fbpx

تصعيد في الجنوب السوري: المفاوضات بالحسم أو النار

“برغم انسحاب وفد الفصائل المسلحة من “محادثات بصرى” من دون اتفاق على التسوية، والتهديدات التي خرجت بفتح معارك شرسة، يبدو التصعيد الذي تلا انهيار جولة التفاوض، مفتاحاً لعودة نحو مفاوضات أكثر “واقعية” من جانب الفصائل، أو لمعركة مفتوحة في الميدان”، نحو هذا الاستخلاص ذهبت تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما فشلت جولة أخرى من المفاوضات بين وفد فصائل من المعارضة السورية المسلحة والجانب الروسي، وكانت جولة تهدف إلى اجتراح اتفاق تسوية يشمل كامل المنطقة الجنوبية، ويحيّد خيار الحسم العسكري.
الجولة، وفق معلومات متقاطعة، وهي رابع لقاء بين الطرفين المفاوضين، انعقدت بعد ضغط أردني على قادة الفصائل، أعاد ممثليهم إلى طاولة التفاوض في بلدة بصرى الشام، برغم الاتهامات التي كالها عديد منهم ضد قائد الفصيل الذي يسيطر على البلدة (شباب السنّة) إثر موافقته على ;laquo;مصالحة;raquo; محلية.
الوفد المعارض حمل معه مجموعة من الشروط والبنود تشرح رؤيته لـ”التسوية” المفترضة، وتضمنت في ما تضمنته: تسليم السلاح الثقيل على مراحل، وعودة قوات الجيش السوري إلى خطوط التماس ما قبل انطلاق العمليات (قبل أسبوعين)، وإبقاء الإدارات والسلطات المحلية بيد الفصائل، غير أن تلك الشروط قوبلت، وفق المتوقع، بالرفض، على اعتبارها تحاول فرض واقع لا يتناسب وتوازن القوى الحالي في الجنوب، ومع انفراط عقد الجولة الجديدة، وكالعادة عقب سابقاتها، خرجت الفصائل مهددة بإطلاق معارك شرسة ضد الجيش السوري وحلفائه، ومطالبة بـ”فتح جبهات حماة وإدلب واللاذقية”، في الشمال. وفي المقابل، كثف جيش النظام استهدافاته المدفعية وغاراته الجوية عقب انتهاء المحادثات والهدنة المؤقتة، وخاصة على مواقع في النعيمة وصيدا والطيبة وطفس،ومن المتوقع أن يصعّد الجيش من عملياته العسكرية عقب هذه التطورات، بهدف إعادة الفصائل إلى طاولة التفاوض تحت ضغط مجريات الميدان، ولا يبدو أن الأردن، بما يملكه من أوراق ضغط على بعض الفصائل، يراهن على غير خيار التفاوض.
– المتوقع: معارك الجنوب مفتوحة، والروس سيكممون أفواه مجلس الأمن:
ميدانيًا، توقع مدنيون من المهجرين نحو الحدود الأردنية، أن الوضع سيتجه إلى معارك مفتوحة من شأنها أن تعمّق أزمة المدنيين داخل بلدات الجنوب، أو العالقين على الحدود. وبدا واضحاً في إعلان قيادة ;laquoالعمليات المركزية في الجنوب;raquo; فشل المحادثات، أن هناك تعويلاً على ;laquo;وساطة أممية;raquo; تشرف على أي جولة مقبلة. وتزامن ذلك مع اجتماع طارئ يعقده مجلس الأمن اليوم، بدعوة من الكويت والسويد (التي ترأس دورة المجلس الحالية)، لبحث تطورات الجنوب السوري. ومن المتوقع أن تكون الجلسة منبراً لجدل جديد روسي ــ غربي، بشأن سوريا، من دون أن تحقق أي اختراق يغيّر مسار الأحداث الحالي، فروسيا تنسّق بنحو ثنائي خطواتها في ما يخصّ إدارة هذا الملف، مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية فيه، إذ استضاف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، نظيره الأردني أيمن الصفدي، وأكدا ضرورة تنفيذ اتفاق “خفض التصعيد” بما يتضمنه من بنود خاصة بـ”مكافحة الإرهاب”. ولفت لافروف إلى أن الاتفاق ينص على “سلسلة معينة من الإجراءات، وبهذا لن تكون هناك قوات غير سورية في المنطقة”، مشيراً إلى أن “الجيش السوري سيسيطر في النهاية على الحدود مع إسرائيل”، وشدد على أن البنود المتعلق تنفيذها بالجانب الروسي، قد أنجزت في الغالب، لتبقى “القضية المطروحة الآن هي أن يقوم شركاؤنا بما تعهدوا (به) كجزء من الاتفاق”.
– العالقون على الحدود:
من جانب آخر، أعلن الأردن فتح 3 ;laquo;معابر إنسانية;raquo; مع سوريا، بهدف تسهيل عبور المساعدات للنازحين داخل الحدود السورية، ووفق الأرقام الرسمية، فقد وصل عدد شاحنات المساعدة التي دخلت من الأردن خلال الأيام الأربعة الماضية إلى 122 شاحنة، وبالتوازي، أشار مدير إدارة الدفاع المدني في المفرق الأردنية، خالد الشلول، وفق صحيفة “الغد” الأردنية، إلى أن كوادر المديرية “تعاملت مع 57 حالة لنازحين سوريين، بعدما أحضرتهم الجهات المعنية” إلى المنطقة الحرة الأردنية ــ السورية المشتركة.، وبيّن أنه جرى إسعاف 34 حالة وإعادتها إلى الداخل السوري، فيما نُقلت 23 حالة أخرى إلى مستشفى الرمثا الحكومي.
أصوات عربية: لا حلول عسكرية لأزمتي سوريا وليبيا.. هذا ما يقوله سامح شكري:
على المستوى العربي، وفيما يتصل بالحرب في جنوب سوريا، جدد وزير الخارجية المصري سامح شكري، يوم أمس، تمسك القاهرة بضرورة إيجاد تسوية سياسية للأزمتين في سوريا وليبيا.
وقال شكري، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الألماني هايكو ماس، عقد في برلين، إن الأزمات التي تمر بها المنطقة لا حلول عسكرية لها.
ودعا الوزير المصري إلى ضرورة العمل على إيجاد تسوية سياسية للأزمتين الليبية والسورية، مؤكدا أن بلاده تبذل جهودا في هذا الصدد.
أما فيما يتعلق بسوريا فذكر البيان أن شكري أشار إلى ;أهمية إحياء العملية السياسية والعودة لمفاوضات جنيف التي لم تعقد أي جولات لها منذ ستة أشهر، والتنسيق الكامل مع المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا لضمان تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري في أسرع وقت
– طائرات النظام، من إحراق الخيمة إلى تدمير المسرح:
تعرّض مسرح مدينة “بصرى” الشام لتدمير في بعض أجزائه، جراء عمليات قصف جيش النظام السوري والطيران الروسي، لمدينة درعا التي يعتبر المسرح المذكور، أحد أشهر معالمها التاريخية، وأحد أشهر المعالم الثقافية التاريخية، على مستوى العالم.
وتشير الأنباء التي بدأت بالورود على مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، منذ أواخر شهر حزيران/ يونيو الفائت، إلى أن مدرج بصرى قد أصيب بأكثر من عملية قصف نفذها جيش النظام السوري، والطائرات الروسية، والمدافع العائدة للميليشيات الإيرانية التي تقاتل مع جيش الأسد، حاليا، جنوبي سوريا.
وذكرت أنباء من مصادر مختلفة أن قصفاً روسياً أصاب قلعة مسرح بصرى التاريخية، كما أصيبت مدرّجاته، هي الأخرى، حيث تساقطت قطع كبيرة من مقاعده الحجرية التي صمدت قرابة 14 قرناً دون تخريب، حتى اعتبر مسرح بصرى الوحيد في العالم الذي يحافظ على بنائه، كاملاً بين جميع المسارح الرومانية.
واستهدف القصف جوانب مختلفة من المسرح التاريخي الفريد، كساحته التي تقع في جهة الغرب، والجزء المعروف فيه باسم “متحف التقاليد الشعبية”.
وقام عدد من الآثاريين والمعارضين السوريين، بأوقات مختلفة، بمناشدة منظمة “اليونيسكو” التي أدرجت مدينة بصرى التي يقع فيها المسرح، في قائمة التراث العالمي، لحماية هذا التراث الإنساني الفريد، من التدمير المتواصل الذي يلحق به جراء عمليات قصف جيش الأسد، لمدينة درعا، والذي طالها أكثر من مرة، منذ بدأ النظام السوري بقصف مناطق المعارضة السورية.
وأكد أنس المقداد، الآثاري والأكاديمي السوري، في تصريحات صحافية لزمان الوصل المعارض، أن منظمة اليونيسكو لم تتدخل لحماية بصرى ومسرحها، وأنه رغم الرسائل التي توجه بها إلى المنظمة المعنية أممياً، بحماية التراث العالمي الإنساني، فإنها لم تستجب لنداءاته، أبداً.
وأشار المقداد إلى أن قصف جيش النظام والطائرات الروسية، لم يطل وحسب مسرح بصرى وقلعتها، بل طال الجامع العمري، وكاتدرائية بصرى الشام، ومناطق عمرانية أخرى ذات أهمية تاريخية لا تقدر بثمن.
وأكدت مواقع صحافية مختلفة، عبر صور منشورة، تعرض مدرج مسرح بصرى، لتدمير في بعض أجزائه جراء القصف الروسي وقوات الأسد، الأسبوع الماضي. إلا أن أهمية هذا المكان، على مستوى التاريخ العالمي، تجعل من تضرره الجزئي، فاجعة تاريخية وأكاديمية، أيضاً.
يذكر أنه على الرغم من عدم وجود توافق بين الآثاريين والمؤرخين، حول الزمن الدقيق لبناء مسرح بصرى، إلا أن هناك إجماعاً على أنه بني ما بين عامي 117 و138 للميلاد، وبُعيد وفاة ملك الأنباط الذي كان يتخذ من مدينة بصرى عاصمة له.
ووفقا للدكتور سعيد الحجي، الآثاري والأستاذ السابق بجامعة دمشق، فقد ورد ذكر مدينة بصرى، في مراسلات “تل العمارنة” في عام 1350 قبل الميلاد، والتي تم الكشف عنها عام 1885 ميلادية، وتعتبر أرشيفاً ملكياً فرعونياً مكتوباً بالخط المسماري، قال عنه عالم المصريات الشهير الدكتور زاهي حواس، إنه “أرشيف ملكي فريد من نوعه، يؤرخ للدبلوماسية المصرية خلال أزهى عصور مصر الفرعونية” بحسب ما كتبه لـ”الشرق الأوسط” اللندنية، بتاريخ 14 يونيو 2012.
ويتّسع مسرح بصرى المنحوت من حجر بازلتي، لأكثر من 15 ألف متفرج، في منطقة ترتفع 850 مترا عن سطح البحر، شهدت استيطاناً بشرياً منذ العصر البرونزي القديم، وكانت عاصمة الإقليم العربي الروماني، ثم عاصمة الأنباط، وطريق القوافل العربية، ثم واجهة الفتح الإسلامي، في وقت لاحق.

وكالات
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى