fbpx

عودة السفارات إلى دمشق؛ كي لا نتهم العرب بالخيانة

تخوين الدول العربية التي فتحت سفاراتها في دمشق، واتهامها بالتخلي عن الشعب السوري، هو أمر غير واقعي، ولا يمت إلى اللعبة السياسية التي تجري الآن في سوريا بأي صلة. نفهم من عودة السفارات إلى دمشق التالي: أولاً: اقتربت بالفعل نهاية الوجود الإيراني في سوريا، ومن المرجح أن تبلغ ذروة مغادرة الإيرانيين لدمشق ومحيطها وجنوبي سوريا ما قبل نيسان القادم، أي قبل موعد الانتخابات الإسرائيلية، لأن نتنياهو يرى في مغادرة الإيرانيين لسوريا ورقته الانتخابية الوحيدة الرابحة، في ظل الأزمات الداخلية التي يواجهها على الصعيدين الحزبي والشخصي. ثانياً: العودة العربية لدمشق لا تعني طعن الشعب السوري في الظهر، وليس كما تروجه بعض وسائل الإعلام التي ترى في ذلك انتصاراً لنظام الأسد، واعترافاً عربياً بهذا الانتصار، ولكنها بمثابة دخول دبلوماسي عربي إلى دمشق، كتمهيد لرحيل الدور الإيراني عنها، وهو ما يعني أن مظاهر دمشق سوف تتغير قريباً، ويعني أيضاً أن هناك عملية سياسية صامتة ستأتي بعد خروج إيران، ستنتهي بتشكيل حكومة معينة، وبالتالي فإن دور الحكومة القادمة، لن يكون استمراراً لنظام الأسد، لأنه سيذوب قسراً بداخلها أمام نظام جديد سوف تفرضه معطيات سياسية تأتي من خلال تدخل أمريكي ذكي في سوريا، يهدف الى منح العرب دوراً اساسياً في صياغة الحلول القادمة. ثالثاً: ما يريده نظام الأسد من عودة العرب هو ان يطمئن على استمرار وجوده، بعد إدراكه أن الجدار الإيراني أوشك على الانهيار، ما يعني أنه يبحث عن حماية عربية (وشرعية عربية) وهذا يعني أن الانتصارات التي صنعها النظام بمعاونة روسيا وإيران بات يدرك أنها لا تساوي فتح سفارة عربية واحدة في دمشق. رابعاً: خروج إيران ودخول الدبلوماسية العربية سيعني تلقائياً أن الدور السياسي الروسي سيكون من خلال المسار السياسي العربي، والذي سيتم تحت المظلّة الأمريكية، وهو ما سيعني أننا أمام عملية سياسية جديدة مختلفة تماماً عن سابقاتها. علينا أن نتذكر جيداً تجربة صربيا في البوسنة والهرسك، وعلينا أن نتذكر أن مجرمي الحرب قد يفلتون مؤقتاً بسبب تعقيدات السياسة، لكن استمرارهم هو أمر مستحيل. خامساً: فيما يتعلق بالمعارضة السورية، سوف نشاهد في الأيام القادمة، أننا أمام عملية فرز جديدة، وربما تشكيلات جديدة.

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى