fbpx
أخر الأخبار

نجلاء رمضان.. منقذة من الفساد والإفلاس أم ناقصة عقل ودين؟

كما لو بقبضة من حديد، يشتغل الرئيس التونسي “قيس سعيد”، وهو الرجل العاري من “العسكر”، ومدافع العسكر وحوّاماتهم وطوربيداتهم، فالرجل كان قد أقدم على مواجهة “حزب النهضة”، وهو الإسلامي المتجذّر والمتمدد في التنظيم العالمي لجماعة الإخوان، ومن ثم حلّ الوزارة، وجمّد البرلمان، وكان (عليه) شارعًا مضادًا كما (له) شارع من الموالين.

هذا الرجل قد يبدو لغزًا، فالتصرف على هذا النحو من القوّة، لابد ويطرح سؤالًا:

ـ ما الدعامات التي يستند إليها سعيّد كي لاينهدّ حائطه.

سؤال ستكون الإجابة عنه مؤجلة، فالتاريخ لايبدو مستعجلاً كما حال أسئلة الناس.

غير أن خطوته الواسعة جاءت أمس، وكانت الخطوة في تعيينه لـ “امرأة” بمنصب رئيس لوزراء تونس، وهي خطوة لابد وستقابل بالكثير من التأمل والاندهاش، ذلك أنها وقعت في واحدة من دول المرأة فيها “مهيضة الجناح” فيما الخطاب اإسلامي يؤكد على كونها “ناقصة عقل ودين”، وهو مالم تصادفه أي من الدول الغربية وقد حظيت أنجيلا ميركل بسمعة فاقت بقيمتها سمعة أعتى رؤساء الحكومات بمن فيهم ونستون تشرشل، صاحب الباع الطويل والسيجار الثخين والحرب العالمية الاولى وقد اجتاحت أساطيله البحار، كما لم يقع الاستهجان من قبل ميركل، حين كانت مارغريت تاتشر رئيسة لوزراء الامبراطورية العظمى التي كانت بلادًا لاتغيب عنها الشمس، ولا حتى التركية تانسو تشيلر وكانت رئيسة لوزراء  بلادها وقد مهد مصطفى كمال الطريق للمرأة في الدولة العلمانية التي لا تعتبر المرأة “ناقصة عقل ودين”.

قيس سعيد عين نجلاء رمضان رئيسًا لوزرائه، فمن هي نجلاء رمضان؟

 إنها سيدة قيرانية (مواليد 1958)، أستاذة علوم الجيولوجيا في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس.

قبل  تكليفها كانت تشغل مهمة تنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وتولت قبل ذلك مناصب عدة في مجال التخطيط والإدارة ضمن الوزارة.

وفي يوليو/تموز الماضي، أعفى سعيّد رئيس الحكومة هشام المشيشي، كما أقر جملة من التدابير الاستثنائية من بينها تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب، وهو ما اعتبره خصومه “انقلابا”.

وجاءت إقالة المشيشي بعد مظاهرات كبيرة في عدة مدن تونسية.

وتعرض سعيد في الأسابيع الماضية لضغوط من سياسيين تونسيين وبعض المانحين الغربيين من أجل تعيين رئيس للوزراء وتوضيح الخطوات التي ينوي اتخاذها لاحقا.

وقبل أيام، أعلن سعيد عن “تدابير استثنائية” تعزز صلاحياته التشريعية والتنفيذية، وهو ما أثار انتقاد أطراف سياسية في تونس.

في مقطع فيديو نُشر على الإنترنت، قال سعيد إن اختيار نجلاء رمضان شرف للمرأة التونسية وطلب منها اقتراح حكومة في الساعات أو الأيام المقبلة “لأننا أهدرنا الكثير من الوقت”.

وأشار إلى أنه على الحكومة الجديدة الاستجابة لمطالب وكرامة التونسيين في كافة المجالات، بما في ذلك الصحة والنقل والتعليم.

وأكد سعيد على الطبيعة “التاريخية” لاختيار نجلاء رمضان، واصفا الأمر بأنه “شرف لتونس وشرف للمرأة التونسية”.

وقال إن المهمة الرئيسية للحكومة الجديدة ستكون “وضع حد للفساد والفوضى التي انتشرت في العديد من مؤسسات الدولة”.

التجربة الديمقراطية في تونس، ومنذ إطاحة الرئيس السابق زين العابدين بن علي في عام 2011، كانت قد حظيت بثناء دولي، لكن الكثير من التونسيين لم يشهدوا إلا تحسنًا طفيفًا في حياتهم وأصيبوا بخيبة أمل بسبب إخفاقات العملية السياسية والفساد.

واليوم تواجه تونس أزمة مالية بعد سنوات من الركود الاقتصادي التي تفاقمت بسبب جائحة فيروس كورونا والصراع السياسي الداخلي.

وتتعرض السندات الحكومية لضغوط، ووصلت وتكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد إلى مستوى قياسي.

كل هذا سيلقى على عاتق السيدة رئيس الوزارة، ما يعني أنه سيتحتم عليها:

ـ التحرك بسرعة كبيرة للحصول على الدعم المالي للميزانية وتسديد الديون بعد أن أدى انتزاع سعيد للسلطة في يوليو/ تموز إلى تعليق المحادثات مع صندوق النقد الدولي. وكان الاقتصاد التونسي يعاني من أزمة قبل تفشي جائحة كورونا، وكان تأثير الوباء على الاقتصاد الوطني وعلى الشركات الصغيرة المحلية كبيراً جداً.

فقد ارتفعت نسبة البطالة إلى نحو 18 في المئة، وفقاً للإحصاءات الرسمية، كما قفزت بطالة الشباب إلى أكثر من 36 في المئة بنهاية عام 2020.

وتضرر قطاع السياحة، أحد أهم القطاعات الاقتصادية في تونس، بشدة بسبب جائحة كورونا. كما تأثر قطاع التصنيع، ونتيجة لذلك انكمش الاقتصاد في عام 2020 بنسبة 9 في المئة.

إنها المهمة الشاقة، بل الصعبة، غير أن ما يخفف من تحدياتها هو أن دور رئيس الوزراء سيكون أقل أهمية مما كان عليه في الإدارات السابقة، بعد إعلان سعيد الأسبوع الماضي أن الحكومة ستكون مسؤولة أمام الرئيس وأنه يمكنه اختيار أو إقالة الوزراء.

معظم النخبة السياسية السابقة في تونس، بما في ذلك معظم الأحزاب في البرلمان المعلق، يعلنون معارضتهم  انتزاع سعيد للسلطة.

وهنا سيبرز السؤال:

ـ إذا ما تمكنت السيدة “نجلاء” من انتشال بلادها من المديونية والفساد والفوضى، هل سيكتب التوانسة تاريخ انتشالهم لـ “نجلاء”، أم لـ “سعيّد”.

وإذا ماغرقت السفينة التونسية بوزارتها الجديدة، هل سيعودون إلى المأثرة الفريدة في تاريخ السواد:

ـ المرأة ناقصة عقل ودين؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى