fbpx

العالـــقون على الحدود؟!

استقبلت كندا لاجئاً سورياً مكث محتجزاً غير بعيد لسبعة أشهر في مطار كوالالمبور، في دولة إسلامية اسمها ماليزيا، كواحدة من قصص العالقين السوريين التي انتهت بالأمل. ومن قبله كانت حكايا عالقين سوريين كثر، بعضها انتهى بالأمل، بعدما اجتاز حدود الجغرافيا العربية، وبعضهم تكفلت بهم أمواج البحار دون أن تسمح لهم بترك رسالة أو كلمة لذويهم. كنا قبل سنوات طويلة نتساءل عن سبب هجرة الفلسطينيين البعيدة، حيث أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية قليل أمام كثرتهم في أوروبا وامريكا الشمالية والجنوبية والوسطى وجنوبي افريقيا، واليابان وحتى جزر الواق واق، وكنا نعيب عليهم هذا الأمر كثيراً. ولما بدت جراح الشعب السوري والتي فاقت في نزفها كل جراح، ولما بات السوري يبحث عن أي مكان فيه فقط (معادلة الحياة) أمام الموت الذي يلاحقه من كل صوب، بدت لنا الصورة مختلفة، وبتنا نفهم معادلات جديدة، وهي أن أول صرخة للطفولة في الدنيا مؤذنة ببداية الحياة، تعني أن هذه الجدران المحيطة بهذا الطفل، هي الرحم القاسي المحيط بالمولود، والمكون من الاسمنت والاسفلت والسادة والسياط والعبيد، وأن هذا جلد هذا المخلوق الطرّي مهما كبر لا يحتمل قسوة السياط، وأن الوطن هو ما يصنعه الانسان بنفسه بين ثنائية الاسفلت والاسمنت وهو ما يعني معادلة الحياة. العالقون، هو مصطلح نحته الفلسطينيون للتعبير عن حالة خاصة عاشها بعضهم ممن كانوا يجدون أنفسهم على حدود أو بعض مطارات الدول. وبسبب حملهم لوثيقة السفر تلك، فهم يعيشون معاناة خاصة ولكن بالعموم، لا يمكن مقارنة معاناة الفلسطيني بالمعاناة السورية، لأن الفلسطينيين كانت أصل مشكلتهم الصراع على الأرض، وظلت جزر الحياة متوفرة لهم حتى بمن وقعوا تحت الاحتلال، والذين هم اليوم يمثلون أكبر تحدي للاحتلال داخل ما يسمى مناطق الخط الأخضر، بينما كُبلت مأساة السوريين أمام نظام استباح الغالبية منهم لذاتهم، وذلك لأنهم أرادوا كرامتهم وراح يستنزف منهم روح الحياة، ما اجبرهم على هذا الرحيل المرّ نحو مصير مجهول، لأجل اقتناص وصيد لحظة الحياة تلك، ومن لم ينجح باصطياد فرصته في الحياة طحنته آلتها من كل صوب. شكراً لكل العرب الذين يحتجزون أو يقومون بالترحيل للعديد من السوريين إلى النظام المجرم لكي يقوم بصلبهم على مشنقة الموت. وشكراً لـ ماليزيا وعموم الدول الإسلامية، فلربما اكتشفنا متأخرين ذلك السر الذي سبقنا به اللاجئون الفلسطينيون. هي ليست دعوة للهجرة الى البعيد.. هي دعوة لفتح باب الأمل فحسب. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى