إغلاق مخيم الركبان يختتم فصلاً من معاناة النزوح في سوريا

مرصد مينا
بعد أكثر من عقد من المعاناة، أُغلق مخيم الركبان الواقع في المثلث الحدودي الصحراوي بين سوريا والعراق والأردن، عقب اكتمال عملية إخلائه من آخر العائلات التي كانت تقيم فيه.
ويُعد المخيم الذي تأسس عام 2014 رمزًا مأساويًا للنازحين السوريين الذين عانوا ظروفًا صعبة وسط الحصار والبرد والجوع، حيث فقد العديد من الأطفال حياتهم خلال هذه الفترة.
واليوم السبت السابع من يونيو 2025، غادرت آخر العائلات المخيم متجهة إلى مدن وبلدات ريف حمص الشرقي في وسط سوريا، بحسب ما أفادت مصادر محلية سورية.
وأكد خالد حسن، أحد سكان مدينة القريتين، لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أن عملية إخلاء المخيم، الذي كان يضم أكثر من ثمانية آلاف نازح، بدأت بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي.
وأضاف حسن أن العائلات عادت إلى مناطقها التي هجرت منها منذ 2014، هربا من قوات النظام المخلوع وتنظيم “داعش”.
وأشار إلى أن أغلب العائدين وجدوا منازلهم مدمرة أو مسروقة، مما اضطر البعض منهم إلى نصب خيام كمسكن مؤقت.
وفي تعليق له على هذا الحدث، وصف وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى تفكيك مخيم الركبان وعودة النازحين بأنه “فصل مأساوي وحزين من قصص النزوح التي صنعتها آلة الحرب للنظام السابق”.
وأضاف المصطفى، في تغريدة عبر منصة إكس، أن المخيم لم يكن مجرد مكان للاجئين، بل كان “مثلث الموت” الذي شهد قسوة الحصار والتجويع، حيث ترك النظام الناس يواجهون مصيرهم المؤلم وسط الصحراء القاحلة.
وأشار الوزير إلى أن “مع كل خطوة نحو العودة يتسلل من بين رمال الألم أمل عظيم في قلوب السوريين وعزيمتهم لفعل المستحيل من أجل بناء وطن جديد يتسع للجميع”.
واعتبر الوير إغلاق مخيم الركبان يمثل بداية طريق جديد لتفكيك باقي المخيمات، بدعم متجدد من الدولة التي تسعى للوصول بكل نازح إلى بيته.
وتأسس مخيم الركبان في 2014، عندما فر آلاف الأشخاص من مناطق ريف حمص الشرقي وحماة إلى البادية السورية هرباً من قصف نظام الأسد المخلوع وهجمات تنظيم “داعش”.
وكان يقع بالقرب من قاعدة التنف الأمريكية في جنوب شرق سوريا، داخل منطقة “عدم اشتباك” التي حددتها وزارة الدفاع الأمريكية لحماية القاعدة من هجمات قوات النظام السابق.
ووضعت الأمم المتحدة عدة تحذيرات من الوضع المأساوي في المخيم، حيث ظل محاصراً لسنوات من قبل قوات نظام الأسد، مع إغلاق الأردن حدوده ومنع دخول المساعدات بعد هجوم لتنظيم “داعش” في 2016 أدى لمقتل جنود أردنيين.
وأدى هذا الحصار إلى نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الطبية، حيث كانت الإمدادات الوحيدة تصل عن طريق التهريب بأسعار مرتفعة.
في السنوات الأخيرة، وصلت بعض المساعدات عبر الجيش الأمريكي، خاصة وأن العديد من سكان المخيم كانوا من عائلات مقاتلين في الجيش السوري الحر المدعوم من الولايات المتحدة.
وبلغ عدد النازحين في المخيم ذروته بين عامي 2018 و2019، حيث وصل إلى نحو 50 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال.
وتسبب نقص الإمدادات وسوء الظروف الجوية في وفاة العديد من الأطفال، بما في ذلك رضع، وأكدت الأمم المتحدة أن وفاة طفل واحد تحدث كل خمسة أيام تقريباً في المخيم في عام 2019.
إغلاق مخيم الركبان يمثل خطوة مهمة نحو طي صفحة من صفحات النزوح واللجوء التي عاشها السوريون خلال السنوات الماضية، والتي عانوا فيها من حرب دموية شنها نظام بشار الأسد المخلوع ضد السوريين الذين عارضوا حكمه منذ بداية ربيع 2011 وحتى نهاية عام 2024، عندما فر الأسد بعد سيطرة المعارضة على العاصمة دمشق، والتي تولت لاحقاً السلطة كفترة انتقالية.