fbpx

“مزمار” فلاديمير بوتين.. ترويض الكوبرا

مرصد مينا

الزعامة، وتحديداً الروسيّة لا تأتي من البرلمان، الزعامة هناك، تأتي من الشخصية الروسية، تلك التي لا تكون إلاّ بـ “الذراع الممدودة”، ولولا ذلك لما احتل تمثال الفارس إياه اكبر ساحات موسكو، ففيها ثمة من يقول:
ـ سأذهب إلى نهايات كل شيء، لا إلى وسط الأشياء.
هي هكذا الشخصية الروسية بما فيها شخصيات دوستويفسكي / تشيخوف وسواهما، فأن تقاتل، تقاتل حتى الموت، وأن تسكر فالحال لا يحتمل نصف نشوة، وهكذا بدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقابلة مع تاكر كارلسون تلك التي حصدت مليار مشاهدة، لتشكل واحدة من أوسع مشاهدات القرن الواحد والعشرين، وهي تستحق ذلك ففيها:
اشتغل بوتين على محاضرة انتقامية مدتها ٣٠ دقيقة تتصل بتاريخ أوكرانيا مع روسيا، ليؤكد على كل مفترق، أن أوكرانيا ضلع من أضلاع روسيا الأم.
ـ أثبت بالكثير من الدلائل تلك الموجة النازية التي اجتاحت أوكرانيا ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وتلون موجة الأكرنة بالمزاج الفاشي، ولم يكن هذا مجرد تهم أو مجازفات دعائية.
ـ أثبت أيضاً أن اشتغال الولايات المتحدة على توسيع الناتو بما يشمل أوكرانيا لا يعني سوى حصار روسيا ومن ثم تقليصها ما بعد تقليم اظافرها.
نجح في استفزاز محاوره، دون أن يفقد برودة أعصابه وحيوية نظراته الثاقبة، بعينيه الصغيرتين، ما كبّل مذيع المقابلة وقد بدا خلال المقابلة وعلى طولها، مجرد عجينة يطويها الرئيس ومن ثم يعيد طيّها ليشويها حين يشاء.
بلا أدنى شك قلّص فلاديمير بوتين من حجم خصمه جو بايدن، إلى الحد الذي لا يذكره، ففيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، قال بوتين إنه “لم يتحدث مع الرئيس جو بايدن” لكنه أضاف أن موسكو وواشنطن بينهما اتصالات معينة و “مستمرة” ولكنه:
ـ “لا أستطيع أن أتذكر متى تحدثت معه ”
مضيفاً:
“ولكن لماذا يجب أن أتذكر كل شيء؟ لدي الكثير من الأشياء الخاصة بي للقيام بها. لدينا شؤون سياسية داخلية”.
زاد على ذلك بالقول أن بايدن ارتكب “خطأ فادحا ذا أبعاد تاريخية” بدعم أوكرانيا.
في المقابلة نفى أن يكون لدى موسكو طموحات توسعية، أو استمرار احتلال الأراضي الأوكرانية ذات السيادة، وقال إن روسيا ليس لديها مصلحة في مهاجمة بولندا أو لاتفيا أو الدول الأوروبية الأخرى. ورفض مثل هذه الادعاءات ووصفها بأنها “مجرد ترويج للتهديد”.
مقابلة يمكن وصفها بـ “تحبس الأنفاس”، فقد لعبها بوتين كما عازف المزمار، ملاعب الثعابين، فما هي حكاية ملاعب الثعابين:

مبدئياً يلاعب “عازف المزمار” ثعباناً تمّ أسره، وهكذا بدا تاكر كارلسون “ثعباناً في الأسر”.

ـ في عروض سحرة (عازفو المزامير) لا يوجد في الواقع أي شيء سحري، وهناك العديد من الاحتياطات التي تحد من خطر التعرض للّدغ، غير أن ما ليس سحراً لابد وأن يبدو سحراً.

ـ يكون الملقي (عازف المزمار) على مسافة آمنة من الكوبرا، وهو خارج نطاق اللدغة تقريبًا. وعادة ما يكون الثعبان ضعيفًا ومتباطئًا ومترددًا في الهجوم بسبب الجوع والجفاف. في بعض الحالات، يُصعق بمواد معينة، أو يُغلق فمه، أو يُحرم من أسنانه أو يفرز السم من غدده قبل العرض، وكل وقائع المقابلة تقول بأن تاكر كارلسون قد وقع بما سبق.
ـ يبني عازف المزمار عرضه فقط على التنبؤ بسلوك “الكوبرا” ومعرفة المسافات التي يشنون منها هجماتهم عادة.. وكل وقائع المقابلة تفيد بأن بوتين قد تنبأ بـ “سلوك الكوبرا”.

من المعلومات الإضافية أن حركات “الكوبرا” لا تتبع الأصوات التي يصدرها المستخدم: إنهما تتبع الآلة، “المزمار”، التي يحملها الساحر ويُلوّح بيديه على إيقاع الموسيقى، والتي ربما تبدو في نظر الثعبان بمثابة تهديد. عندما يتوقف المستخدم عن اللعب والحركة، تتوقف الكوبرا أيضًا: عند هذه النقطة، بعد أخذ قياسات جيدة، يستفز الساحر “الكوبرا” بالتلويح بالعصا أو اليد ويحثها على شن هجوم فارغ، ثم يمسكها بسهولة خلف الرأس ويحبسها في السلة.
وهكذا فعل فلاديمير بوتين، ففي اللحظة التي كانت أسئلة المذيع تتركز على مكان، كان على فلاديمير بوتين أخذ المذيع بالحوار إلى مكان آخر فكانت النتيجة:
ـ اقتلاع الأسنان السميّة لمذيع ومحطة، وكانت النتيجة:
مليار مشاهدة لفلاديمير بوتين ليشكل انتصاراً حربياً لم يسبق أن شهدته الشاشة من قبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى