fbpx

"سورنة الجزائر".. سلامتك يا بلد المليون شهيد

على الدوام كان السؤال عن مصير الجزائر مقترناً بـ: بمن تُحكم؟ وكانت الإجابات غامضة أو شديدة التبسيط. نعم.. هو ذا حالها، فالإجابة على الدوام كانت : ـتُحكم الجزائر بأفراد من الجيش، والأجهزة الأمنية، وبنخبة سياسية. بطبيعة الحال، الإجابة لم تكن كافية، فثمة تحت البساط حكومة ظل، هي واحدة من افرازات ما بعد الاستقلال، فبعد حربها الضروس مع فرنسا، وانتزاعها الاستقلال، يحكى أن واحداً من أبطال الثورة الجزائرية، وقد بترت ساقه أيام الثورة، تحوّل إلى (فرّاش) في واحدة من مدارس (البويرة) التي يديرها أحد العملاء البارزين لفرنسا، أيام الاستعمار الفرنسي، فكان أول حصاد من حصاد الثورة استيلاء عملاء فرنسا على منجزات الثورة، لتتحقق مقولة تشي غيفارا: المغامرون يشعلون الثورة، والعملاء يقطفون حصادها. هو ذا الحال في الجزائر التي  أسست ما بعد استقلالها لنظام الحزب الواحد والتسلط العسكري، فكانت النتيجة وكما يقول المحامي الجزائري يحيى عبد النور:”حررنا الجزائر ولم تحرر الانسان”، وهكذا جاء نظام الحزب الواحد ليكرّس شكلاً من الطغيان استثمرته الحركات الأصولية الجزائرية، فكانت “العشرية السوداء” التي استنبتت “دواعش” جزائريون، حاوروا الشعب بالسكاكين، فكان خيار الناس الجزائريين ينحصر ما بين واحد من خيارين: استبداد الحزب الواحد وسدنة العسكر، أم قبول الاسلاميين المتطرفين. وهو الخيار الذي بات استثماراً للجنرالات الجزائريين الذين احكموا قبضتهم على البلاد، وكان اختيارهم قد وقع على بوتفليقة ليكون رئيساً للبلاد، وأسوة ببقية الدكتاتوريات العربية، اختط بورقيبة لنفسه صيغة: قائدكم إلى الأبد. حتى وهو على الكرسي المدولب كان خياره، وهاهو الخيار الذي يدخل الجزائريين بالكارثة، أو يضعهم على حافة الكارثة، لمجموعة من الأسباب: بداية، ليس ثمة قوى سياسية في الجزائر يمكن أن تشكل جامعاً وطنياً للجزائريين بعد تغييب الحياة السياسية في الجزائر لمدة خمسين عاماً. توافق القوى المسيطرة من عسكر ورجال أعمال على بوتفليقة، كونه الشخصية الستار التي يمكن اللعب من خلال وضعها كستار، وهي قوى لم تحسم حتى اللحظة موازين القوى فيما بينها فاختارت ديمومة الحال على ما استمر عليه الحال لمدة خمسين عاماً. والحال كذلك ما الذي بوسع الحركة الجماهيرية المسلوبة من تعبيراتها السياسية أن تفعله؟ سيكون الحال أقرب الى الحال السوري، وهذا ما أدركه الجنرالات الجزائريون الذين لوّحوا للناس في الجزائر بالقول :”ستسورنون الجزائر”، ويقصدون أن الحركة الشعبية سـتاخذ الجزائر إلى ما آلت اليه سوريا. ما يحدث اليوم في الجزائر، هو النتيجة.. هو خلاصة حكم الحزب الواحد المتحالف مع العسكر والفساد، والواضح من الصورة حتى اللحظة، أن الحركة الجماهيرية في الجزائر لم تنتج نخبها السياسية حتى اللحظة، غير أنها ما زالت متمسكة بالحراك السلمي وتحييد الجيش عن المعركة مع النظام الفضيحة، غير هذا الحال لارهان عليه، فالجيش في الجزائر لن يختلف كثيراً عن الجيش في سوريا، فهو المؤسسة المحكومة للأجهزة الامنية، وبالتالي ليس مستبعداً فيما لو تصاعدت الحركة الجماهيرية أن يخرج الجيش من ثكناته بمواجهة الناس، وحينها ستكون الكارثة الكبرى. كارثة أن تختار الجزائر ما بين ضباع العسكر، أو الفوضى، وفي الحالين ستكون الجزائر الى دمار. المخرج الوحيد من المعادلة القاتلة، هي أن يبقى الجيش في ثكناته، وأن يتعالى الكفاح السلمي في الشارع الجزائري ريثما ينجز نخبه وقياداته وبرنامجه في إدارة البلاد، غير ذلك ستكون الجزائر الى مهب الرياح. هوذا الحزب الواحد.. القائد الواحد.. الثكنة وهي تحمي كليهما. سلامتك ياجزائر.. كل ما نرجوه أن لا تتكرر التجربة السورية في بلد المليون ونصف المليون شهيد. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.''

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى