fbpx

من لم تقتله الحرب، سيقتل في إعادة الإعمار

ستنتهي الحرب في سوريا.. نعم ستنتهي أسوة بالحروب التي شهدها العالم في القرنين الفائت والراهن وما سبقهما من أيام الحروب وقد أحرقت البشرية. ستنتهي حرب البارود والخنادق، نعم، سيحدث ذلك، ولكن هل ستنتقل البلاد إلى حروب أخرى؟ سيجيبنا اقتصاديون، ورجال أعمال، وخبراء اقتصاد، أن حرباً لاحقة ستقع، وقد تكون أشدّ مرارة من حرب المدافع وراجمات الصواريخ، وهي تحت عنوان: “إعادة الإعمار”. مع إعادة الإعمار وفيما لو بقي النظام، فإن حرب المصالح ستعود للإطاحة بالبلاد، أقلّه، تبعاً للفساد الذي ينخر بجسد النظام، وحلفائه، وبمجموعة المصالح التي ستنتجها عملية إعادة الإعمار، فالتقديرات التي يقدّمها النظام من أجل إعادة الإعمار تصل إلى 400 مليار دولار، في مقابل التقديرات الصادرة عن روسيا والتي تقف عند أكثر من النصف بقليل، قرابة ٢٥٠ مليار، هذا فيما رجال الأعمال المقربون من النظام يتحدثون عن أن مبلغ مئة مليار دولار وحسب، من شأنه أن يكفي. النظام يسوّق للـ 400 مليار دولار، وهذه الأرقام تعني أنه ومنذ بداية التفكير بإعادة الإعمار، وضع الفساد كمنهج ودليل عمل، فّاذا كانت تقديرات رجال الإعمال 100 مليار دولار، وتقديرات الروس 250 مليار، فيما تقديرات النظام لإعاد الإعمار 400 مليار، فالتفاوت فوق احتمال أي عقل، بداية من عقل بائع خضار، وصولا لعقل عالم اقتصاد، ودعونا نتقبل الرقم الروسي لتكاليف إعادة الإعمار وإذا ما تقبلناه، فثمة 150 مليار دولار، هو الرقم الذي اقتطعه النظام مسبقاً لفساده وفاسديه، وتخيلوا حجم المديونية التي سيقع السوري تحت وابلها، والتي ستمتد الى أجيال وأجيال، حتى أشارت دراسات اقتصادية وازنة، بأنه على الطفل السوري الذي سيولد بعد 50 عاماً، سيولد وعليه دين يصل إلى 24 ألف دولار حال ولادته، هذا إذا استطاعت البلد تسديد القروض التي ستترتب عليها في عملية إعادة الإعمار وهو ما لم يحدث، بل سيكون على البلاد أن تعمل من أجل تسديد فوائد الديون.. فقط فوائد الديون، ما يعني بيع البلاد. ويكفي للاطلاع على المنهجية التي يعتزم نظام دمشق اتباعها في «إعادة الإعمار» مراجعة سجله في الحكم على مدى العقود الماضية وأدائه في المواجهة الدامية على مدى الأعوام الماضية. «إعادة الأعمار» تبدو عندها تعزيز بنية القمع التحتية، وتمتين منظومة الثواب والعقاب إزاء الأتباع والخصوم لإخضاع الجمهور بالكامل. هذا ما يقوله كاتب مخضرم في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يضيف: “إن «إعادة الإعمار» هي العودة، وبصيغة أكثر صرامة وشدة وتصلباً، إلى ماضي الاستبداد. ولا بد من الكشف عن الخبث الذي تبديه كل من دمشق وموسكو وطهران في السعي إلى ذلك”. كنا في حرب تخريب المعمّر من البلاد، وسننتقل إلى حرب إعادة إعمار البلاد. إعمار ماذا على أيدي فاسدي النظام وفساد حلفاء النظام؟ مسيكن هذا السوري الذي يموت تحت الردم، وإن لم يمت تحت الردم سيموت بين أنياب رافعات البناء. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى