fbpx

اليوم التالي؟

مرصد مينا

قد لايكون سؤالاً، فالأمر الذي يستدعي “التبصير”، قد تكشفه وقائع اليوم، فما بعد غزة لن يماثل ما قبلها، أما ما قبل غزة، فهو إسرائيل، محاطة بمجموعة من دول حطت من شأن الدولة لحساب “القبيلة” أو “العائلة العصابة”، ومن بعدها بات انهيار الدولة لا يحتاج سوى إلى “زقة” لتنهار راسمة جغرافيات جديدة، لا تُبقي من الخرائط ما يدل على الفائت من الزمن، تماماً كما حال ما قبل “سايكس / بيكو”.

حكومة بنيامين نتنياهو ستجتاح “رفح”، وهذا ما بات يقيناً، والاجتياح هنا، سيعني الدمار النهائي، ومعه دياسبورا، ستكون الأشد والأكثر حسماً، فـ “النصّ المقدّس” يستدعيها، تلك هي الأدبيات الإسرائيلية التي تُعلَن ما قبل الإبادة ومن ثم ما بعدها، وسيكون لهذا الاجتياح ما يتجاوز اللحظة، إلى ما يمكن نعته بـ “اليوم التالي”.

سلاحي القصف والتجويع، سيدفعان “رفح” ومن تبقّى من الغزاويين إلى الرحيل، أما عن الرحيل، فـ “سيناء مقفلة”، وكذا حال الضفة، والطريق المغلق اليوم، سيستدعي “الأمم” إلى فتحه والعنوان :

ـ إنقاذ من تبقّى من الأحياء.

“الأمم” إياها والتي استمرأت الفرجة على المقابر الجماعية، ستشتغل على “الإنقاذ”، وليس ثمة سوى خيار واحد للـ “إنقاذ”:

ـ الترحيل.

ترحيل إلى شرق الضفة، ليكون الأردن هو الوطن البديل، وثمة حصة لسيناء من الراحلين، ستؤسس لها “القوّة”، وفي كلا الحالين، فالعائلة الهاشمية في الأردن تعلم تمام العلم بأن “الوطن البديل” يعني انهيار المملكة لحساب الصيغة الجديدة، أما الحكومة المصرية فقد تتقبل مخيمات لغزة، بعد دفع السكان إليها وبهذا تنتهي المسألة الفلسطينية لتشطب كقضية ربما هي القضية الأقدم من قضايا الصراع التي شهدها هذا العالم.

المسألة ستتطلب خرائط جديدة، والجديد هنا ترسمه أفعال القوّة ما بعد ان رسمه المبعوثان سايكس وبيكو، فعلى العالم أن يغيّر خرائطه ربما بعد مضي مائة عام على سابقه، وقد مضى على سايكس بيكو ما يكفي لإحداث مثل هذه الخرائط.

الحروب بكل معانيها لاتتطلب ما تفعله إسرائيل لغزة اليوم، واجتثاث حماس، لا يتطلب كل هذه المقابر الجماعية وكل ويلات السلاح، ولهذا فالمسألة أبعد من اسماعيل هنيه، واكثر جدية من ردم “الأنفاق”.. هي الخرائط الجديدة التي تعني أول ما تعني :

ـ إخراج الفلسطين من كل الذاكرة الفلسطينية.

يتساوى في هذا “دولة أبو مازن” و “حكومة حماس”، وعلى كليهما مغادرة المكان لحساب “وعد” يتمسك به اليمين الإسرائيلي، ويفتح الطريق اليه كل من :

ـ مغامرات حماس، وترهل سلطة الضفة.

وسيزيد على هذا وذاك، التقاسم الوظيفي للمنطقة حيث سيكون للولي الفقيه حصته، ولابد أن تكون بالشراكة مع الإسرائيليين، نحو :

ـ اليوم التالي.

اليوم التالي لمنطقة لم تحسب لليوم السابق، لافي التكنولوجيا، ولا في إدارة الدولة، ولا في تداول السلطة، وكذا في طلاقها مع الزمن، وهو الطلاق الذي لا يعني سوى:

ـ الموت وحيداً و يا وحدك.

ما يحدث اليوم، هو التأسيس لليوم التالي الذي يرسمه السلاح ما بعد إزالة الحبر الذي كتبت به سايكس بيكو.

“سايكس بيكو” كتبت بالحبر، اما “وعد يهوا” فهاهو اليوم يكتب بالدماء.. دماء الغزاويين.

نسأل عن اليوم التالي؟

لا تحتاج المسألة إلى :

ـ قارئة الفنجان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى