وئام وهّاب.. المادة غير القابلة لإعادة تدويرها
زاوية مينا
طافت مواقع التواصل الاجتماعي، كما شاشات التلفزة بالمصطلح الجديد، الطازج:
ـ المكوّعجية.
أما المصطلح فيعني في دلالته السياسية أولئك الذين انغمسوا في نظام الأسد الساقط، وهم يبخّرون للأسد بكل أسمائه بدءاً من القائد الرمز وصولاً لملهِم الامّة، وما بينهما من تسميات تجود بها اللغة التي لا تعني سوى “اللامعنى”، من هؤلاء من أثرى، ومنهم من كان على باب الله، ومن بينهم من تواطأ مع القاتل دون أن يكون لهم القدرة، أو الفرصة على القتل.
من هؤلاء شخصيات لبنانية، ربما أكثرهم وقاحة وسماجة، وزيراً سابقاً يُدعى “وئام وهّاب”، وكان قد غرق في مستنقع الأسد وصولاً لمدّ “زعرانه” في محافظة السويداء السورية بالمال والسلاح، فيما كانت السويداء بمدينتها وريفها تتظاهر مسقطة نظام الأسد، في أطول تظاهرات سلمية سورية، كانت الاستفتاء الأشد وضوحاً وتعبيراً في إسقاط الأسد سياسياً وأخلاقياً، قبل إسقاطه عسكرياً، وهو ونعني وهاب اليوم يظهر على شاشة الجديد اللبنانية، ليغسل ما علق به من أوساخ بحجة أنه “اشتغل مع الأسد ليحمي عشيرته الدرزية”، ما جعل أهالي السويداء يتساءلون عن الحماية التي قدمها لهم.
فيما كان هو الحامي لمجموعات الاغتيالات وتهريب المخدرات والاتجار بها، وكان من أبرز ضحاياه الشيخ وحيد البلعوس الذي اغتيل مع مجموعة كبيرة من رجاله لتتالى الاغتيالات في السويداء التي لم تتوقف يوماً عن التظاهر وقد ركلت أزلام الأسد ومحاسبيه وصولاً لتحرير السويداء منهم، أما عنه، (وهاب) هذا، فقد حُرّم عليه دخول السويداء أو أريافها، فبات مطروداً من جميع بيوتها، كما بات يمثل “العار” بالنسبة لأهاليها.
اليوم يخرج على الشاشات ليقول بأنه كان يحمي أهالي السويداء من النظام، فيما كل الوقائع تفيد، بأنه كان مكلّفاً من أجهزة الاستخبارات بقمع التظاهرات، وبالتحريض على الاقتتال الأهلي عبر محازبيه المسلحين الذين مارسوا كل ما أتيح لهم من التعديات على الناس وأرزاقهم، من ثوار الذين واجهوا شبيحة الأسد واستخباراته، بالقوّة العسكرية وبالتظاهرات السلمية وصولاً لطردهم من الجنوب السوري، وهو ما سيجعل عودة (الزعران) إياهم إلى المدينة أو أريافها ضرباً من المستحيل، أقلّه عودة أولئك الذين غرقوا في وحل الاغتيال السياسي، أو أولئك الذين فاتهم شرف مواجهة النظام.
مكوّعون كثر، بعضهم من فنانين وكتّاب، وبعضهم من سياسيين وأزلام رجال دولة، وبعضهم من تجار المخدرات ولصوص المال العام، وكلهم متوافقون على شتم الأسد وقد غسلوا أيديهم منه، دون أيّة إمكانية من غسل أيديهم من دم ضحاياه.
“وئام وهّاب” هذا، وكان ذات يوم يتلحّف بحزب الله، ويتغطّى بغطاء الأسد، بات اليوم يتيماً، غير أنه لم ينسحب وبتواضع المهزوم إلى حيث:
ـ لا يراه احد.. لا يسمع صوته أحد.. لا يرى وجهه أحد.. لا يعكّر صفو اللحظة.
وئام وهّاب هذا يعود إلى الشاشة بحثاً عن دور له.
هنا سيكون السؤال:
ـ أي تواطؤ تمارسه محطة الجديد، في إعادة تدوير ما لا يقبل التدوير وقد بات البضاعة التالفة.