fbpx

ترامب باق ويتمدد.. حزام الصدأ – لن يلقي به خارج البيت الأبيض

تجدد حمى الفضائح المحيطة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب والحديث عن إمكان بدء إجراءات عزله وانفكاك قادة في الحزب الجمهوري من حوله، لا تعني بالضرورة أن ولاية ترمب قد اقتربت من نهايتها، أو أن أيامه في البيت الأبيض باتت معدودة، إذا أخذت في الاعتبار جملة من العوامل التي أفرزت ظاهرة الرئيس الحالي للولايات المتحدة.
وفي قراءة تحليلية لصحيفة الشرق الأوسط جاء بأنه “مفيد بعض التذكير بالأجواء التي حملت ترمب إلى المنصب الأول في أميركا (والعالم). فالاستياء من ;laquoالمؤسسة;raquo; التي كانت تتهيأ لأربعة أعوام جديدة من السلطة، سواء فازت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أو أي مرشح جمهوري غير ترمب، كان قد وصل إلى مستوى عالٍ خصوصاً بين أفراد الفئات المتوسطة والفقيرة من البيض الأميركيين الذين لم يجنوا الكثير من الفوائد من ولايتي باراك أوباما باستثناء قانون الرعاية الصحية (أوباما كير)، في الوقت الذي ظلت فيه مناطق ;laquo;حزام الصدأ;raquo; على حالها من التهميش وخسارة فرص العمل والسكان الشباب. أما ;laquoالصواب السياسي;raquo; الذي تحول في العقود القليلة الماضية إلى ما يشبه آيديولوجيا الدولة، فأصبح عبئاً يحول دون نقاش قضايا العلاقات بين الجماعات والأعراق والاختلافات الجندرية، نقاشاً مفتوحاً وصحياً.”
وتابعت الصحيفة “وعليه، رأت فئات واسعة من السكان في ترمب البالغ الصراحة والآتي من خارج ;laquoالمؤسسة;raquo;، الرجل المناسب للتعبير عن تطلعاتها. بل إن ذكوريته وتلاعبه بالحقائق والوقائع، أمور تخدمه ولا تصب في مصلحة خصومه، إذا وضع سلوكه في سياق الاحتجاج على أخلاقيات ;laquoالمؤسسة;raquo; وممارساتها ونفاقها وصولاً إلى فسادها. ويستطيع مؤيد للرئيس الحالي القول إن فساده علني وواضح وعلى رؤوس الأشهاد، في حين أن فساد منتقديه وخصومه مستتر ويجري وراء الأبواب الموصدة”.
وتبدو تصريحات الرئيس الأميركي عن انهيار الأسواق وإصابة الكثير من مواطنيه بالفقر، في حال الإصرار على تنحيته عن منصبه مبالغاً فيها مبالغة شديدة. لكن من المهم الانتباه إلى أن هذه الأقوال تتلاءم مع نهجه في الإفراط بالوعود والتهديدات والإهانات. وقد نجح في تصوير إدارته على أنها صاحبة الفضل في الانتعاش الاقتصادي الأميركي وفي انخفاض مستويات البطالة إلى حدود قياسية، متجاهلاً أن التحسن المذكور مهدد بسياسة العقوبات والرسوم الجمركية المرتفعة التي يفرضها على الخصوم والحلفاء سواء بسواء، إضافة إلى امتناعه عن إسناد ولو بعض الفضل إلى الإدارة السابقة التي بذلت جهداً مضنياً في إزالة آثار أزمة العامين 2007 و2008.
ينبغي، فوق ذلك، النظر إلى ترمب على أنه نتاج التبدلات العميقة في الاقتصاد المتجه سريعاً إلى العصر الرقمي، وإلى التخلي عن المؤسسات والشركات الكبيرة، وآلاف العمال ومكاتب الموظفين الضخمة، من جهة، وإلى التحولات في الاجتماع والثقافة، حيث ظهر من يبشر بإلحاق السياسة بصناعة الترفيه. وترمب هو خير ممثل لهذا التقاطع بين الاقتصاد السريع فهو الآتي من بيئة التطوير العقاري، وبين الترفيه الذي عمل ترمب فيه لأعوام كثيرة مقدماً برامج تلفزيونية. ناهيك عن عدم ارتياح متبادل بينه وبين السياسيين التقليديين ولغتهم المواربة وأساليبهم في تدوير الزوايا. وإذا كان ليس هناك ما يجزم بنهاية اللعبة بالنسبة إلى ترمب ويقطع بأنه لن يلجأ إلى قلب الطاولة للبقاء في السلطة من خلال تصدير أزمته إلى الخارج على شكل حرب خارجية أو صراع ملتهب يحوّل الأنظار عن فضائح الداخل، فإن من الملح الإبقاء في البال أن ترمب هو رئيس جاء على خلفية انقسام عميق بين الأميركيين، وأنه يعمل على زيادة هذا الانقسام ومفاقمته، وأن هذا الجو المحتقن يعزز من التأييد الذي يحظى به بين الشرائح التي جاءت به في المقام الأول ولا يضره وهو قادر بالفعل على دفع الأمور إلى حدود شديدة الخطر. ولن يشكو من نقص في الأنصار في هذه المجازفة. في المقابل، ثمة من يؤكد أن الديمقراطية الأميركية قادرة على استيعاب هذه الصدمة، مثلما استوعبت صدمات سابقة ليس أقلها وقعاً ما فعله الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون.
وكالات
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى