fbpx

سوريا إلى أين؟.. الجواب: فليكن

سوريا إلى أين؟ الجواب: فليكن. السؤال المتكرر، والذي لا يمل أصحابه من ترداده: ـ فيما لو سقط النظام، إلى أين ستذهب البلاد؟ أيّ كانت إجابات من يواجه هذا السؤال، سواء إجابات تعتمد الحسابات وقراءة قوانين التحوّل، أو إجابات تتكئ على الرغبة، فلابد أن لا تكون دقيقة، ذلك أن المستقبل، يحمل احتمالاته، ويبقى خارج التحكّم، فالمستقبل حمّال احتمالات. المؤكد، أن الماضي مقروء، وهو وهو ما يستدعي السؤال: ـ ما الذي يمكن أن تضيفه آلام المستقبل إلى آلام السوريين؟ منذ استيلاء آل الأسد على السلطة، مالذي حدث للبلاد؟ ـ انتقلت سوريا من بلاد الطبقة الوسطى، التي تنتج الحرير، والدامسكو، والبروكار، وتحدث أول تجربة استمطار صناعي في العالم، وكان ذلك عام 1956، إلى بلاد مملوكة للموظف الحكومي، والذي أدى إلى نزوح الصناعي، ومحاصرة المزارع، والبدء بافتتاح أول كوة للفساد، فبات الاقتصاد الوطني محكوم للبيرقراطي البطئ، المعيق، قاتل المبادرة وعدو الابتكار. ـ انتقلت البلاد من البرلمان، وقد جمع تحت سقفه الشيوعي، مع الإسلامي، مع البورجوازية الوطنية، لتحتكم الحكومة إلى البرلمان، فانتقلت البلاد إلى “مجلس الشعب”، حيث الشعب هو : الحزب القائد، ومنوعات الحزب القائد وجهاز الاستخبارات. ـ انتقلت من الصحافة الحرة، حيث كان لها 56 صحيفة يومية وأسبوعية، صباحية ومسائية، إلى صحافة الحزب القائد بصحيفتيه “الثورة” و ” البعث”، وكلتاهما نسختان مشوهتان عن (القائد)، الذي لايكل ولا يمل من تكرار نشر صوره حتى باتت جدران البلاد غاليري لصور الرئيس. ـ استبدلت مراكز التفكير، بزنازن التكفير، فالكافر فيها من لايكون نسخة متكررة ومشوهة عن الرئيس، حتى زاد عدد المراكز الاستخباراتية والبوليسية عن عدد المشافي والمدارس وصالات العرض المسرحي مجتمعين. ـ احتكرت (العائلة) الثروة وقد تقاسمها أخوال الرئيس، وعمومة الرئيس، وأبناء أخ الرئيس، وأبناء أخوات الرئيس، حتى باتت البلاد مملوكة لآل الرئيس، والسكّان رهائن للرغيف وللكرّاس المدرسي وسرير المشفى وحبّة الدواء. ـ قتلى السجون أضعاف بمئات المرّات من قتلى الحروب. ـ الصمت في البلاد بات الفضيلة، والكلام بات فيها مغامرة تقود إلى المقصلة، واللعب على الكلام لم يعد ممكناً كلّما تقدّم جهاز الاستخبارات في التأويل. ما الذي تبقّى للبلاد؟ كانت الثورة، وهي لم تنجز “ثورة” وهذا صحيح، فلقد أخفقت الثورة يوم تكالبت عليها اللعبة الدولية، وحوصرت بشح التجربة، واستولى عليها صبيان نظام الأمس استعداداً للقفز إلى نظام جديد. حدث ذلك، غير أنه حدث معه أن انتقل الناس إلى الصرخة الأولى، إلى طرق باب الخزّان، ومن العبث الإقلال من قيمة طرق باب الخزّان، فبيت السلطة (المسكون)، سقط جداره، ومع سقوطه سقطت هيبتها، ومع سقوط هيبتها انتعشت هيبة الناس وقيم الحياة، على ما واجهت هذه القيم من مجازر ومقابر وتهجير وترحيل. ـ ما الذي يحمله المستقبل؟ ليس هو السؤال، فالسؤال هو: ـ ما الذي خسره الناس غير قيودهم؟ وما الفرق في عمق الحفرة المحتملة إذا كان الأمس هو الحفرة باليقين؟ ما الذي سيخسره الناس إن كانوا في أمسهم من سكان طن الغول، وأي غول سيحمله المستقبل أكثر عتهاً وقسوة وعنفاً من غيلان الأمس؟ المستقبل ممتلك للمستقبل، والخوف من جحيم الغد، ليس له مكاناً بالنظر إلى جحيم الأمس. سوريا في مخاضها .. حسناً. ما من أمة امتلكت كرامتها إلاّ وواجهت هذا النوع من الاحتمال العسير. يقولها ذاك الشاب الخارج من الموت تواً: ـ فليكن.. نعم فليكن.. كل احتمالات المستقبل لن تحمل للبلاد ماهو أبشع من عصابة اليوم وقد حكمت البلاد لخمسين عام. نردد معه: ـ فليكن. “مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى