تصاعد المخاوف من إغلاق مضيق هرمز مع احتمالات الانخراط الأميركي في الحرب

مرصد مين
حذّر خبراء استراتيجيون واقتصاديون من التداعيات الخطيرة لاحتمال انخراط الولايات المتحدة في الصراع العسكري المتصاعد بين إسرائيل وإيران، مؤكدين أن مثل هذا التطور قد يدفع طهران إلى تنفيذ تهديدها بإغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات البحرية الحيوية في العالم.
وفي حال تحقق هذا السيناريو، فإن الأسواق العالمية ستواجه أزمة طاقة غير مسبوقة، إذ سيمثّل ذلك تهديداً مباشراً لانسياب 20 في المائة من صادرات النفط العالمية، و30 في المائة من الغاز الطبيعي، الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في ممرات التجارة العالمية وأسواق الطاقة.
الخبير الاستراتيجي الروسي أندريه أونتيكوف، قال في تصريحات لصحيفة، إن المخاوف من تطورات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية لا تزال قائمة، خاصة مع التهديد الإيراني المتكرر بإغلاق مضيق هرمز.
واعتبر أن هذا السيناريو سيكون استثنائياً في حال شهدت الحرب تصعيداً إضافياً، خصوصاً ذا تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر إلى جانب إسرائيل.
وشدّد أونتيكوف على أن دخول واشنطن في الحرب من شأنه أن يجعل من تهديد إغلاق المضيق الخيار الأبرز أمام طهران، وهو ما قد يؤدي فعلياً إلى تعطيل مرور نحو خُمس صادرات النفط، وثلث صادرات الغاز من منطقة الخليج إلى الأسواق العالمية.
ولفت إلى أن هذا الإغلاق المحتمل ستكون له آثار كارثية على الدول المصدّرة والمستوردة للنفط على حد سواء، نتيجة تعثر حركة نقل المنتجات البترولية والغازية، وارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
وأضاف الخبير الروسي أن أخطر ما يمكن أن تفرزه الحرب في حال توسعها، هو التأثير العميق على الممرات التجارية العالمية، بما فيها مشروع “الحزام والطريق” الذي تقوده الصين، والممر التجاري الشمالي – الجنوبي الذي تعمل روسيا على تطويره.
وقال: “إذا تعطلت هذه الممرات الحيوية، فإن كلًّا من موسكو وبكين سيتكبدان خسائر مباشرة، ما سيزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي والاقتصادي في المنطقة والعالم”.
كما نبّه الخبير الروسي إلى أن هذه الحرب، حتى الآن، انعكست بالفعل على أسواق الطاقة، حيث ارتفعت أسعار النفط بسبب حالة القلق السائدة وتقلّب المؤشرات في السوق العالمية. ومع ذلك، يرى أن أي تهدئة في الأوضاع قد تسهم في تقليص التأثير على المدى القريب، خاصة فيما يتعلق بأسواق النفط والتجارة الدولية.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي السعودي الدكتور إبراهيم العمر، المشرف على شركة “شارة” للدراسات الاستشارية، إن الشرق الأوسط يتمتع بثقل استراتيجي كبير، بفضل موقعه الجغرافي، وثرواته الطبيعية، ومرور عدد من الممرات الحيوية عبر أراضيه ومياهه.
وأوضح العمر أن استمرار الحرب ضمن إطارها الحالي بين إسرائيل وإيران قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل مؤقت يتراوح بين 10 و20 دولاراً، مع اضطرابات محدودة في الأسواق المالية وأسواق السلع والتأمين والنقل البحري، بالإضافة إلى تضخم عالمي طفيف. واعتبر أن هذا السيناريو، رغم خطورته، لا يزال ضمن دائرة الاحتواء الممكنة.
أما في حال توسّعت رقعة الحرب وامتد أمدها، فقد يتسبب ذلك -وفقاً للعمر- باضطراب حاد في سلاسل إمداد الطاقة، وارتفاع كبير في أسعار النفط يتجاوز حاجز 120 دولاراً للبرميل.
كما قد يؤدي ذلك إلى تضخم عالمي مصحوب بتباطؤ اقتصادي وركود، مع تراجع ملحوظ في البورصات وتدهور في سلاسل الإمداد.
وحذّر العمر من السيناريو الأكثر تشاؤماً والمثير للقلق، والمتمثل في احتمال إغلاق مضيق هرمز بشكل كامل بالتزامن مع اتساع رقعة الحرب.
وقال موضحاً: “في هذه الحالة، قد يشهد الاقتصاد العالمي انهياراً شاملاً، إذ سترتفع أسعار النفط إلى ما فوق 200 دولار للبرميل، وستسود حالة من التضخم الجامح والانكماش العميق، مع انهيار الأسواق المالية”.
وأضاف أن مثل هذا الانهيار قد يفضي إلى إعادة تشكيل المنظومة الاقتصادية والمالية العالمية من جديد، وفقًا لموازين القوى التي ستنتج عن نتائج الحرب.