fbpx
أخر الأخبار

باريس.. ماشطة الأقرع اللبناني

وسط معادلة “الماشطة والأقرع” لابد للفرنسيين من الحيرة،  فالأمريكان لم يكونوا جادين بحلحلة الوضع اللبناني، وكل ما فعلوه أن منحوا الفرنسيين تفويضًا مجتزءًا لحلحلة حكاية الرئاسة اللبنانية، بما جعل الدور الفرنسي العنصر الأبرز خارجياً، كون باريس لا تمثل نفسها في هذه المفاوضات، بل هي تعمل وفق مستوى معين من التفويض الأميركي وترغب بالحصول على تفويض مشابه من السعودية.

باريس اشتغلت في الملف الرئاسي اللبناني وركزت فيما ركزت على فتح الخطوط مع “حزب الله” و”حركة أمل”، كونهما الفريقان الأكثر قدرة على “الفيتو” فهما إذا لم يستطيعا “إنجاز رئيس” فهما قادران على إعاقة وصول أي كان ليكون رئيسًا لـ “أي كان” مواطنًا،  لكن المفارقة القائمة الآن هي الخلافات الجدية التي تعصف بالفريق السياسي الحليف لحزب الله، وهو فريق يشمل الحزب والتيار الوطني الحر وحركة أمل وتيار المردة وشخصيات أخرى، وهذا لايسمح لهذا الفريق بتوحيد كتلته وصولاً لرئيس، تقبله فرنسا ولا يرفضه تيار الحزب وشركاه.

التناقضات تعصف بهذا بفريق حزب الله، أقله ما بعد التصريحات المسرّبة لجبران باسيل، وهي دون شك تحمل المزيد من “ولدنات الصهر المدلل”، أقلها لحظة وصف سليمان فرنجية بـ “بلا هيبة”، معتّدًا بهيبته التي لم يلحظها لبناني واحد، وهذا ماجعل الجهود الفرنسية تذهب هباء في مساعيها السابقة.

اليوم اتخذت باريس تكتيكًا آخر، فالسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، ووفقًا لأخبار الصحافة اللبنانية أعدت برنامج لقاءات واتصالات وصفت بأنها “من نوع مختلف” فما المختلف؟

المختلف هو مساعي السفيرة لوضعية لبنانية تتيح لها بناء تحالفات تسمح لها بلعب دور مستدام، لا يحتاج إلى مصادقة أميركية دائمة،  وبناء عليه، يعمل الفرنسيون الآن على خط رئيسي لا يقتصر على حوار مفتوح ودائم مع حزب الله، بل على السير في تواصل أوسع مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومع البطريرك الماروني بشارة الراعي. حيث يبدو أن هناك رهاناً مشتركاً لدى باريس من جهة والراعي وباسيل من جهة أخرى على إنتاج اسم من خارج الأقطاب البارزين، مثل زياد بارود، وتأمين توافق مسيحي أكبر عليه، انطلاقاً من شعور قوي لدى باسيل والراعي أن الأخير قادر على أن يكون مقنعاً لبقية المكونات المسيحية.

لهذا الاسم عند اللبنانيين/ ونعني زياد بارود/  بعموم فصائلهم نوع من القبول، فبارود لم يدخل لحظة احتراب مع “القوات”، وليس خصمًا لوليد جنبلاط، ومقبول بكل المقاييس للثنائي الشيعي، وفي حال أن وصل لكرسي الرئاسة، فتاريخه الشخصي يفيد بأنه لكل اللبنانيين، فالرجل لم يتلوث لا بالدم ولا بالفساد، ومن هنا ينطلق الفرنسيون لتسويقه اليوم، فيما الضجيج يدور حول أسماء أخرى من بينها سليمان فرنجية كما الجنرال جوزيف عون، ولكل من الاسمين من يتحفّظ عليه، فلا القوات سترحب بسليمان فرنجية، ولا التيار كذلك، اما عن جوزيف عون فطالما ارتفعت حساسية اللبنانيين من رئيس قادم من المؤسسة العسكرية، والدرس الذي علّمه ميشال عون للبنانيين لابد وكان درسًا بالغ القسوة بما يجعلهم لايقعون في الحفرة مرتين.

الفرنسيون اليوم يشتغلون على هذا الخط، وسيكون موضوع الرئاسة اللبنانية على جدول أعمال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القادمة الى واشنطن.

في واشنطن سيظهر الدخان الأبيض من الدخان الأسود، فالتفويض الأمريكي لابد ويواكبه تفويض سعودي، وعند ذلك قدد يخرج لبنان من “حرب الرئيس” ليتلافى حرب “الطوائف بماوجهة الطوائف”.

زياد بارود مقبول من القوى المسيحية بمن فيها البطرك، وغير مرفوض من القوى الشيعية بمن فيهم “أمل” و”حزب الله”، وحين يكون الكلام للشارع، فالشارع لم يطعن ولو لمرة واحدة لابنزاهة ولا بعقلانية وخبرة زياد بارود.

الفرنسيون اليوم أمام المهمة الصعبة،  إنها مهمة:

ـ ماشطة الأقرع.

لبنان بات بلا شَعر ليزيّن الفرنسيون رأسه.. بات على لبنان اليوم ارتداء قبّعة قد لاترضي الجميع غير أنها تؤجل حرب الجميع مع الجميع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى