fbpx
أخر الأخبار

تركيا ما بعد سقوط الأسد

زاوية مينا

ما بعد سقوط الأسد، وربما استعادت البلاد بسقوطه بعض من الأمل الضائع، يأتي السؤال:

ـ وما اليوم التالي؟

هو سؤال يتفرع للكثير من الأسئلة، منها ما يتصل بهوية سوريا المقبلة سياسة واقتصاداً وسلطة ومجتمعاُ اهلياً، ومن ما يتصل بالوضع الإقليمي لسوريا وقد كنست إيران فيما بدا أن ثمة دوراً تركياً طامحاً ليأخذ سوريا إلى إيقاعه وفي مساحة مصالحه، فتركيا أردوغان طالما اشتغلت على أن تتحول إلى الدولة الوصية على سوريا في تحوّلها لتشمل وصايتها الجوانب العسكرية والاقتصادية بشكل خاص، عدا عن الجوانب الاجتماعية والثقافية، وتفعيل دور “القوة الناعمة” في التغلغل داخل المجتمعات السورية وداخل القوى السياسية والفصائل المسلحة المختلفة.

العناوين الرئيسة التي تشتغل تركيا عليها ربما تتمثل في أن تكون سوريا سوقها الجديدة، حتى أن ثمة من يتوقع أو لا يستبعد أن تنشئ الحكومة التركية وزارة جديدة تسميها “وزارة شؤون سوريا” لتكون خلاصاتها ووفق المركز الكردي للدراسات:

ـ ترى تركيا أنها هي من دعمت المعارضة السورية المسلحة لسنوات طويلة وحمتها واحتضنت ملايين السوريين، وهي من أشرفت على العملية العسكرية الأخيرة “ردع العدوان”.وبالتالي، هي صاحبة الفضل في الانتصار العسكري وانهيار النظام السوري وهروب الأسد.

ومن هنا، من تسلم السلطة في دمشق هم حلفاء أنقرة وما كانوا ليكونوا في السلطة لولا الدعم والإسناد التركي. وعليه، يجب أن تحظى أنقرة بالمكانة الأولى لدى سوريا الجديدة. وظهر ذلك من خلال زيارات وزير الخارجية ورئيس الاستخبارات لدمشق واللقاءات مع الشرع وأركان الحكومة المؤقتة والمظاهر والدلالات الاحتفالية التي رافقت تلك الزيارات.

ـ سارعت الحكومة التركية إلى الحديث عن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الحكومة المؤقتة، استباقاً لأي تطور ليس في الحسبان. وستضمن هذه الاتفاقية لتركيا حقوقاً وامتيازات من جهة التنقيب عن الغاز والنفط لم تكن لتحلم بها قبل التغيير الأخير في دمشق، وموقفاً أقوى تجاه المنافسين لها في المجال البحري وهم اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر.

وكذلك، إقامة قواعد عسكرية استراتيجية في حماة وحمص ودمشق والإشراف على إعادة بناء الجيش السوري والأجهزة الأمنية، وبالتالي تمرير الرؤى والعقيدة العسكرية التركية إلى داخل المؤسسات السيادية السورية. وهنا، تريد تركيا تجاوز دوري إيران وروسيا والإحلال مكانهما، أي بكلام آخر بناء دولة داخل الدولة تكون قادرة من خلالها على التحكم في سوريا الجديدة.

ـ تحويل سوريا إلى ممر لخطوط الغاز وطرق التجارة الدولية، على أن تنتهي هذه الخطوط في الموانئ والمطارات التركية وتستفيد منها تركيا بشكل رئيسي وتأخذ حصة الأسد لنفسها. ويدور الحديث حالياً حول أنبوب الغاز القطري وطريق التنمية القادم من الخليج والعراق.

ـ ترسيخ تركيا لواقع التتريك في المناطق التي احتلتها منذ عام 2016 وبنت فيها حكومة مؤقتة وفرض “الجيش الوطني” التابع لها على السلطة الجديدة في دمشق ونشر المراكز الثقافية التركية وفتح فروع للجامعات والمعاهد التركية في سوريا، وبالتالي التغلغل الثقافي والاستفادة من الكوادر السورية التي درست في تركيا أو في المناطق التي سيطرت عليها أنقرة في العمليات العسكرية الثلاث التي شنتها أعوام 2016 و2018 و2019.

ـ الحيلولة دون قبول دمشق الاعتراف بالإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وبقوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي المضي قدماً في الموقف العدائي لهما وعدم إشراك الكرد في الحكم ورفض الاعتراف الدستوري بالقومية الكردية في سوريا.

تريد أنقرة ألا يكون للكرد أي دور في سوريا الجديدة، وهي تستمر في تحريض السلطة في دمشق والضغط عليها لدفعها إلى محاربة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية.

تلك تطلعات تركية لسوريا ما بعد الأسد، ودون شك ستشتغل على الاستثمار في جماعة الإخوان المسلمين كجسر لهذا العبور التركي، ولن يتأتى ذلك دون اجتثاث القوات الكردية الممثلة بـ “قسد” والذي يعني خطوة عسكرية تمثل قفزة داخل الأراضي السورية، وهنا سيكون السؤال:
ما الذي سيكون عليه حال القوات الأمريكية التي تمثل الداعم والحامي لهذه القوات؟

الكل بانتظار ما سيحمله دونالد ترامب.
وهكذا سيكون الحال:
ـ إصبع على الزناد وراحة اليد على القلب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى