fbpx

الملك عبد الله للأسد: أنت كاذب.. الأمير بندر بن سلطان يروي كيف انقلب بشار على السعودية ‏

انتهت الحلقة الأولى من حديث الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية وأمين عام مجلس أمنها الوطني ‏وسفيرها الأشهر لدى الولايات المتحدة لصحيفة “اندبندنت عربية” حين بدأ الحديث عن عزاء الرئيس السوري الراحل ‏حافظ الأسد، واللحظات الأولى للعزاء وعن اللقاء الأول بين الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز – ولي العهد ‏في ذلك الوقت – برئيس النظام السوري الحالي بشار الأسد، وكيف اضطر الملك عبدالله لتمديد إقامته في دمشق لضمان ‏أن بشار ليس بحاجة لمساعدة أو تعرضه لتهديدات من حزب البعث أو قيادات الجيش في سوريا. ويبدأ الجزء الثاني ‏بالحديث عن تهيئة الأجواء العالمية لبشار الأسد كي يبدأ جولاته واتصالاته بالولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة ‏وفرنسا‎.‎ تمديد الملك عبدالله إقامته في دمشق ودعوة أولبرايت ذكر الأمير بندر حديثاً خاصاً دار بين بشار وولي العهد السعودي وقتها، والملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وكيف أن ‏القلق على سوريا دفع الملك للمكوث أكثر في دمشق. قال الأمير: “التفت إلي الملك بعد أن أطلعني على ما جرى ‏وأخبرته بما دار بيني وبين بشار قبل وصول طائرة الملك”. وذكر الأمير أن الملك فجأة قرر تمديد إقامته في سوريا، ‏وأنه أخبره أنه قال لبشار “اسمع، كنت أنوي العودة إلى المملكة الليلة، لكنني سأنام هنا الليلة. وسأرسل لمصطفى طلاس ‏واللواء حكمت الشهابي – رئيس هيئة أركان الجيش السوري في عهد حافظ الأسد – ونائب الرئيس عبدالحليم خدام لأؤكد ‏عليهم أننا نقف مع بشار الأسد، ولا نقبل بأن يلعب أحد بذيله معك، ولكي يقف رجال والدك كلهم إلى جانبك‎”.‎ لم يبق شيء يمكن أن تفعله السعودية أو الملك عبدالله أو أنا لـ “الولد هذا” حتى نضمن بقاء سوريا قوية ونظامها قوياً إلا ‏فعلناه ويسرد الأمير بندر تفاصيل حديث الملك مع بشار، على لسان الملك عبدالله ويقول: “سألته هل أرسل الأميركيون وفداً، ‏قال نعم مادلين أولبرايت – وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس بيل كلينتون – ستصل غداً متأخرة وتغادر بعد ‏التعزية. قال الملك نريدها أن تبقى، قال بشار: ولكنهم قالوا إنها ستغادر…أمرني الملك بالاتصال بالرئيس الأميركي بيل ‏كلينتون، كي يطلب من أولبرايت البقاء في سوريا والاجتماع ببشار الأسد بعد مغادرة المعزين. قال كلينتون لي: هل هي ‏ضرورية؟ قلت نعم. قال أخبرها، قلت له يا رئيس أنت تخبرها‎”.‎ وسط هذا السرد، قال الأمير عبارة تبين حجم الشعور بالخيبة تجاه بشار الأسد وانقلابه على الجميل السعودي حسب ‏وصفه وهي: “لم يبق شيء يمكن أن تفعله السعودية أو الملك عبدالله أو أنا لـ “الولد هذا” حتى نضمن بقاء سوريا قوية ‏ونظامها قوياً إلا فعلناه‎”.‎ طلبات بشار بلقاء شيراك وكلينتون‎ !‎ يقول الأمير، إنه بعد شهرين من صعود بشار إلى سلم الحكم، واستقرار الأمور السياسية في سوريا، طلب منه الملك ‏عبدالله الذهاب إلى دمشق ولقاء بشار، ويقول الأمير بندر: “ذهبت فعلاً، واستقبلني بشار بطلبات … ترتيب زيارة له إلى ‏فرنسا وطلب مقابلة الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وقال إنه لا يعرف كيف يحصل على دعوة. سألته أين تريد أن تذهب؟ ‏قال باريس ولندن. قلت له سأستأذن من الملك. عدت إلى السعودية وأخبرت الملك، فاتصل برئيس الحكومة اللبناني ‏الراحل رفيق الحريري، الذي كان يتواجد صدفة في المملكة، جاء الحريري وكان لا يعطي اهتماماً لبشار الأسد في حياة ‏حافظ، ويتجاهل الطلبات التي يرسلها إليه، ويقول “جيبوا موافقة من حافظ”. ولم يكن رفيق الحريري يفعل هذا إهانة ‏لبشار، بل احتراماً لحافظ الذي أرسل للحريري قائلاً: “إياكم وأن يأتيكم أحد ويقول لكم الرئيس أرسلني، أو يطلب ‏مساعدة، لو كان هناك أي شيء أنا أكلمكم‎”.‎ ويواصل الأمير حديثه عن بشار وطلباته وشخصيته: “واستطراداً، بشار عكس ذلك تماماً. فقد أرسل لي ابن خاله رامي ‏مخلوف، رسالة عاجلة لوالدي الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، حين كان وزيراً للدفاع، يطلب فيها رؤية الأمير ‏بندر، ثم الأمير سلطان، قلت له ما الموضوع؟ قال هناك مشروع في وزارة الدفاع السعودية وهناك شركة فرنسية مع ‏عدة شركات في المشروع وأنا وعدتهم (أن ترسو عليهم المناقصة). قلت له توقعت وجود مشكلة كبيرة، قال هذا ‏موضوع مهم لنا. قلت له أنصحك أن لا تذهب للأمير سلطان، الموضوع لا يستحق إخبار الأمير به. ذهبت للأمير ‏سلطان في منزله وأخبرته بذلك، فاندهش من الطلب، واتصل بـ علي الخليفة مدير مكتبه، وسأله هل هناك شركة فرنسية ‏قدمت على المشروع الفلاني… قال نعم، قال احذفوها، في غضب من الأمير سلطان على الطلب والتوسط في هذا ‏المشروع‎”.‎ وبعد هذه القصة يعود الأمير بندر لطلبات بشار في اللقاء الذي عُقد عقب وفاة حافظ، وما كلفه به الملك عبدالله: “وبالعودة ‏إلى موضوع طلب لقاء شيراك ورئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، وجّهني الملك بلقائهما، والقول إننا ننصح بلقاء ‏بشار، رفيق الحريري قال إنه مضطر للعودة إلى بيروت ليومين ثم يذهب، فقال له الملك عبدالله لا داعي، بندر سيتولى ‏الموضوع.  ذهب بشار إلى باريس واستقبل استقبالاً لائقاً، ثم انتقل إلى بريطانيا واستقبله رئيس الوزراء. وبعد هذه ‏الزيارات بدأ يتغير، وبدأ يتسلل البرود فيه وفي تعامله معنا‎”.‎ وبعد الحفاوة قبل أن يصبح بشار رئيساً، وبعد حصوله على ما يريد، تغير تعامله مع الأمير بندر شخصياً ومع السعودية ‏بشكل عام، ويحكي الأمير قصة عن ذلك: “طلب مني الملك عبدالله من جديد الذهاب إلى دمشق، لإخبار بشار الأسد بأن ‏الجانب الأميركي يلح على فتح موضوع محادثات السلام والجولان. ذهبت، وجعلني أنتظر يوماً، واستغربت من ذلك. ‏في صباح اليوم الثاني، اتصلوا بي وقالوا الرئيس بانتظارك. جئت ووجدته منتظراً عند الباب. رحّب بي وسألني عن ‏جلالة الملك والعائلة قلت له: خادم الحرمين يسأل بالنسبة للولايات المتحدة، هل قررت شيئاً، لأنهم يسألون، أو ما رأيك ‏أو قرارك حتى نستطيع المساعدة، قال لي: “لا أحبّذ (ماني هاضم) – وهنا تحدث الأمير بلكنة سورية مقلداً بشار حين قال ‏العبارة السابقة –  موضوع المباحثات كاملة”. قلت له “خير”. وكنت حريصاً على أن لا يكون هناك أي ضغط من ‏السعودية عليه. وقلت “أودعك”. وأصر علي كي أبقى، فأجبته “لا داعي للبقاء”. فجأة قال لي: كيف أستطيع الاتصال بك؟ ‏قلت له بأنني لا أحمل هاتفاً جوالاً، لكنني أعطيته رقم الضابط المرافق معي. وسألته: وأنت كيف أتصل بك مباشرة؟ قال ‏هناك شخص أثق فيه ثقة تامة، هو محمد سليمان. وهذا رقم هاتفه – العميد محمد سليمان هو من كان له علاقة بكوريا الشمالية ‏بشأن المفاعلات النووية وهو أيضاً حلقة الوصل بين بشار وبين أجهزة الدولة، والعميد سليمان قتل على يد قناص من ‏البحرية الإسرائيلية أثناء استقباله لضيوف في منزله الكائن على الشاطئ الذهبي في طرطوس، وكان الرئيس بشار الأسد ‏في حينها بزيارة إلى طهران- عدت إلى السعودية وأخبرت الملك، فقال “نحن نريد مساعدته‎”.‎ في الطريق إلى لبنان بالسيارة، في ذلك التوقيت، تعرض الأمير نواف بن عبدالعزيز لجلطة، ولهذا استعجل الملك ولم ‏يقض وقتاً طويلاً في بيروت أو دمشق بعد القمة، لكنه تحدث مع بشار الأسد بشكل شخصي وقال له: إسمع يا بشار أنت ‏ورفيق الحريري واحد، وأنتما مثل أولادي، وأحمّلك مسؤولية أي شيء يحدث له، وقد أعذر من أنذر، وبعد مرور سنة ‏ونصف استقال رفيق الحريري من منصبه تدريجياً بدأ بشار يقوم بتصرفات غريبة، بدأ يزور إيران وبدأت تحصل تحركات غريبة لسوريا في لبنان، شعرنا أن هناك ‏شيئاً ما، لكن الملك قال “أهل مكة أدرى بشعابها”، إذا كانت هذه العلاقات والتحركات تخدم بلاده فهو أدرى‎.‎ رفيق الحريري يبدو أن تجاهل الحريري قديماً لطلبات بشار الأسد واشتراطه وجود موافقة من والده حافظ الأسد، حملها بشار في صدره ‏بعد وصوله لسدة الحكم. يقول الأمير بندر إن الرئيس رفيق الحريري بدأ يشتكي من تصرفات بشار، ويضيف الأمير: ‏‏”جاءت قصة الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود والتمديد له. نجح الحريري في إقناع النائب  – في حينها – وليد جنبلاط ‏ونبيه بري وبعض المسيحيين بأنه لا ينبغي التمديد لإميل لحود. فذهب مدير الأمن العام اللبناني جميل السيد إلى رئيس ‏مجلس النواب نبيه بري (بإيعاز من بشار) ، ويبدو أن الزيارة كانت للتهديد، وبعد اللقاء بين جميل السيد ونبيه بري، أعيد ‏التصويت ووافقوا على التمديد للحود. رفيق الحريري غضب واستقال، وعيّن سليم الحص رئيساً للوزراء، وجرت ‏انتخابات بعد فترة، عمل فيها رفيق الحريري الغاضب، بجهد مع المسيحيين والدروز والسنة، وخرجت النتيجة بأغلبية ‏لصالحه. الأحداث معروفة، جن جنون السوريين، ونقلوا رئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان اللواء غازي كنعان، ‏وأصبح وزير داخلية، وتم تعيين اللواء رستم غزالي كبديلٍ عنه. وتلقى رفيق الحريري تهديداً بالقتل، فاستقل طائرته ‏وجاء إلى السعودية وأخبر الملك عبدالله بما حدث‎”.‎ يقفز الأمير بندر أثناء الحوار إلى معلومة ثم يعود لأخرى، ويقول : “في العام 2002 عقدت القمة العربية في بيروت، ‏ووصلتنا معلومات حول إمكانية تنفيذ عمل إرهابي يستهدف طائرة الملك عبدالله ولي العهد آنذاك، خاصة أن الضاحية ‏الجنوبية، منطقة حزب الله تمتد حدودها حتى سور مطار رفيق الحريري الدولي. اقترحنا على الملك عبدالله – ولي العهد ‏في ذلك الوقت-  الذهاب إلى دمشق، والتوجه بالسيارة إلى بيروت من هناك. سُعد بشار الأسد بهذه الخطوة، وتوجّه رفيق ‏الحريري وإميل لحود إلى الحدود اللبنانية السورية لاستقبال الملك عبدالله‎.‎ خلال تلك القمة كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات سيلقي كلمة، ولم أعد أذكر هل كانت من رام الله أو من تونس، ومن ‏منعه من حضور القمة في لبنان هم السوريون، وحين عرفوا أنه قد يلقي خطاباً عبر الأقمار الصناعية، أبلغوا إميل لحود ‏بأن يقطع الإرسال عليه لمنع بث كلمته‎”. ‎ ويواصل الأمير سرد القصة : “في الطريق إلى لبنان بالسيارة، في ذلك التوقيت، تعرض الأمير نواف بن عبدالعزيز ‏لجلطة، ولهذا استعجل الملك ولم يقض وقتاً طويلاً في بيروت أو دمشق بعد القمة، لكنه تحدث مع بشار الأسد بشكل ‏شخصي وقال له: إسمع يا بشار أنت ورفيق الحريري واحد، وأنتما مثل أولادي، وأحمّلك مسؤولية أي شيء يحدث له، ‏وقد أعذر من أنذر، وبعد مرور سنة ونصف استقال رفيق الحريري من منصبه‎”.‎ ويكمل الأمير سرد القصة : “كان رفيق الحريري في إجازة، وأصيب في يده، جاءه رستم غزالي وقال له الرئيس بشار ‏الأسد يريدك فوراً، فتشاور مع أكثر من شخص، وليد جنبلاط قال له لا تذهب للأسد، عد إلى السعودية لفترة، وقال له نبيه ‏بري إن ذهبت وحدث لك شيئ فهم المسؤولون. واستقال الحريري وقرر الذهاب لدمشق، وقبل أن يذهب التقى بعبدالحليم ‏خدام الذي طلب منه عدم التعليق على ما يقوله له الأسد وقال له بعد أن تلتقيه عد إلى بيروت ثم اذهب إلى المملكة، لأنني ‏أرى تحركات واجتماعات مريبة. وكان خدام يقصد اجتماع بين بشار والأجهزة الأمنية وأطراف أخرى‎”.‎ ويسرد بندر بن سلطان تفاصيل إضافية نشر بعضها سابقاً عن لقاء الحريري ببشار : “عند دخوله على بشار الأسد، لم ‏يجد الحريري وزير الخارجية فاروق الشرع أو عبدالحليم خدام، بل وجد غازي كنعان – الذي انتحر بثلاث طلقات في ‏رأسه لاحقاً ولأول مرة نعرف أن شخصاً ينتحر ثم يضع المسدس على المكتب . مات جميع الضباط لاحقاً، وتم إخفاء كل ‏دليل مادي يوصلك إلى من قتل الحريري- قصة الأسد مع الحريري معروفة، بدأ الأسد بالشتم والهجوم وقال له نفّذ كل ما ‏يطلبه منك لحود واذا كنت تعتقد بأن علاقتك مع الملك عبدالله والسعودية، وجاك شيراك ستحميك “والله لأطبق لبنان على ‏رأسك أنت ووليد جنبلاط”. ومن كثرة الشتم والتهجّم عليه نزف الحريري دماً من أنفه نتيجة للشحن والضغط الذي ‏تعرض لهما بعد ما سمعه من كلام وتهديد. مر خدام بالحريري وقال له: ألم أقل لك؟ فرد الحريري، سأستقيل ولن أتحدث ‏مع أحد، لكنني لن أخرج من لبنان. توجه الحريري إلى جنبلاط وأخبره بما حدث، وبعد هذه الحادثة بأسابيع وقع تفجير ‏واغتيل الحريري، واتصل الملك عبدالله ببشار وأسمعه كلاماً قاسياً، وكان بشار يقسم بالله بأن لا دخل له، فجاء رد الملك: ‏إن لم يكن لك علاقة بالموضوع إذاً سلّم من لهم علاقة، نعرف جميعاً أنه لا يمكن أن يحدث شيئ في لبنان دون تدخل ‏منك. وطلب الملك تسليم المطلوبين‎”.‎ بدأ المجتمع الدولي بالتحرك، والأسئلة تدور، ويقول الأمير عن الأيام الأولى بعد اغتيال الحريري : “جاء الرئيس ‏الفرنسي شيراك وقدّم العزاء وتحركت الأمم المتحدة، وجرى الاتفاق على تشكيل لجنة مبدئية ترأسها إيرلندا، تذهب إلى ‏بيروت وتعاين التفاصيل، وترى هل هناك جريمة أم لا، وتجمع الأدلّة وتتأكد إن كانت المحاكم اللبنانية قادرة على التنفيذ، ‏أو أن هناك حاجة إلى محكمة دولية‎.‎ وظهرت النتيجة، وتوصلت اللجنة إلى أن ما حدث يعتبر جريمة وأن هذا الحجم الضخم من المتفجرات مستحيل أن ‏يكون لشخص، ورأت بأن المحاكم اللبنانية غير قادرة على متابعة هذا الملف، إذ سبق أن اغتيل 4 قضاة قبل الحكم على ‏قضايا مختلفة، وكان التحقيق جارياً بملفاتهم منذ 20 عاماً، فتم توجيه النصح بتشكيل محكمة دولية‎.‎ التحقيق في اغتيال الحريري وخداع بشار للسعودية‎ …‎ يواصل الأمير بندر سرد قصة ما بعد اغتيال الحريري: “طلب مني الملك عبدالله الذهاب إلى بشار الأسد، وهذه كانت ‏المرة قبل الأخيرة التي أراه فيها تقريباً. فتوجهت إليه في دمشق، وقلت له تعاون مع المحكمة الدولية. فأجابني: “أخ بندر ‏ما فيه دليل، شو الدليل”. قلت له: هذا يعود للمحققين، لدينا علم بالزيارة الأخيرة لرفيق الحريري وماذا قلت له. فرد بشار: ‏غير صحيح، جاء وقال إنه يريد أن يستقيل قلت له هذا أمر يعود لك واستقال. قلت له: غير صحيح، هو استقال ثم جاء ‏إليك بعدها‎.‎ ونصحته خلال اللقاء بتفادي غضب الملك عبدالله. وأخبرت بشار بأن لجنة تحقيق دولية ستتشكل، وفي هذه الأثناء سيبدأ ‏أيضاً تشكيل المحكمة وهذا سيأخذ وقتاً. وقلت له إن اللجنة ستذهب إلى بيروت وتبدأ التحقيق ويريدون عدة أسماء، لا بد ‏من موافقتكم على التحقيق معهم. فسألني من هم؟ قلت له أخوك ماهر، ونسيبك آصف شوكت، واللواء جامع جامع ‏وأسماء أخرى. صمت بشار لدقائق ثم قال: التحقيق أين سيكون؟ قلت في مقر اللجنة، اختير لها فندق في الجبل حتى يتم ‏تأمينه، والشهود والمشتبه بهم يذهبون إليه ويعودون. رد بشار أنه لن يسمح لضباطه بالذهاب إلى لبنان للتحقيق معهم، ‏فشرحت له بأن أفراد لجنة التحقيق الدولية وهم مختارون من الأمم المتحدة، هم من سيحققون، وليس اللبنانيين. رفض. ‏فعرضت عليه أن نقترح عليهم المجيء إلى دمشق، فوافق على العرض. أقنعنا الأميركيين والفرنسيين بذلك، وجاء فريق ‏فعلاً والتقى بفريق بشار الأسد وأخذ أقوالهم سراً‎”.‎ لم يكن السعوديون وحدهم من يشعر بالمرواغات من قبل بشار الأسد، بل إن أحد أعضاء فريق التحقيق – ألماني الجنسية ‏‏- قال بعد عودتهم من دمشق أنه يجب عليهم المغادرة. يقول الأمير بندر عن السبب : “حين وصل إلى مقر الأمم المتحدة ‏أخبر المسؤولين عن التحقيق، بأن مترجم ضباط بشار الأسد، لم يكن يترجم الأسئلة والأجوبة بشكل صحيح، وبأنه جرى ‏تفتيشهم قبل دخولهم ولم يتمكنوا من التسجيل. جاك شيراك اتصل بالملك عبدالله، واستنكر ما يحصل من خداع وتلاعب ‏من قبل بشار وتحدث معه عن ضرورة الخروج بقرار من مجلس الأمن‎”.‎ وهناك مصادفة غريبة متصلة بالموضوع، وهي أن العماد ميشال عون، الرئيس اللبناني الحالي، كان في الولايات ‏المتحدة وقتها، يقوم بـ “لوبيينغ” حملات ضغط في الكونغرس لفرض عقوبات على بشار وسوريا ولطلب سحب قواتها ‏من لبنان‎”.‎ حرج بين الرياض وباريس بسبب بشار‎ !‎ وعن الزيارة الأخيرة، حدث ما لم يحدث من قبل، فبعد الود الذي بدأ قبل أن يتولى بشار الرئاسة، حتى أصبح رئيساً، وقع ‏حرج بين الرياض وباريس تسبب به رئيس النظام السوري… يقول الأمير بندر : “عُدت مرة أخرى إلى سوريا، ‏وأطلعت بشار على جدية الموقف وقلت له إن الحبل بدأ يقصر، وأن خطوة واحدة تفصله عن أن يصبح وحيداً وأنه لن ‏يجد من يرد عليه السلام. قال لي حينها: أنا فكرت في الموضوع، وأوافق على أن تستجوب اللجنة الضباط بشرط استثناء ‏‏”ماهر وآصف”. وثانياً أن يكون التحقيق في جنيف أو فيينا، وثالثاً بأن يكون هناك ضمانة بعودتهم إلى سوريا بعد ‏التحقيق. قلت له هذا تقدم في العرض، لكنني سأتطوع وأقول لك شيئاً. تعرف ماذا كان والدك الراحل يقول عن والدي؟ ‏وسردت له قصة بين الراحلين، وهي أن الأمير سلطان بن عبدالعزيز حين كان وزيرا للدفاع كان يتحدث مع حافظ الأسد ‏وقال له: أقضي عيد الحج في تبوك والصيف أمضيه في الجنوب وفي الزيارتين أكون قريباً من القوات المسلحة ‏وأزورهم. أعجب حافظ بفكرة الزيارات الدورية للقوات المسلحة، وقال إنه سيطبقها”، وأكمل الأمير بندر لبشار شرح ‏القصة والهدف منها : “بعد فترة عدت أنا وزرت والدك حافظ وسألني عن صحة جلالة الملك فهد وعن سمو ولي العهد، ‏ثم سألني عن والدي وقال: “هو لسى بيزور القوات في الأعياد؟”. فقلت له نعم كيف عرفت؟ وقال لي: هو أخبرني، هذه ‏حكمة، وقل له يقول لك حافظ بأن تبقى دائماً في الأعياد عند القوات المسلحة، سيشعرون أنك منهم وفيهم وبينهم، والآن يا ‏أخ بشار ضباطك مطلوبون وستوافق على ذهابهم إلى فيينا باستثناء أخيك وزوج أختك، ولو كنت أنا ضابطاً في القوات ‏المسلحة لن أدين لك بالولاء والطاعة، خصوصاً حين تضحي بهم وتمنع أخاك وزوج أختك من الذهاب. قال لم أفكر بهذه ‏النقطة، ثم رد: أنا موافق‎”.‎ صدمة جاك شيراك بعد حديث بشار، نفذ الأمير بندر ما أمره به الملك عبدالله. الذهاب إلى باريس وإخبار جاك شيراك بالموافقة، وشيراك ‏يخبر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان‎.‎ لكن شيئاً ما حدث بعد زيارة الأمير لباريس، فبعد أن استقل الأمير طائرته وذهب إلى باريس، وأخبر شيراك بموافقة ‏الأسد على تسليم المطلوبين، خرج الرئيس الفرنسي للإعلام وصرح بهذا التطور. وعندها غضب بشار، وأصدرت ‏الخارجية السورية تصريحاً على لسان وزير الخارجية ينفي ما قاله شيراك، وأن دمشق لم تعِد بشيء، ولن تسلم أحداً، ‏ليحرج بذلك الفرنسيين والسعوديين‎.‎ ذهبت إلى بشار بعد الغداء، وقلت له فخامة الرئيس هذا مختصر مفيد، أنت وعدتني بحدوث كذا وكذا، فقال صحيح، ‏وتابعت قائلاً: وأنا أبلغت شيراك وسُعِد بذلك وبدأ يتصل بالعالم للتهدئة وفجأة يخرج منكم تصريح بعدم حدوث اتفاق. ‏وكان رده بأن هذا سوء فهم، ولا تأخذ الموضوع بجدية‎.‎ يتحدث بندر بن سلطان عن الحرج الذي أوقعه فيه الأسد، ويقول جاءه اتصال من الإليزيه ليكون الرد لشيراك “فخامة ‏الرئيس أنا أخبرتك بما حدث، ما قاله وزير الخارجية أو بشار بعد أن خرجت، لا أعرف عنه شيئاً، ولكن دعني أتصل ‏بالملك وأخبره، وسنرى. في هذه الأثناء، بدأت أغلي وشعرت بالخديعة، اتصلت بالملك من الطائرة وأخبرته، وقال نعم ‏وصلتني الأخبار الآن، هذا لعب أطفال. وسألني الملك أين أنت؟ قلت له في الطريق إليكم، فطالبني بالتوجه إلى دمشق ‏فوراً وبأن أخبر بشار الأسد بإصدار بيان متلفز منهم بأنهم وافقوا على الحل وإلا أصدر أنا تصريحاً للصحافة الأجنبية ‏في دمشق، وأقول بأن السعودية رفعت يدها عن الموضوع ولا علاقة لها بالقضية إطلاقاً ونتصرف لاحقاً. وصلت إلى ‏دمشق، واستقلبني وزير الخارجية وليد المعلم في المطار، وقال لي بهمس، ولم يكن يريد أن يسمعنا السائق: “دخيلك ‏هالولد بيدخلنا في المشاكل”. قلت له يا وليد لن يدخلكم في مشاكل، لأنكم الآن في وسط المشاكل. وأخبرني المعلم أننا ‏سنتجه لتناول الغداء أولاً، قلت له لا وقت للغداء سأذهب للقاء الرئيس ثم أعود إلى المملكة. ثم أصرّ فقلت له أين؟ قال في ‏مطعم جميل خارج دمشق، ووافقت. دخلنا إلى مطعم خال تماماً وكبير، رحب مديره بالوزير وبي واتجه بنا إلى طاولة، ‏ولكننا اخترنا غيرها بعد إشارة لي من وليد المعلم، الذي يبدو أنه كان قلقاً من وجود جهاز تسجيل في الطاولة الأولى‎”.‎ انتهى الغداء، وسأل الأمير بندر عن فاروق الشرع وعبدالحليم خدام، وقال وزير الخارجية المعلم إنهما ليسا متواجدين. ‏ويكمل الأمير : “ذهبت إلى بشار بعد الغداء، وقلت له فخامة الرئيس هذا مختصر مفيد، أنت وعدتني بحدوث كذا وكذا، ‏فقال صحيح، وتابعت قائلاً: وأنا أبلغت شيراك وسُعِد بذلك وبدأ يتصل بالعالم للتهدئة وفجأة يخرج منكم تصريح بعدم ‏حدوث اتفاق. وكان رده بأن هذا سوء فهم، ولا تأخذ الموضوع بجدية. قلت له: لا الموضوع جاد وأنا مهموم، والملك ‏متابع، والآن، إذا كنت لاتزال موافقاً أريد إحضار الصحافة السورية والتلفزيون السوري وأي مراسلين موجودين إلى ‏المطار وسأدلي أنا ووليد المعلم بالتصريح نفسه، ويبث للعالم. قال لي: ضروري؟ قلت نعم ضروري. ثم قال: هلا قمت ‏لي بخدمة؟ فقلت له تعبنا ونحن نخدمك. قال: لا أريدك فقط أن تقول في حديثك إن هذا قرار حكيم للشعب السوري ‏ومصلحة سوريا والناس، قلت له لا مانع لدي، لكن تكون المبادرة منكم. وذهبنا للمطار فعلاً، وأعلنت أنا ووليد المعلم ‏عن الأمر نفسه‎”.‎ رفض الملك عبدالله استقبال بشار هذا الموقف، والخديعة، والحرج بين فرنسا والسعودية وتسبب الأسد بالإحراج للأمير بندر مع الرئيس الفرنسي وقتها ‏جاك شيراك، دفع السعودية لأخذ موقف سلبي تجاه بشار، وعدم الترحيب به وتصديقه. ويذكر الأمير بندر قصة، أنه بعد ‏الحادثة وبعد اغتيال رفيق الحريري، وقصة التعارض في التصريحات، طلب بشار زيارة السعودية، لكن الملك عبدالله لم ‏يوافق، وأصر الأسد وطلب الوساطة للزيارة، ووافق الملك عبدالله‎.‎ ويقول الأمير عن تفاصيل الزيارة: “وصل الأسد إلى السعودية، والتقى بالملك عبدالله، وجلسا على انفراد، ثم خرجا ‏وكان ذلك بوجود الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية آنذاك وبوجود الملك سلمان – وكان حينها أميراً للرياض -، ‏والأمير مقرن بن عبدالعزيز والأمير سعود الفيصل. وخرج الملك، وقال لنا اتفقت أنا والرئيس بشار، على أن يذهب ‏رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ويزور دمشق، وأن يستقبله بشار استقبالاً رسمياً، وأن يسكن في قصر ضيافة ‏الرؤساء وعلى أن يعطي بشار توجيهات في لبنان، بعدم الاعتراض على أي قرار يتخذه رئيس الوزراء سعد الحريري، ‏وجميعكم شهود الآن: هل هذا صحيح يا بشار؟ قال بشار باللهجة السورية: “اي نعم جلالة الملك”. رد الملك، إذاً لعلها ‏فاتحة خير، وهذا لا يمنع استكمال التحقيقات الجارية بشأن مقتل رفيق، ورد بشار الأسد بالتأكيد‎”.‎ تواصلت السعودية، حسب الأمير بندر، مع سعد الحريري، وطلبت منه أن يذهب إلى بشار، وأن ذلك يعتبر هزيمة للأسد ‏والمهم هو تغليب مصلحة لبنان. ويحكي الأمير بندر أن السعودية أقنعت سعداً بذلك، وبأن من مات هو رئيس وزراء ‏لبنان وليس والده وأنه بإمكانه أخذ الدولة اللبنانية لأفق آخر، وإظهار قوته بفتح صفحة جديدة سياسياً. وافق الحريري، ‏وذهب إلى دمشق، واستقبله الأسد وسكن سعد في القصر الرئاسي. لكن بعد ذلك بشهر تقريباً انقلب بشار على كل ‏الوعود وأعلنت سوريا أن التحقيقات التي تمت مع الضباط بشأن اغتيال رفيق الحريري لن تعترف دمشق بها وأن ‏سوريا دولة مستقلة وأن هناك دعاية بأنها تعرضت لضغوطات وهذا غير صحيح‎”.‎ بعدها طلب بشار الأسد – حسب الأمير بندر – أن يأتي إلى السعودية مجدداً ويلتقي بالملك عبدالله، رفض الملك، وكان ‏رئيس النظام السوري بشار الأسد يصر. سأل الملك إخوته ومستشاريه، ويذكر الأمير بندر قصة أن الملك سلمان – أمير ‏الرياض آنذاك – قال للملك عبدالله أنه لا داعي للتفكير في الموضوع، بالإمكان إرسال الأمير بندر إلى دمشق لمعرفة ‏سبب إصرار الأسد على الزيارة. التفت إلى الأمير سلمان آنذاك وقال حسب ما يروي الأمير: “قلت له  مبتسماً لا لا طال ‏عمرك، ضحك الملك وطلب من المراسم الملكية دعوة بشار وقال الملك أن (في خاطره شيء يريد أن يقوله لبشار‎)…”.‎ الزيارة الأخيرة لبشار إلى السعودية يروي الأمير بندر قصة الزيارة الأخيرة لبشار الأسد باستدعاء من الملك عبدالله ويقول: “وفي آخر زيارة له للسعودية، ‏وبحضور الأمراء الراحلين سلطان ونايف وبحضور الملك سلمان – الذي كان أميراً في ذلك الوقت – أتى الأسد ومعه ‏فاروق الشرع، وكانت الإشكالية لبنان، ومقتل رفيق الحريري وتسليم الضباط للأمم المتحدة. فقال بشار للملك عبدالله يا ‏جلالة الملك، الحقيقة أنا لست عاتباً ولكن اللبنانيين سيئون ويقول صحفيوهم بأنك مستاء مني، وبأنك تقول عني أحياناً ‏كلاماً “مش طيب”- الأمير يقلد مجددا كيف يتحدث بشار باللهجة السورية -. الأمير سلطان بن عبدالعزيز ابتسم، ولم ‏يظهر الأمير نايف أي ملامح، وبدأنا جميعنا نلتفت إلى الملك منتظرين ما سيقوله. فقال له الملك عبدالله: بشار أنا أعرف ‏عمك قبل والدك، ثم عرفت والدك، ولا تستطيع أن تقول عنه أي شيء غير أنه (حافظ) صادق، لم يكذب أبداً. أما أنت، ‏فكاذب ثم كاذب ثم كاذب، كذبت على بندر وكذبت عليّ وأنا أسامح في كل شيء إلا من يكذبون عليّ… تفاجأ بشار برد ‏فعل الملك ورده، وقال مرتبكاً: لكن يا جلالة الملك أنا رئيس العربية السورية …أنا رئيس العربية السورية. فقال الملك ‏منفعلاً وإن كنت رئيس سوريا؟ أنت كاذب وليس عندي ما أضيفه. ثم قام الملك وخرج‎”.‎ يكمل الأمير سرد القصة أن غضب الملك كان من خديعة بشار ومرواغاته، رغم وقوف السعودية إلى جانبه منذ اليوم ‏الأول لتوليه الحكم، وبعد وصف الملك عبدالله له بالكاذب، توجه الأمير سلطان نحو بشار ليقله إلى المطار فقال الملك ‏سلمان والذي كان أميراً للرياض وقتها، احتراماً للأمير سلطان، أنه هو من سيوصل بشارإلى المطار. يقول الأمير بندر: ‏‏”وبعد ذهابه، ظننا جميعاً أنه سيرد ولن يرضى بما قيل له. لكن الجميع استغرب كيف ظهر القلق عليه، وثنى قدميه تحت ‏الكرسي من القلق حين كان الملك يقول له أنت كذاب كذاب كذاب‎”.‎ يختتم الأمير بندر حديثه عن بشار الأسد وسبب حساسيته من الأمير بندر بقوله: “لأنني عرفته قبل أن يصبح شيئاً، ثم بعد ‏ما ظن أنه أصبح شيئاً، وثالثاً، عنده قناعة في ذهنه بأنني لم أكن أوصل الحقيقة كاملة للملك عبدالله مثلما كنت أوصل ‏الحقيقة للملك فهد، في أيام حافظ الأسد. والمهم أن بشار يعرف الحقيقة، وهو يعرف أنني أعرف الحقيقة‎”.‎ اتهام السعودية بتدمير سوريا تتهم دول عربية وغربية السعودية بالتسبب في دمار سوريا منذ اليوم الأول لخروج المتظاهرين في درعا، وذلك بدعمها ‏لفصائل عدة، ويُتهم الأمير بندر بن سلطان بالمساهمة في نشوء تنظيمات إرهابية ومنها تنظيم “داعش” الإرهابي، وهو ما ‏سيتحدث عنه في الحلقات القادمة. لكنه يرفض أي زج باسم السعودية في تدمير سوريا أو السعي لذلك، ويقول إنه في عام ‏‏1998 بدأ ولي العهد السعودي وقتها عبدالله بن عبدالعزيز – الملك الراحل – جولة عالمية بين الشرق والغرب، ووسط ‏هذه الجولة توقف في نهاية صيف ذلك العام في جزيرة هاواي بعد أن أنهى زيارة رسمية للولايات المتحدة – كان الملك ‏عبدالله وقتها يتولى إدارة شؤون الدولة بتكليف من الملك فهد – ووصله طلب استنجاد سوري بسبب حشود تركية ‏عسكرية ضخمة على حدودها الشمالية. يقول الأمير بندر: “أزمة تركيا وسوريا في 1998 معروفة، حين وصل طلب ‏الاستنجاد طلب الملك مني إرسال رسالة عاجلة لحكومة بيل كلينتون تحمل طلب التدخل الفوري لوقف “العربدة التركية” ‏حسب وصف الأمير عبدالله آنذاك، وكان في الرسالة أن الرياض تقف مع دمشق في أي هجوم تتعرض له… كان التفكير ‏يتركز على حماية سوريا والجيش العربي السوري الباسل، والذي وقف مع السعودية وأرسل قرابة 30 ألف جندي في ‏حرب تحرير الكويت. وسألني الملك عبدالله – الأمير آنذاك – كيف يمكن أن تكون الرسالة أقوى وتؤخذ على محمل الجد ‏؟ وقلت له أن الحل هو إرسال سربين من طائرات‎ F15 ‎محملة بالذخيرة إلى تبوك شمال السعودية، لماذا الذخيرة ؟ ‏والسبب أننا أرسلنا في رسالة طلب التدخل الأميركي لوقف الحشود التركية على الحدود السورية ما نصه أننا سنقف، ‏ولهذا فتحريك الطائرات يعتبر رسالة جدية، وتحميلها بالذخيرة تأكيد كذلك، وفعلاً أرسلت واشنطن مندوباً رفيعاً وأتذكر ‏أنه كان رئيس أركانها، إلى أنقرة وتم السعي لحل الإشكال وسحبت تركيا آلياتها فعلاً، ولهذا فلا يمكن للمملكة التفكير ‏بتدمير أي دولة أو المساهمة بذلك، بل حماية شعبها وجيشها، ولهذا كان طلب التدخل لوقف العربدة التركية على حدود ‏سوريا الشمالية في ذلك الوقت‎”.‎ بوتين والتدخل في سوريا فجأة، يقول الأمير بندر عن شيء كان يفعله عمداً، وهو أنه يتحدث أمام جمع من المسؤولين من دول أخرى، أو ‏مبعوثين، عن أشخاص أو أمور ، يريدها أن تصل دون عناء منه، وبعد هذا الحديث يبدأ بقصة له مع الرئيس الروسي ‏فلاديمير بوتين، حين كان الأمير بندر رئيساً للاستخبارات، وتحديداً عام 2012. يقول الأمير إنه حين التقى ببوتين سأله ‏الأخير عن سبب اهتمام السعودية ببشار الأسد، فرد بندر بن سلطان أن السعودية ليست مهتمة بل خائفة أن يكون بوتين ‏هو المهتم ويضيف: “قلت له يا رئيس بوتين نحن لسنا مهتمين، نحن خائفون من أن تكون أنت مهتم. أنت اتركه وشعبه ‏سيتعامل معه. ضحك بوتين ثم قال: أنت الآن مقتنع أنني مهتم بهذا؟ قلت نعم متخوفون من ذلك وقال لي بوتين بعدها: ‏سيرغي لافروف – وزير الخارجية الروسية – سيأتيك لاحقاً وتجتمعون وعندنا اقتراحات وأعتقد أنها 4 اقتراحات، لكن ‏أنتم السعوديين الآن تدفعون الثمن…ثمن تضخيم دور بشار، أنتم من كبّر رأس الأسد وذهبتم به إلى باريس ورتبتم له ‏زيارة مع شيراك ثم إلى لندن، هل تعلم أنني دعوته أكثر من مرة لزيارة موسكو ولم يأتِ. لكن أنا باق هنا، وستأتي ‏اللحظة التي يأتي فيها بيديه وقدميه حبواً إلينا، وفي تلك اللحظة سنرى‎”.‎ جاء سيرغي لافروف فعلاً للأمير بندر وعرض عليه 4 نقاط، وهي أولاً موقف روسيا وطلباتها فيما يتعلق بالأزمة ‏السورية وهي الموافقة على تنحي بشار الأسد، ثانياً تحديد الجهة التي من الممكن أن تستقبله هو وعائلته واقترحت ‏موسكو الجزائر، وثالثاً أن لا تطاله المحكمة الدولية، ورابعاً الاطلاع على من سيتكفل بالمصاريف في مقر إقامته‎.‎ مقترحات الروس للأزمة في سوريا والموافقة على تنحي بشار وقبل أن يتحدث الأمير بندر بن سلطان عما حدث بعد عرض النقاط الأربع، يسرد قصة حدثت بينه وبين لافروف أثناء ‏حرب الخليج 1990 وكان لافروف سفيراً للاتحاد السوفيتي لدى الأمم المتحدة ويقول : “وكنت قد أتيت للتو من لقاء ‏رئيس الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف واتفقنا على أن لا تصوت روسيا ضد مشروع قرار التدخل العسكري ‏لتحرير الكويت، وقال له لافروف بأنه سيستخدم الفيتو. ويكمل الأمير بندر: “قلت له لن تفعل ذلك، وقال احفظ نفسك لأنك ‏تتحدث مع دولة عظمى، قلت له أنت لست دولة عظمى، دولتك هي العظمى، ولن تصوت بفيتو، وبعد نصف ساعة وأنا ‏أشاهد التلفزيون وكان قد اجتمع مجلس الأمن، صوتت روسيا بالامتناع لا الفيتو وهذه القصة لسرد المعرفة والعلاقة ‏القديمة مع لافروف والخلافات والاتفاقات”. ويواصل بندر بن سلطان استطراداته : “هناك معلومة جانبية، وهي بأن ‏لافروف يتحدث الإنجليزية بطلاقة لكن في اجتماعات العمل أو الاجتماعات الرسمية يتحدث بلغته الروسية‎”.‎ ينتقل الأمير بعد هذه المعلومة للعودة للحديث عن النقاط الأربع ورد السعودية عليها ويقول : “قلت له: لافروف، نتفق ‏معك على النقطة الأولى في تنحي الأسد، الثانية لا علاقة لنا بها ولا يمكن أن نقترح على الجزائر أن تستضيفه،  النقطة ‏الثالثة المحكمة الدولية تعود للأمم المتحدة ولا دخل لنا بتحديد المحاكمة من عدمها، النقطة الرابعة من يدفع تكاليف إقامته ‏لو وافقت الجزائر مثلاً على اقتراحكم؟. رد لافروف علي بقوله عن من سيدفع التكاليف : أنتم ! ثم قلت له :لم يعجبك ‏الحل رقم واحد؟ ثم قلت … : لا تضيع الفرصة، سأوافق على الأولى، الثانية نذهب سوياً للدولة التي ستستضيفه ونتحدث ‏معهم. بالنسبة للمحكمة، هنا قاطعني لافروف وقال: لا يهمنا أن يحاكَم، لكن ليس فوراً. والنقطة الرابعة الدولة التي ‏تستضيفه نذهب سوياً أنت بندر وأنا ونقترح على الجزائريين ذلك‎”.‎ وقبل انتقال الأمير بندر للحديث عن بدايات التدخل الروسي في سوريا وكيف تراخى الرئيس الأميركي الأسبق باراك ‏أوباما عن وضع حد لتجاوزات بشار الأسد حين تمادى في استخدام الكيماوي ضد شعبه : “هذه الأحداث تعيد للذاكرة ما ‏فعله صدام حسين من جرائم ضد الأكراد، لو أسفت على شيء حين كنت سفيراً في واشنطن هو أنني لم أفعل شيء ولم ‏يقم العالم العربي بفعل شيء تجاه هذه الجريمة ووقف تجاوزات صدام تجاه إخواننا الأشقاء الأكراد‎”.‎ مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى