fbpx

تزوير العملات يزيد من حالة الإرهاق لاقتصاد غزة المنهار

غزة – خاص

دفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 12 عاماً، لانتشار ظاهرة تزييف العملات، والتي شهدت في السنوات الأخيرة حالة من التصاعد في ظل ضبط الأجهزة الأمنية في غزة التي تديرها حركة حماس العديد من معامل تزييف النقود.

المواطن الفلسطيني أكثر الفئات تضرراً من العملة المزورة نتيجة صعوبة التعرف عليها، وخاصةً تلك المزورة بدقة عالية، ناهيك عن دخول عملات مزورة بدرجة عالية من الخارج والتي تصل غزة تهريباً عبر المعابر أو من خلال بعض النقاط الحدودية لقطاع غزة مع مصر وإسرائيل.

وعزز غياب آلات كشف العملات المزورة في شركات ومحال الصرافة واقتصارها على البنوك من انتشار تلك العملات، فيما تلجأ بعض محال الصرافة إلى التعامل بطرق بدائية ويدوية للكشف عن العملات المزورة، لا سيما المعدنية منها من خلال وضعها على مغناطيس فإذا جذبها تأكد أنها مزورة.

معمل جنائي لكشف التزوير

رئيس قسم التزييف والتزوير في المعمل الجنائي بوزارة الداخلية في غزة محمود أبو صفية أكد لمرصد “مينا” أن وزارة الداخلية ومع مرور السنوات أصبح لديها طاقم مهني يمتلك جميع الخبرات في الكشف عن العملات المزورة ناهيك عن امتلاك قسم المعمل الجنائي في الوزارة لأجهزة أشعة فوق بنفسجية للكشف عن تلك العملات.

وأوضح أن عملية تزوير العملات في قطاع غزة لا تصل إلى درجة الاحترافية والدقة التي تتمتع بها العملات المزيفة والتي تصل من خارج قطاع غزة، لا سيما وأن مزوري قطاع غزة يصعب عليهم تقليد العلامات الأمنية في الأوراق النقدية تحديداً لعملتي الشيكل والدولار الأمريكي.

وبين أن عمليات تزييف العملات لا يمكن اعتبارها ظاهرة في قطاع غزة، في ظل أن عملية الملاحقة الأمنية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية للمزورين، وتقوم تلك الأجهزة بضبط آلات التزوير التي يستخدمونها والتي عادةً ما تكون آلات بسيطة وليست معقدة كما في الدول الأخرى.

وتمكنت الشرطة الفلسطينية من ضبط أكبر مصنع لتزييف العملة في قطاع غزة في تموز/ يوليو الماضي، والذي ضبط بداخله عدد من الآلات المتطورة والخاصة بالتزوير وكميات كبيرة من عملة الشيكل الإسرائيلي والتي زورت بدقة وجودة عالية يصعب الكشف عنها من قبل المواطنين.

الأوضاع الاقتصادية الصعبة

الخبير المالي سيف عودة وفي حديث مع مرصد “مينا” أوضح أن أحد أسباب لجوء البعض لتزييف العملة يرجع إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها قطاع غزة، ناهيك عن اتخاذها من قبل البعض كطريق لجمع المال بصورة كبيرة وغير شرعية.

وشدد على أن اكتشاف النقد المزور من غير المزور سهل لدى البنوك التي تمتلك أجهزة مختصة بكشف العملات المزورة، إلا أن تلك العملات من الصعب على المواطن اكتشافها، وخاصةً تلك العملات المزورة بدقة عالية.

وبين أن سلطة النقد الفلسطينية تحذر على مدار الساعة المواطنين من العملات المزورة وتنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة عن انتشار أي عملة مزورة في السوق، والتي عادةً ما تكون عملة الشيكل المعدنية والتي هي من أسهل العملات تزويراً ولا تحتاج إلى امكانيات كبيرة في التزوير ولا يلزمها علامة أمنية في صناعتها كما في الأوراق النقدية.

وحمل قانون العقوبات الثوري لعام 1979 في مادتيه رقم 307 و309، عقوبات مغلظة لكل من قلد عملة أو روجها أو ساهم بإدخالها من بلد آخر، بالحبس لسنوات وقد يصل الأمر للمؤبد والأشغال الشاقة والغرامة المالية.

انتشار العملات المزورة

وفي ذات السياق، قال مراد الخزندار صاحب محل للصرافة في مدينة غزة لمرصد “مينا”: “لا يكاد يمر أسبوع إلا ونكتشف حالتين أو ثلاثة من العملات المزورة والتي عادةً ما تكون من قبل مواطنين يأتون لتبديل العملة وهم لا يعلمون أنها مزورة، ويتم إرجاعها لهم بعد إخبارهم أنها مزورة”.

ولفت الطويل أن أكثر العملات المزورة التي يتم ضبطها هي من فئة الشيكل الإسرائيلي، وتأتي في المرتبة الثانية عملة الدولار الأمريكي والتي غالباً ما يتم تهريبها إلى قطاع غزة من الخارج، مؤكداً أن العملات المزورة أصحبت تصاعدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

وبين صاحب محل الصرافة أن أكثر الأوقات التي تنتشر فيها العملات المزورة يأتي مع إصدار البنك المركزي الإسرائيلي لعملات مالية جديدة، فيسارع المزورون إلى تزييفها، وذلك لمعرفتهم أن المواطن وكذلك بعض الصرافين بحاجة لفترة زمنية ليست بالقصيرة لتمييز العملة الأصلية من المزيفة.

ويتعامل الفلسطينيون بعملة الشيكل الإسرائيلي في ظل عدم وجود عملة فلسطينية لهم، ما جعل اقتصادهم بشكل كامل تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي، ويرجع السبب في ذلك إلى اتفاقية باريس الاقتصادية التي وقعت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1994 والتي اشترطت موافقة إسرائيل على إصدار عملة فلسطينية.

وشهد عدد القضايا التي رفعت أمام المحاكم الفلسطينية المختلفة (المدنية والعسكرية) في قطاع غزة، والتي تتعلق بتزوير العملات ارتفاعاً خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، في ظل الحديث عن قيام بعض المزورين بصك العملة المعدنية الإسرائيلية من فئة 5 و10 شيكل في الصين وإدخالها لغزة بعد اخفائها بين البضائع.

آثار سلبية على الاقتصاد

من جانبه، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة معين رجب في حديث لمرصد “مينا” أن الآثار المالية والاقتصادية السلبية التي تتركها العملات المزورة على الواقع الاقتصادي والمالي في قطاع غزة كبير لا سيما وأن اقتصاد غزة منهار أصلاً، محذراً من أن استمرار انتشار العملات المزورة قد يزيد من حالة الاهدار المالي في قطاع غزة.

وشدد على أن ضعف الرقابة والملاحقة الأمنية من قبل الجهات الحكومية للمزورين شجع المزيد من المواطنين على القيام بتلك العملية، مناشداً الجهات الأمنية الفلسطينية إلى تشديد الرقابة على المعابر لمحاربة ظاهرة إدخال العملات النقدية التي تكون درجة تزويرها عالية ويصعب اكتشافها.

ومع تطور الآلات التكنولوجية لا يبدو أن عملية القضاء على العملات المزيفة أمراً سهلاً ويمكن أن ينتهي بالضربة القاضية، إذ أن ذلك التطور التكنولوجي يلزمه تطور في خبرات ومعدات وحدات الكشف عن العملات المزورة في الحكومة وكذلك البنوك، وضرورة إيجاد آلات لكشف العملات المزورة في شركات ومحال الصرافة، وتكثيف الحملات الأمنية على مزوري العملات.

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى