fbpx

الراقص القطري

وكأن تخصصهم قد بات الإمساك بالعصى من وسطها، أو كما يقول المثل “رجل بالفلاحة ورجل بالبور”، هذا حال قطر، وقد رسمت نصف علاقة مع الإسرائيليين، بحيث لاتحلو فسحة أمرائها والعائلة المالكة إلاّ في تل أبيب، وكذا حال الطبابة والاستثمارات، وربما تحت الطاولة مايفيض بالكثير عما فوقها، وفي ذات الوقت تمد يدها إلى حماس، وتهاجم عبر “جزيرتها” أي نوع من الانفتاح العربي على إسرائيل. هذا عن العلاقة مع إسرائيل، أما عن علاقتها بسوريا النظام، فلابد أنها امتدت بعلاقات واسعة، تقول الكثير بدءاً من مرور طائراتها السياحية من الأجواء السورية، ثم لا ترتضي بإعلامها بما هو أقل من إسقاط الأسد. وحين يأتي الكلام عن طهران، فهاهو وزير خارجيتها يندد بالقرار الأمريكي المتعلق بالحظر على النفط الإيراني ويطالب بتمديد الاعفاءات المتعلقة بتصدير النفظ الإيراني في ذات الوقت الذي يذهب اعلامها بعيداً في اعلان مخاوف الامارة من الامتدادات الايرانية في الخليج. سياسة الإمساك بالعصى من وسطها، هي الرقصة القطرية التي يمكن اضافتها للفلكلور القطري، ليس ببعده السياسي فحسب، وانما ببعده الثقافي أيضاً، وكل المشكلة أن هذه السياسة ستصطدم واقعياً بحسابات عالم لم يعد من الممكن تقبل هذا النوع من الرقص والراقصين فيه. المشروع القطري برمته لابد وأن يصطدم بلعبة نصف الباب المفتوح، أقله فيما يتصل بازدواجية اللعب ما بين أنقرة وطهران، فالدولتين، على مالهما، وعلى ما فيهما من مصائب، هما بالنتيجة دولتان طامحتان، ولكل منهما مشروعها المنافس للمشروع الآخر، سواء على المستوى الاقليمي أم على المستوى الإسلامي بشكل أوسع، وإذا كانت مظاهر التوافق فيما بينهما قد تبدّت في جملة من المواقف ومن بينها الموقف من جماعة الاخوان المسلمين، حيث اعتبرتها كل من الدولتين جماعة من عازفي الاوركسترا لا تنظيم ارهابي.. إذا كانا قد توافقا على هذه القضية، فبلا أدنى شك، وفي كل الحسابات، ستبقى كل من العاصمتين على تناقض مع العاصمة الثانية أقله بفعل الطموحات المستقلة في كل من البلدين سواء في منطقة شرق المتوسط، ام في منطقة الخليج العربي، وصولاً للتحولات في افريقيا، وليست التوافقات الحالية سوى توافقات مؤقتة، لابد وأن تصطدم بلحظة الحسم، التي لايمكنها أن تجمع الخصمين في فراش واحد، وعند هذا الحصاد ما الذي سيتبقى للأرانب القطرية في معارك الفيلة الكبار؟ هذا هو السؤال.. والاجابة بلا ريب، ستكون الاطاحة بالباب القطري بنصفيه المغلق والمفتوح، بما يلزم القطريين بأن يكونوا الى جانب واحد من الفيلين. مشكلة قطر أنها تلعب على الصيغ المؤقتة، ما يؤدي واقعياً الى فتح عداوات لاحصر لها مع المحيطين العربي والاسلامي، فهاهي قد فتحت الصراع على مجموعة دول الخليج كما على المملكة العربية السعودية كما فتحت بوابة صراع لن تقفل مع مصر، فما الذي ابقته وقد امتدت بتمويلاتها للإراهاب وصولاً إلى آسيا الوسطى، افريقيا، والدول العربية وقد زودت فصائل الارهاب في سوريا بما يجعلها واحدة من عوامل دمار البلاد؟ ما الذي سيتبقى لقطر الذي وصفها أحد المعلقين المصريين بـ: “الصغنونة أوي”، حين تلعب الـ “صغنونة أوي” في ملاعب الكبار. مشكلة القيادة القطرية أنها لاتميز ما بين الوظيفة والدور.. هذه مشكلتها وقد باتت مشكلة عصية على الحل. مساكين أهل قطر، وقد وجدوا أنفسهم في جزيرة ستضيق وتضيق بأهله حتى حدود الرحيل عنها. رحيل قد يأتي بعد يوم.. شهر.. سنة.. عقد، ولكنه سيكون الرحيل إذا ما مكث آل ثاني وأيديهم تلعب بالإمساك بالعصى من الوسط. رقصة انتهى موسمها.. فعلاً انتهى أو أوشك على الانتهاء. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى