fbpx

كُلْ نفسك أو دعنا نأكلك..

مرصد مينا

واضح أن الإسرائيليين يشتغلون عل توسيع الحرب بما يطال لبنان، كل لبنان، دون الاكتفاء على ما اصطلح بتسميته “قواعد الاشتباك”، فخلال أسبوع واحد ثمة اغتيالين، أولهما اغتيال القيادي “الحمساوي” صالح العراوري وحدث الاغتيال في المربع الأمني لحزب الله، أي في عمق داره، ، والاغتيال الثاني طال القيادي في حزب الله “وسام الطويل”، الأمر لذي يضع حزب الله أما معادلة قاتلة:

ـ فتح الجبهة، كل الجبهة، ما يعني توسيع الحرب إلى درجة بالغة الشدّة.

ـ الاستسلام لأمر واقع تفرضه إسرائيل.

وفي أيّ من الحالين، سيتحوّل لبنان إلى جبهة مفتوحة، لا يرى أحد من اللبنانيين بأنها تماثل أو تساوي حرب ٢٠٠٦، فلا اقتصاد البلد يحتمل ما احتملته تلك الحرب، ولا توافقاً وطنياً يقود لبنان إلى وحدة الصف، بما يشكل إسناداً شعبياً للحزب، وهذا ما يدركه بنيامين نتنياهو ويستثمر فيه، بما يجعله يفرض على لبنان توقيته، ويضع البلد في مهب الريح، وكان سبق لبنيامين نتنياهو أن هدد لبنان بإعادته إلى العصر الحجري.

الإدارة الأمريكية، اشتغلت على تلافي هذا الاحتمال ما بعد الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو وصولاً لسحب بارجتها الحربية  “جيرالد فورد” عن الشواطئ، وكان جو بايدن قد كرر تصريحاته المناهضة لتوسيع دائرة الحرب بموازاة إطلاق يد إسرائيل في غزة، غير أن أصواتاً من حكومة نتنياهو كررت القول :”إسرائيل ليست النجمة الواحدة والخمسين من العلم الأمريكي”، وبهذا شقت عصا الطاعة على الإدارة الأمريكية، ما يعني إدارة الظهر لمساعي الأمريكية، وكانت “ونعني المساعي” قد وصلت مرحلة طرح تسوية سياسية على لبنان تتضمن ترسيم الحدود البرية، ما يعني خطوة على طريق سلام لبناني مع إسرائيل، ومن يصغي جيداً إلى خطابات حسن نصر، وآخرها على وجه التحديد لابد سيلمس ليونة كبيرة في هذا الاتجاه، ما يقابله على الضفة الإسرائيلية، تصعيداً كبيراً يرى في الحرب وحدها الصيغة المعتمدة التي ستكون “آخر الحروب”، ما بعد إنهاء حماس واجتثاث حزب الله، ما يعني سلام مع منطقة خالية من أية ممانعة، أو أي شكل من المقاومة، وتلك هي العقيدة الإسرائيلية الممثلة بشخص بنيامين نتنياهو وأركان حربه.

قبول حزب الله بالاشتراطات الإسرائيلية ورفع الراية البيضاء يعني فيما يعنيه أن “يأكل حزب الله نفسه”، ودخوله في حرب مرتفعة الشدّة متخطياً قواعد الاشتباك، يعني فيما يعنيه أن يدع إسرائيل لتأكله، فلا ميزان القوى عسكرياً يسمح بدخول حرب بالغة الشدّة، ولا الموقف الشعبي اللبناني يشكّل حدّاً أدنى من الإسناد لحزب الله فيما لو وسّع المجابهة، وما القرصنة التي وقعت على مطار بيروت والتي استهدفت حزب الله سوى مثالاً بالغ الدلالة عن حقيقة الحالة الشعبية اللبنانية التي ستكون على التضاد من خيار توسيع المجابهة.

الإسرائيليون يدركون المعادلة، ويشتغلون عليها، كما يدفعون حزب الله للاشتغال على توقيتهم.

من الوجهة الإسرائيلية ستكون المعادلة في مخاطبة حزب الله على النحو التالي:

ـ كُل نفسك، أو دعنا نأكلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى