fbpx

مشاهد وصور من ديموقراطية النظام السوري

بعد سيطرته مجدداً على مناطق واسعة من الجغرافية السورية، وفرض سلطته الأمنية على مواطنيها؛ راح النظام السوري اليوم يعرض مسرحيات (ديموقراطية) شكلية، تمكّنه من انتزاع الصورة النمطية المتجذّرة داخل أذهان السوريين، بغية حرف أنظارهم عن جوهر تركيبته الإجرامية، والحيلولة دون المساس بها. بدأت إحدى المسرحيات عقب انتشار مقطع مصوّر يظهر فيه عنصر في ميليشيا الجيش الوطني، مستعرضاً جريمة تحرّشٍ طالت طفله من قبل (زميل) له في الميليشيا؛ ليتبيّن أيضاً أن الزميل قد ارتكب عشرات حالات الاغتصاب، لكن القاضي يطلق سراحه بعد كل عملية توقيف. تناقلت الصفحات الموالية والمعارضة المقطع، كلّ من زاويته؛ لا سيما بعد انطلاقة العرض المتمثّل بزيارة وزير النظام لموقع الحدث، وما تبعه من عمليات تغطية والتقاط صور من قبل صحفيين تناولت لقاء الوزير مع رئيس النيابة في مكتب الأخير، يأمره بإعادة اعتقال المتهم وعرضه على القضاء. مسرحية ثانية تناقلتها وسائل الإعلام الموالية والمعارضة، ترصد زيارة (مفاجئة) لوزير الداخلية لمؤسسة النقل؛ إذ يكتشف الوزير موظفاً يقوم بتشليح 50 ليرة سورية إضافية من كل مواطن (ما يعادل 10 سنتات)، ليتبين لاحقا ًأن النقابة المسؤولة تمنح ذلك الموظف “هامش ربح بسيط” جراء عمله الوظيفي! سخرت المواقع والصفحات من الوزير -الجاهل بقوانين مؤسسته واختلاساتها (البسيطة)- لا سيما بعد إطلاق سراح الموظف. يوجّه لنا النظام، من خلال المسرحيتين، رسالة مفادها بأن حقوق المواطن مُصانة، وأن الحراك المدني (الحرّ)، الراصد لحالات الفساد المؤسساتي، مشروعٌ، ومُتابَع من قبل وزرائه. ما يثير استغرابنا حقيقةً، ينبع من استنتاجات فريق من السوريين بأن الثورة أحدثت فارقاً، وأدّت إلى تغيّرات في جوهر النظام لم يعد بالإمكان تجاهلها! ابتلع البعضُ خدعة المسرحيتين، وصدقوا حكاية تفاعل النظام مع المطالب المُعلنة للجمهور؛ فكان نتيجة لذلك قيام طلاب جامعيين بتنظيم اعتصام، للاحتجاج على إلغاء دورة الامتحان التكميلية بغية إلحاقهم بالجيش؛ فظنّوا أن وزير التعليم العالي سيلبي رغبتهم أسوة ببقية الوزراء. عندها، جاء الردّ المعهود للنظام، فاعتقل المعتصمين ومؤيديهم؛ وحال انتشار شرطته العسكرية ودوريات الأمن دون تسريب مقطع واحد يرصد وحشية التعامل مع الطلاب، الذين تخطّوا خطوط مسرحياته الحمراء (التظاهر والمساس بالجيش). استمرت العروض مع مسرحية “عباس النوري”، واستفزازه لمسلّمات ومقدّسات العامة بعد تطاوله على صلاح الدين الأيوبي، وما تلاه من منشورات “نضال نعيسة” (المعارض الوطني) تتّهم صلاح الدين بالطائفية والعنصرية و(الداعشية)، ومطالبةً بإزالة تمثاله من وسط دمشق؛ لتأخذ المسرحية أبعادها (الديموقراطية) مع قيام بعض خطباء مساجد دمشق، بتوجيه من النظام، بانتقاد النوري ونعيسة، وعرض مآثر صلاح الدين في خطبة الجمعة. والحال، فقد انساقت محطّات تلفزة (ثورية)، وصفحات ناشطين، وراء مناقشة تلك المسرحيات، بصورة ساخرة، إلا أنها تقاطعت مع سعي النظام السوري في تسويق (ديموقراطية) فساده المقنّعة، دون المساس بجوهره الإجرامي الحقيقي. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى