fbpx

حتى لو حُلّت الدولتان

مرصد مينا

يحق لمن يدّعي مهنة “مراقب” أن يتأمل في “حلّ الدولتين”، بما يعني دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، ودولة إسرائيلية تقاسمها القدس، ولكل من الدولتين ديانتها ومدارسها وشرطتها وقضاتها وقدرها، ويحق له أن يقارنها مع القبرصيتين حيث يفصل “النيقوسيتين” حاجز يسهل على السائح عبوره دون إجراءات مشددة.

غير أنه، ونعني المراقب، يحق له فيما يحق أن يتذكّر سلسلة من الحروب، ابتدأت بالبنادق التشيكية التي تصوّب ‘على حاملها بمواجهة “الهاغاناه”، ويحق له قراءة ديانتين كل من فقهائهما يتطلع إلى نفسه باعتباره “الناجي” فيما الآخر “هالك لامحالة”، دون نسيان أن كل من الدولتين تحمل للدولة الجارة أمنيات الفناء، أقله إن آل حكمهما إلى القوى الدينية التي تُسمى “اليمين” بحيث يكون “القرائين” على جانب و “الحمساويين” على الجانب الآخر، ولكل منهما ثكنته، ثكنة ناجزة لليهود، وثكنة تحت الإنجاز للفلسطينيين، ما يعني حرب مؤجلة ما بين طرفين، وبنتيجة تفيد بأن سلام الدولتين لايعدو ورقاً قابل للبلل ومن بعد البلل يجوز شربه.

سيكون هذا حال “الدولتين”، وهما دولتان مازالت مجرد كلام بكلام، غير أنها ونعني دولة “الكلام بكلام” على هذا الحال من “المؤقت” الذي يتلوه الجحيم، وهو كذلك بفعل أولاً وتالياً “الدين”، لا بوصفه أفيون الشعوب كما وصفه الماركسيون، بل بوصفه أداة حرب، وعقيدة حرب وترسانة للمتحاربين، بما يجعل “الحل” لا حلّ، هذا إن تحققت حكاية حلّ الدولتين وهي حكاية مازالت في عداد المستحيل أقله مادام التلموديون يحكمون إسرائيل، فيما حماس، وهي ليست أقل دموية من التلموديين وقد ألقت بقبضتها على الفلسطينيين.

على كل من الجانبين شباب إما تحت السلاح وإما احتياطي سلاح، ولكل من الجانبين شريعة قتل الآخر وإفنائه، والعهدة على من يقدر لا على من يرغب، وعلى كل من الجانبين دعاة سلام جدّي، يسمح بالتعايش ما بعد إزاحة العقيدة جانباً والاحتكام لقوانين العيش ومن ضمنها تبادل البضائع، والزواج المتبادل والاندماج في جغرافية بالغة الاتساع ونعني شرق المتوسط بما فيه من خيرات وأسباب لعيش يمكن وصفه بـ “الكريم” ما بعد معالجة فساد حكامه، وهو الفساد الجامع ما بين أنظمة هذا الشرق الذي يشمل فيما يشمل قيادة إسرائيل وهي فاسدة بلا ريب، ولو لم يكن بنيامين نتنياهو موصوم بالفساد لما اطال حربه هرباً من مواجهته بفساده، فيما حماس بفساد قياداتها لا بد ناجية من المحاكمة بفعل موروث الحكومات العربية التي تقطع يد سارق الرغيف وتفتح قاعات الشرف لسارق كل محصول الطحين.

قد تُحلّ الدولتين، لتكون دولتان.. دولة تترصد دولة، وعسكر يترصدون عسكراً وثكنة بمواجهة ثكنة.

وقد تعود الحرب، ولابد ستعود مادامت العقيدة الإلهية تقول بـ :

ـ أمّة ناجية وامّة غارقة.

ولتكون كل من الامتين غارقة او ناجية فلا يستدعي الأمر إرادة الله.. كل ما يستدعيه أن تتوفر للثكنة أسباب الانقضاض على الثكنة الجارة لـ “تفنيها”.

حتى المشروع “الحلم”، قد يتحوّل إلى لعنة على الحالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى