قناة السويس في مهب التصعيد الإيراني الإسرائيلي.. وتوقعات بخسائر جديدة

مرصد مينا
أثار التصعيد العسكري المتسارع بين إسرائيل وإيران حالة من القلق الإقليمي والدولي، وسط تحذيرات متزايدة من مؤسسات مالية عالمية بشأن التأثيرات السلبية المحتملة على الاقتصاد العالمي نتيجة تفاقم الصراعات في الشرق الأوسط.
ويأتي في صلب هذه المخاوف مستقبل أحد أبرز الممرات الملاحية في العالم: قناة السويس المصرية.
وفي هذا السياق، حذر الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، المستشار في كلية القادة والأركان، من استمرار تأثر قناة السويس بالاضطرابات الإقليمية، مشيراً في تصريحات صحافية أمس الأثنين إلى أن إيرادات القناة قد تراجعت خلال العام المالي 2023/2024 بنحو 7 مليارات دولار، نتيجة مباشرة للهجمات التي شنها الحوثيون على السفن التجارية في مضيق باب المندب منذ نوفمبر 2023.
وأوضح اللواء أسامة أن هذه الهجمات أثرت بشكل مباشر على عدد السفن العابرة للقناة من الجنوب إلى الشمال وبالعكس، سواء كانت متجهة إلى إسرائيل أو غيرها، بسبب المخاوف من الاستهداف العشوائي في تلك المناطق، ما تسبب في تقليص كبير لحركة الملاحة.
كما أشار إلى أن التصعيد الجديد بين طهران وتل أبيب، والذي بدأ مع فجر الجمعة 13 يونيو الجاري، قد يفاقم هذه التداعيات، لافتاً إلى إعلان إيران يوم 14 يونيو عن احتمال إغلاق مضيقي هرمز وباب المندب، وهو سيناريو مرجح في ظل تصاعد العمليات العسكرية، ما قد يؤدي إلى مزيد من الانكماش في حركة المرور بالقناة.
ورغم تشاؤمه النسبي، يرى اللواء أسامة أن حجم الخسائر الإضافية المتوقعة في حال استمرار التصعيد لن يكون حاداً، مرجحاً أن تتراوح بين 10 إلى 15% من نسب الخسائر الحالية، على الأقل في الوقت القريب.
من جانبه، أكد الدكتور كريم عادل، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن هناك عدة مؤشرات تدعو إلى توقع انخفاض إضافي في إيرادات قناة السويس خلال الفترة المقبلة.
ويأتي في مقدمتها التراجع المتوقع في حجم التجارة العالمية، بحسب تقديرات المؤسسات الدولية، في ظل استمرار الاضطرابات العسكرية والتجارية في المنطقة.
كما أشار إلى أن ارتفاع تكلفة الشحن والتأمين على السفن والبضائع، إلى جانب احتمالية تعطل سلاسل الإمداد والتوريد العالمية للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج، كلها عوامل ستؤدي إلى تراجع في أعداد السفن العابرة للقناة، ما سيؤثر بشكل مباشر على إيراداتها.
وشدد الدكتور كريم على أن الحكومة المصرية كان ينبغي أن تسرع في تحويل قناة السويس من مجرد ممر ملاحي لتحصيل رسوم المرور إلى مركز لوجستي متكامل يقدم خدمات متطورة، مثل أعمال الصيانة، والتطوير، والإمداد بأسعار تنافسية وجودة عالية، لضمان استدامة تدفقات النقد الأجنبي، حتى في أوقات الأزمات.
وأكد أن قناة السويس تمثل أحد أبرز موارد الدولة من العملة الأجنبية، وبالتالي فإن أي تراجع في إيراداتها ستكون له آثار مباشرة على سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، خاصة في وقت تواجه فيه مصر تحديات كبيرة للوفاء بالتزاماتها الخارجية، إلى جانب المتطلبات الداخلية المتزايدة.
ويُعد هذا التحذير بمثابة ناقوس خطر يقرع بقوة في أروقة الاقتصاد المصري، في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وما قد تفرضه من تحديات جديدة على قناة السويس، وعلى اقتصاد يعتمد بشكل رئيسي على موارد النقد الأجنبي من هذا الممر الاستراتيجي العالمي.