fbpx

في مملكة الأسد المظلمة.. إعلام مستورد

الإعلام الوطني هو مرأة الوطن للمواطن، وهو المسؤول عن الهدم والبناء في المجتمع، فعندما يعجز الإعلام الوطني عن تغطية هموم الوطن ونقلها للمواطنين مع فتح باب الحلول والبدائل هذا يعني أنه بات أسير الطغمة الحاكمة وتُنفى عنه الصفة الوطنية، ليصبح إعلام تبيض وتلميع الشخصيات الحاكمة.

تمنع سلطات دمشق مواطنيها من متابعة مصادر الأخبار التي تقع خارج حدودها ولا سيما تلك التي تعارضها بالرأي- تحت طائلة العقوبة التي تصل إلى حد الإختفاء عن وجه الأرض-، على أن الإعلام الوطني هو المعني بنقل أخبار المدن السورية إلى المواطن الذي أتعبته الحرب.

أوردت الخميس الفائت 8 آب الحالي صحيفة الوطن السورية الشبه رسمية، خبراً عن مدينة حلب ضمن تبويب الأخبار السورية، حمل الخبر عنوان ” بعد أن دمرها الإرهاب.. أسواق حلب تبدأ ;hellip; رحلة العودة كأكبر سوبر ماركت في العالم” وذيل العنوان بـ “وكالات”، حيث تم نقل الخبر من وكالة “سبوتنيك” الروسية، نقلت الوطن السوري خبراً سورياً محلياً عن وكالة سبوتنيك الروسية التي أجرت لقاءات مع مواطنين سوريين، وكأن الإعلام السوري عاجز عن الوصل إلى الأحياء المدينة وإجراء لقاءات مع الأهالي، في حين أن الصحافة الروسية تجول في طول البلاد وعرضها.

وتسيطر الشرطة المدنية الروسية على مدينة حلب وهي التي تتحكم فعلياً في المدينة، ما يطرح سؤالاً بدهياً، هل باتت الصحافة السورية بحاجة لتصريح روسي- أثناء التغطية الميدانية في أحياء مدينة حلب السورية؟

من الصعب على الصحفيين الدوليين التجول في سورية إلا بتصاريح أمنية وبمرافقة أمنية تسجل وتصور تحركات ولقاءات الصحفي، فهل من المعقول أن تفعل روسيا ذات الأمر مع الصحفيين السوريين في المناطق التي تسيطر عليها؟

بينما تبقى مكاتب الصحفيين السوريين في دمشق تتحدث عن السيادة الوطنية، وإعادة ما تسميه “تحرير” بلدات سورية. . . !

تعتمد الطغمة الحاكمة في دمشق على الصحف “الوطنية” لتلميع صورة السيادة السورية المستلبة، ولتأكيد سيطرة نظام الأسد على زمام الأمور في المناطق التي عادة لحكمه مؤخراً.

تنقل هذه الصحف الأخبار من كافة أنحاء سوريا وتقدمها للمواطن السوري على النحو الذي ترضي القيادة السورية عنه، فلا خبر ولا حتى حرف يخرج دون أن يمر على الرقابة الأمنية.

سوريا اليوم دولة متقاسمة بين روسيا وإيران، هذا يخص المناطق التي يقول الإعلام عنها أنها تحت سيطرة نظام الأسد.

رامي مخلوف قريب بشار الأسد، صاحب المال السوري المسروق والمستثمر في دول كثيرة، ليس له صاحب وفي إلا المال وهو غالباً لا يصدق سواه، يملك رامي مخلوف صحيفة الوطن التي نقلت الخبر عن وكالة سبوتنك، كما يملك شركة طيران “أجنحة الشام” التي فرضت عليها عقوبات أمريكية عام 2016.

أثبت تحقيق استقصائي لوكالة رويترز أن أجنحة الشام الممللوكة لرجل الأعمال وقريب بشار الأسد “رامي مخلوف” تنقل جنوداً روس من مطار “روستوف” جنوب روسيا، إلى مطار دمشق الدولي، ليعملوا كمرتزقة في تشكيلات القوات الروسية المساندة للجيش السوري، بينما يبقى الضباط الروس يعملون في قسم الإشراف والتخطيط.

وبحسب تحقيق رويترز الذي نشرته منتصف آب الحالي، فإن طائرات الإيرباص تنقل جنوداً ومعدات عسكرية لمساعدة جيش الأسد في قتل شعبه.

ولا تظهر الرحلات، التي غالباً ما تهبط في ساعات متأخرة من الليل، في جداول الرحلات الجوية بالمطارات، وتقلع من دمشق أو من مدينة اللاذقية التي تضم قاعدة عسكرية روسية، كما أن هذه الرحلات ليس لها أرقام ضمن شاشات الرحلات الجوية.

وتتبع مراسلو الوكالة الرحلات الجوية بين مطار روستوف وسوريا من 5 كانون الثاني 2017، إلى 11 آذار 2018، وخلال تلك الفترة، سيّرت شركة “أجنحة الشام” 51 رحلة ذهاب وعودة، مستخدمة في كل مرة طائرات إيرباص إيه 320 التي يمكن أن تقل ما يصل إلى 180 راكباً.

قوة السياسة تنبع من قدرة إعلامها على توجيه الرأي العام، كما أن الإعلام يستمد قوته وتأثيره كسلطة رابعة، من القوة السياسية والسيادية في البلد الذي يعمل فيه، والإعلام هو أهم وسيلة مجتمعية للتأثير في الرأي العام.

لكن إعلام ;ndashالكومبارس- الذي يمثل دور الإعلام الوطني، في حين أنه عاجز عن نقل الحقيقة في الوطن الذي يعمل لأجله، ينتقل من دور سلطة إلى دور المتهوم بالخيانة العظمة “الخيانة الوطنية” فالكذب عن حرية الوطن المستلب هو خيانة عظمى للوطن، وتمكين للمحتل.

في القرون الماضية تم استخدام السلاح كوسيلة لفرض السيطرة والاحتلال ضدّ بلدان العالم الثالث، إلّا أنّه في الوقت الحاضر يتمّ استغلال وسائل الإعلام خصوصاً الإلكترونيّة منها ووسائل التواصل الاجتماعيّ في فرض الهيمنة الفكرية في محاولة للسيطرة على شعوب هذه البلدان، فهناك قدرة عميقة لوسائل الإعلام في التأثيرعلى عقول الناس والسيطرة على أفكارهم وتوجهاتهم، ممّا جعل هذه الوسائل الإعلاميّة وخصوصاً الحديثة منها تغزو عقول الناس، من حيث قدرتها على زرع الأفكار والتوجهات التي لم تكن موجودة.

ومن جهة أخرى لعبت وسائل الإعلام الحديثة، وبالخصوص وسائل الاتّصال الاجتماعيّ في التاثير على الأفراد بحيث جعلتهم عبارة عن أسرى يخضعون لهيمنة أجهزتها وبرامجها بحيث أصبحو أقرب إلى ما يكون رهينة للبرامج الإعلاميّة التكنلوجيّة، ممّا أثّر سلباً على طبيعة الأخلاق المجتمعية.

يؤيد غالبية سكان الساحل السوري المحسوبون على النظام السوري، الروس، بل ويتوددون للجنود الروس، حتى أن الأمر تعدى مرحلة الإعجاب، وبدأت مرحلة الانصهار؛ محلات المشروبات الكحولية غزت أسواق اللاذقية وجبلة وطرطوس، وفتحت معاهد لتعليم اللغة الروسية، وباتت الأغاني الروسية العسكرية منها والرومانسية مهوى أسماع أهل اللاذقية.

المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيس يلاحظ، مدى قبول أهالي الساحل السوري بالثقافة الروسية الوافدة، حتى أنها أقرب إليهم من الثقافة الإيرانية، مما يعني أن الإعلام السوري بات مغزواً أيضاً وما هو إلا هيكل صوري لمرحلة مؤقتة، مثله مثل نظامه ورئيسه الذي بات دمية بيد الروس تارة والإيرانيين تارة أخرى.

يلعب الإعلام الوطني دوراً هاماً ولا سيما أثناء الحروب والأزمات، لذا فإن دور مؤسسات الإعلام الوطني يكون مضاعفاً إذ أن الجبهة الإعلامية من أهم الجبهات في مواجهة الحرب النفسية ومن ثم تدعيم السيادة الوطنية عبر الرفع من معنويات الجماهير.

هذا بالنسبة للإعلام الوطني لكن الإعلام السوري اليوم مشكوك بوطنيته أساساً، حتى يتمكن من تحقيق أدنى مستوى من المهام الموكلة إليه أيام الحرب أو السلم، في مملكة مظلمة ما يُعلن عنها مغاير تماماً لما يجري في أروقة قصرها المحتل وشوراعها الشاحبة.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى