ترامب في الخليج 2025: تريليونات للاستثمار.. و”ضوء أصفر” للتخصيب النووي؟

زاوية مينا

حين تحط طائرة دونالد ترامب في الرياض، لا تكون مجرد زيارة رسمية، بل حدثًا مفصليًا يعكس تحولات حادة في المشهد الجيوسياسي والاقتصادي لمنطقة الخليج.

هذه المرة، يأتي الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية محمّلًا بأجندة لا تقل جرأة عن سابقتها، لكن مع مناخ إقليمي أكثر هشاشة، وأهداف أكثر وضوحاً تتلخص في ثالوث : المال، الحماية، والطاقة النووية.
لم تكن السعودية مجرد وجهة أولى لترامب عام 2017، بل وُضعت آنذاك على رأس أولوياته في مواجهة إيران، وكسوق ضخمة لصفقات السلاح. اليوم، يتكرّر المشهد لكن بثقل أكبر: فالإدارة الأميركية تسعى لإعادة ترميم “الهلال السني المعتدل” في مواجهة التهديدات الإيرانية، بالتوازي مع طموحات إسرائيلية لتطبيع إقليمي أوسع.

في هذا السياق، تُطرح فكرة تحالف دفاعي شرق أوسطي – بدون التزامات قانونية ملزمة – يُشبه “ناتو عربي بملامح أميركية”، لكن هذه المرة بتكلفة معلنة على الطاولة الخليجية.

تأتي الزيارة مدفوعة أيضاً بعقلية الصفقات. تبحث واشنطن عن استثمارات تفوق التريليون دولار من ثلاث دول خليجية كبرى: السعودية، قطر، والإمارات. وقد نقلت مصادر أن قطر وحدها ستعلن عن صفقات بـ 300 مليار دولار، تشمل طائرات بوينغ، وصفقات دفاعية، واستثمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.

الرسالة واضحة:
ـ الأمن مقابل الاستثمار.
الخليج يدفع، وترامب يوفّر مظلة حماية مرنة، دون الدخول في التزامات شاملة أو طويلة الأمد.

يبقى ملف الطاقة النووية من أكثر المواضيع حساسية في الزيارة. تريد السعودية تطوير برنامج نووي مدني، لكنها تُصرّ على حق تخصيب اليورانيوم، وهو ما ترفضه واشنطن تقليديًا لأي دولة خارج ناديها المقرب،
لكن هذه المرة، تظهر مؤشرات إلى استعداد أميركي للتفاوض على هذا الحق، بشرط إشراف دولي وتقني أميركي صارم، خاصة بعد تعثر الاتفاق النووي الإيراني، ورغبة واشنطن في كبح طموحات طهران عبر “توازن نووي موجه”.

في حال تم الاتفاق، ستكون السعودية أول دولة عربية يُسمح لها بالتخصيب برعاية غربية، وهو ما قد يطلق سباقًا نوويًا صامتًا في المنطقة، ويزيد من التوترات الإقليمية بدلًا من تخفيفها.

زيارة ترامب ليست مجرد رحلة خارجية، بل تكثيف لعقيدته السياسية: العالم كـ”سوق مفتوح”، والتحالفات كـعقود مشروطة”.

السعودية ودول الخليج تبدو مستعدة للدفع، ولكن بأي ثمن؟
وهل يؤدي هذا الانفتاح غير المشروط إلى تعزيز السيادة والاستقلال، أم إلى مزيد من الارتهان للمصالح الأميركية؟

يبقى السؤال مفتوحًا:
هل الخليج شريك أم مجرد ممول؟ وهل التخصيب النووي “حق سيادي” أم بوابة لتوازنات خطرة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى