أخر الأخبار

ما الذي تبقّى من مهنة “حزب الله”؟

زاوية مينا

هل ستسلم سلاحك؟ هو سؤال مازال بمواجهة حزب الله، ولحزب الله نصف ردّ، ما يعني الالتفاف على الردّ الجدّي لحساب تمييع ماهو غير قابل للتمييع، فالسلاح إياه، ووفق بنائه كما كانت شعارات الأمس، انشغل عليه لـ “مواجهة إسرائيل”، فكانت النتيجة أنه أعطى كل المبررات لتجتاح إسرائيل السلاح مع اجتياحات جزئية لقرى جنوبية، وكذا الحال التمدد الإسرائيلي في الجولان السوري.

ما يعني أن لم يبق لسلاح حزب الله من مهنة سوى مهنة في الداخل اللبناني، على قاعدة “أنا الأقوى”، وبوصفه الأقوى لابد ويحدد مسارات الدولة، وبنية الدولة، والأيادي المتحكمة بالدولة، وما من مهنة أخرى لديه.
اللبنانيون، بجميع طوائفهم متوافقون على:

ـ عدم العودة الى حروب الأزقة وقد فتكت بهم بالأمس، ولن يتقبلوا استعادة وقائع الأمس.

ـ إعدام لبنان السلاح، لحساب لبنان الجامعة والمشفى والميناء والإعمار.
ـ الالتحاق بالخيارات العربية، بما فيها خيارات السلام مع إسرائيل.
وخيارات اللبنانيين هذه لن تنفصل عن خيارات “شيعة” لبنان الذين اكتووا مرتين، مرة بهيمنة حزب الله، وهي هيمنة لم تعف رموزهم العلمية والفلسفية والثقافية من الاغتيالين المعنوي والجسدي، وثانية بالمواجهات مع إسرائيل وطالما أنهكت شبابهم للتتسع المقابر ويضيق التحرير.ز

بعد هذا ما الذي تبقّى لحزب الله؟

ولا شيء سوى المماطلة والعناد، وتكريس ما لا يقبل التكريس، فالبيئة التي كانت وحتى وقت قريب حاضنة للحزب، لابد وتتخلى تدريجياً عنه، لتستعيد حياتها وبيوتها، وتحمي شبابها من الاستغراق بلغة الموت، تلك اللغة التي لم تنتج فعلياً سوى الموت الفعلي.

ويأتي ذلك ليس ما بعد إفلاس حزب الله بمفرده، بل ما بعد إفلاس “المحور” برمته، فهذا الولي الفقيه، يحاور الأمريكان، ليس بوصفهم “الشيطان الأكبر” بل بوصفهم القوّة الكونية التي سترفع عنه الحصار، وتسمح له بأن يبقى على قيد الحياة، دون نسيان التشققات الإيرانية من الداخل، وهي تشققات كما تصيب السلطة وتوزعها ما بين حرس ثوري، وإصلاحيين، هي كذلك توزع الشارع إلى شارعين، شارع “مهسا أميني” الذي يهتف للحريات والحياة، وشارع الملالي المكروه والمرفوض، والذي بات معه سائقو التاكسيات يرفضون خدمة المعمم ونقله من زقاق إلى زقاق، وكلها مقدمات تقود سلطة الولي الفقيه إلى الانهيار.

ولا نستبعد أن يكون الانهيار القريب، فالدومينو شغّال، فما أن تتساقط أذرع هذا النظام حتى يصاب بالانهيار، وكان أن تساقطت أذرعه، وكان سقوطها مجلجلاً بدءاً من سقوط حزب الله مروراً بسقوط طريق القوافل الإيرانية الذي يعني سقوط آل الأسد بما يمثلون.

إذن لماذا كل هذه المماطلة التي يشتغل عليها حزب الله؟

ربما لسبب واحد فحسب:
ـ لأنه فقد مهنته.
ولأن ليس له من مهنة سواها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى