fbpx

داعش ليبيا ما بعد الهزيمة

خاص: مرصد مينا الظهور الرسمي لداعش في ليبيا كان رسمياً في إعلان البيعة للبغدادي في مدينة درنة الواقعة شرق ليبيا عام 2014، ثم أعقب ذلك انتشار للتنظيم في مدينتي بنغازي وسرت وتوالت مقاطع الفيديو التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتعلن فيها جماعات تبعيتها للتنظيم، وفي مرحلة لاحقة تبنى التنظيم عمليات عدة، ولعل أشهرها حادثة ذبح الأقباط المصريين التي أرعبت العالم لبشاعتها. بعد معارك عدة خرج تنظيم داعش من المدن رسمياً من دون أن يجري القضاء على أفراده كلهم الذين خاضوا المعارك في مدن الشمال الليبي. فرحة الليبيين بالخلاص من خطر داعش نغصتها عمليات عدة للتنظيم تنوعت فيها أساليبه في الهجوم، وقد قلل بعضهم من خطر التنظيم وافترض أن داعش انتهت رسمياً في ليبيا وما هذه الهجمات إلا رقصة مذبوح.

  • ذئاب داعش المنفردة

بعد خروج التنظيم من المدن وهرب بعض عناصره إلى الصحراء الليبية، نفذ التنظيم بعض الهجمات على نقاط تفتيش في بعض القرى والطرق الصحراوية بعدد قليل من أعضائه وأوقع خسائر في الأرواح، لكن على الرغم من الحزن على الضحايا إلا أن القلق كان بعيداً، وتماهى كثيرون مع التحليل القائل إن هجمات عناصر داعش يائسة؛ إذ خرجت من المدن واختارت الموت على التيه في الصحراء الليبية، وبخاصة أن أغلب المنفذين كانوا من الأفارقة أو جنسيات أخرى وليسوا ليبيين. ومع توجيه قوات التحالف الدولي ضربات قيل إنها لفلول التنظيم في الصحراء الليبية، ونشر صور لتلك الضربات ساد جو من الارتياح والاطمئنان، وعادت أغلب الوحدات العسكرية إلى مزاولة عملها المعتاد.

  • انغماسيو داعش في مؤسسة النفط

في ما عدا الهجوم على فندق كورنتيا في العاصمة الليبية في مطلع عام 2015 ظلت العاصمة الليبية بعيدة عن خطر داعش، وزاد الاطمئنان بعد هزيمة التنظيم وخروجه من المدن، ولكن العاصمة استيقظت على أصوات إطلاق نار داخل مؤسسة النفط الليبية في العاشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، واتضح في ما بعد أن ثلاثة عناصر يُظَنّ أنهم من جنسيات أفريقية اقتحموا مقر المؤسسة وقتلوا عدداً من الحراس والموظفين ثم قاموا بتفجير أنفسهم بحزامات ناسفة كانوا يرتدونها، وقد صدر بيان للتنظيم يعلن فيه مسؤوليته ويتوعد بمزيد من الهجمات. هذا الهجوم طرح تساؤلات عدّة حول قدرة التنظيم على توجيه ضربات داخل العاصمة، وعن سبب توجيه الضربة للمؤسسة الوطنية للنفط من دون غيرها. هذه التساؤلات وغيرها ما زالت تنتظر إجابات من الجهات الرسمية في ليبيا.

  • داعش يقتحم مدن الوسط

مدينة الفقهاء الواقعة في جنوب طرابلس؛ هزّ سكون ليلها رصاص داعش الذي اقتحمها بآليات وعربات وقتل أربعة أشخاص واختطف آخرين وحرق مركز الشرطة ومقرات حكومية عدة. وقد صرح عضو مجلس النواب عن منطقة الجفرة لموقع العين الإخباري: أن الهجوم أتى بعد القبض على القيادي في تنظيم داعش (جمعة القرقعي) الذي قبض عليه قرب منطقة الجفرة. وبعد هجوم الفقهاء بحوالى شهر، شن التنظيم هجوماً آخر على مدينة تازربو، وفي تصريح نشر في الموقع الإلكتروني لقناة ليبيا 218 قال محمد دومه عضو مجلس النواب عن المدينة: إن اقتحام التنظيم للمدينة أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أربعة عشر شخصاً، واختطاف أكثر من اثني عشر شخصاً آخرين. تقع مدينة تازربو جنوب مدينة إجدابيا وشمال مدينة الكفرة، وتكتسب أهمية لربطها بين الجنوب الشرقي والشمال الشرقي لليبيا.

  • استراتيجية داعش في الجنوب الليبي

بعد هزيمته وخروجه من مدن الشمال التي سيطر كلياً على بعضها وبعض آخر سيطر عليه سيطرة جزئية، أصبح داعش يتخذ من الجنوب الليبي مقراً لتوجيه ضرباته، وأيضاً أصبح ذوو البشرة السمراء هم أغلبية المهاجمين الذين يشنون هجماته. الجنوب الليبي الذي تعادل مساحته مساحة دولة بذاتها ولديه حدود مع خمسة دول تنشط فيها الجماعات المتطرفة، وتوجد فيه صراعات قبلية، يعدّ المكان الملائم الذي يعود فيه داعش إلى تنفيذ استراتيجيته (إدارة التوحش) ليتمكن من بسط سيطرته واكتساب ولاء بعضهم. إلا أن الملاحظ أن التنظيم من خلال عملياته في الجنوب الليبي اتبع أسلوباً مغايراً وهو (الاقتحام والانسحاب) وهو أسلوب يثير الرعب أكثر من المفخخات والعمليات الانغماسية، وفي ظل ضعف الوجود الأمني للأجهزة الرسمية للدولة في الجنوب الليبي يجد الناس أنفسهم في مواجهة التنظيم ومن ثم لا يكون لديهم خيار سوى الانصياع أو الرحيل، وماقام به التنظيم من قتل وخطف وحرق بعض البيوت ما هو إلا تطويع للأهالي وجعلهم تحت ولايته أو بمعنى آخر تحت السمع والطاعة والانكسار لسطوته.

  • إلا أن تساؤلاً يطرح نفسه؟

هل يستمر التنظيم في إخضاع المدن والأهالي بهذا الأسلوب، أم أن التنظيم سوف يعلن سيطرته على بعض المدن ويعلنها رسمياً تابعة له وواقعة تحت ولايته؟ لا شك في أن الدعم الدولي لإخراج داعش من مدن العراق وسوريا وليبيا، يدفع بالتنظيم إلى الاستمرار في المضي باستراتيجيته الجديدة (الاقتحام والانسحاب) فهي تحقق له بث الرعب في قلوب الناس وبذلك الانصياع له وعدم القيام بأي أعمال معادية للتنظيم. داعش الآن يعمد إلى إقامة دولة الرعب الخفية التي تختلف عن دولته التي سقطت في العراق وسوريا وسرت، التي كانت ظاهرة المعالم. ويبقى التحدي الأكبر الآن هو كيف يمكن مواجهة داعش بعد التغييرات التي أجراها، وهل مواجهة التنظيم بأسلوب المواجهة التقليدي يقدم حلولاً ناجعة؟ الأيام في الجنوب الليبي حبلى بالأحداث وسوف يكون محط أنظار العالم. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى