الأوكراني إلى واحد من أفظع رجال الأعمال في العالم وقد “ابتزّ” أوربا على نحو يدعو للصراخ.
في خطاب “الملك” تجنّب دونالد ترامب الخطاب الصدامي، وركّز على لم الشمل الأمريكيين على عكس عادته، حيث شمل بحديثه الأقلّيات والعرب والمسلمين، كما أقر بفوزه بالتصويت الشعبي.
دبلوماسيون متابعون رأوا بأن ترامب برغماتي واهتمامه أولاً وأخيراً بالشأن الداخلي والصفقات الاقتصادية أكبر من اهتمامه بالسياسة الخارجية لأمريكا، وأنّه لن يكون عطوفا ولن تحركه الاعتبارات الانسانية بقدر ما تحركه المصالح.
من هؤلاء من بيّن أنّ ترامب ستكون له نظرة أكثر واقعية للأحداث في العالم وخاصة الحرب في غزة، رغم أنّ رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو استبق الأحداث وهنأ ترامب بفوزه، وراهن عليه، بعد تنكره لإدارة بايدن وإهانتها دون نسيان أن نتنياهو ينتظر معجزات من ترامب لكن ترامب في الخطاب الأخير أكد انه سيضع حدا للحروب ولن يختار طريق التصعيد في المواجهات وتعهد بانه سيتجنّب الدخول في حروب.
دبلوماسيون آخرون قالوا بأن أوروبا في حالة حداد بعد فوز دونالد ترامب، بسبب تصريحاته بخصوص الحماية والناتو، في المقابل ”بوتين والبريكس في موقف قوة بعد تحقيقه لاعادة التوازن في العلاقات الدولية”، وترامب ”سيأخذ بعين الاعتبار الواقع الموضوعي والتوازنات الجديدة في العالم، وفق تقديراتهم.
أما بخصوص الموقف من إيران، فإن مواقف ترامب من قضية الشرق الاوسط عامة ستكون المحدد الأساسي لسياساته وما يبدو نها ميبدو أنّ ترامب متجه نحو تغيير سياساته القديمة ولكنها لن تكون تغييرات جوهرية لكن ستتطور على الأقل.
الجميع في لحظة ترقب، والجميع في لحظة انتطار.
قد يطول انتظار منعكسات فوز ترامب.
لن تكون بين ليلة وأخرى.
الأهم، ولنصفّق بما يكفي لفوزه هو:
ـ أن يوقف الحرب في المنطقة.. أن يتوقف دمار غزة والجنوب اللبناني.
والأهم الأهم:
ـ أن يكبّل المشروع التوسعي الإيراني، أقلّه أن يوقف مشروعها النووي، فإذا ما أنجزت مشروعها فسيتحوّل “خامنئي” إلى ما يعادل “كيم جونغ أون” الثاني ومن بعدها:
ـ قراءة الفاتحة على أمريكا بقوّتها وباقتصادها.