غضب إعلامي في إسرائيل على قرار ترامب سحب قواته من سوريا
تناولت التحليلات القرار من باب خيبة الأمل والصدمة، خاصة بعد تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من سوريا قبل أن تنسحب القوات الإيرانية منها. وكتب المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن قرار ترامب يعتبر ذا أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة لسوريا ودول الشرق الأوسط، بما فيها الأردن والسعودية، وعلى معركة النفوذ بين واشنطن وموسكو. ورغم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد صرح، يوم أمس، أنه علم بهذا القرار، مطلع الأسبوع، في محادثة مع الرئيس الأميركي، إلا أنه أضاف أن إسرائيل تدرس هذا القرار، وتعمل على الحفاظ على أمنها، رغم خيبة الأمل الإسرائيلية من القرار. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن الحديث عن “ضربة لإسرائيل”، خاصة وأن نتنياهو كان قد صرح، في تموز الماضي، خلال زيارة لموسكو أن الولايات المتحدة لن تغادر سورية قبل أن تغادرها إيران. وكتبت الصحيفة أن قرار الانسحاب الأميركي يأتي في توقيت سيئ جدا بالنسبة لإسرائيل، فالعلاقات مع روسيا لم تعد إلى مسارها بعد إسقاط الطائرة الروسية، وأنه رغم تهديدات أنفاق حزب الله، فإن الولايات المتحدة تواصل تسليح الجيش اللبناني، كما أنها ليست على استعداد لممارسة الضغط عليه. واعتبرت الصحيفة أن القرار استجابة لمطالب دمشق وطهران وموسكو برحيل القوات الأميركية. كما أشارت إلى أنه بعد وقت قصير من الإعلام الأميركي، فإن وزارة الخارجية الروسية أصدرت بيانا قالت فيه إن “تواجد الجيش الأميركي في سورية غير قانوني، ويعرقل عملية السلام”. وأشارت إلى تصريحات الوزير الإسرائيلي، يوآف غالانت، والتي جاء فيها أنه “في أعقاب الانسحاب الأميركي يجب على إسرائيل أن تبذل جهودا أكبر من أجل وقف العاصفة الشيعية في الشرق الأوسط”، على حد تعبيره. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، إن ترامب يتخلى عن سوريا، وإيران تحتفل. مضيفا أن “ترامب لا يعمل لدى نتنياهو، ولا بوتين” وأن “إسرائيل هي المسؤولة لوحدها عن مستقبلها ومصيرها”. وبحسب موقع “عرب 48” كتب المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، شمعون شيفر، أن إعلان ترامب، الذي صرح قبل شهر أن التواجد الأميركي في الشرق الأوسط من أجل إسرائيل، يشير إلى تحول خطير في مكانة إسرائيل، وأن “هذا القرار المتسرع سيكون على حسابها”. وقال إن ترامب لم يتمكن من تصفية قائد داعش، أبو بكر البغدادي، كما أن القرار لا يتماشى مع ادعاءات نتنياهو بأن ”ترامب الرئيس أكبر صديق لإسرائيل منذ أجيال”، وأن “قادة دوليين، مثل ترامب وبوتين، يرقصون على إيقاعاته”. وكتب أن “بوتين هو الذي فرض قيودا على إمكانية دفاع إسرائيل عن نفسها في سوريا من التمركز الإيراني قرب الحدود، وترامب هو المسؤول عن التخلي عن إسرائيل مقابل العدوانية الإيرانية في المنطقة. وطالما أن “روسيا هي التي تقرر، وفي ظل عدم وجود ردع أميركي في سورية، فمن يمنع حزب الله وإيران من تحويل الجولان إلى موقع أمامي”. وبحسبه، فإن المظلة الإستراتيجية التي وفرتها الولايات المتحدة لإسرائيل تضعضعت، بعد أن كانت إسرائيل “تتمتع” بالقدرة على التلويح لـ”أعدائها” بأنه من الأفضل أن يأخذوا بالحسبان أن الولايات المتحدة إلى جانبها. وكتب أيضا أن “قرار ترامب يدل على ضعف، وربما خيانة واشنطن لحلفائها، وأولهم الأكراد في سورية، وأيضا إسرائيل تشعر بالقلق، حيث أن نتنياهو تجنب التدخل في الحرب في سوريا، واعتمد على الأميركيين في ضمان مصالح إسرائيل عندما تنتهي الحرب. ولكن يبدو الآن أن سوريا أصبحت بيد ألد أعدائها، دون أن يكترث أحد لمصالح إسرائيل”. من جهته كتب مراسل “هآرتس” في الولايات المتحدة، حيمي شاليف، أن الخطوة التي وصفها بـ”المتسرعة” لترامب هي بمثابة “بصقة في وجه إسرائيل”. وكتب أنه لو كان الرئيس باراك حسين أوباما هو الذي يترأس الولايات المتحدة اليوم لقالوا عنه “جبان ومهزوم.. يهرب وينسحب مهزوما.. يطوي ذيله.. يتخلى عن إسرائيل.. يخون الأكراد ويغرز سكينا في ظهر معارضي الطاغية الأسد.. يعزز قوة إيران.. يمنح روسيا نصرا ساحقا.. يلقي طوق النجاة لبقايا داعش ويشجع الإسلام الراديكالي”. ولكن، بحسب شاليف، ونظرا لأن ترامب هو الذي اتخذ القرار، فإن إسرائيل تتقبل ذلك بتفهم، وتحترم القرار، و”تنتقد بصوت خافت، وتصلي كي تتبدد مخاوفها من الإجراءات الأميركية”. وكتب، ملمحا بشكل واضح إلى نتنياهو، أنه راهن على خطوات رمزية، مثل نقل السفارة إلى القدس وتحصين المستوطنات، على حساب التهديد الخطير والفوري القائم في الشمال. مضيفا أن هذا مصير من “علق في حفرة لزجة من الخنوع والتملق إلى درجة أنه فقد القدرة على الاختلاف مع الرئيس الأميركي علانية، أو تجنيد الكونغرس والرأي العام ضده”. وكتب أيضا أن إسرائيل ستنظر في الأسابيع القريبة إلى الولايات المتحدة وهي تتخلى بشكل فعلي عن قدرتها على التأثير على الأحداث في سورية. ورغم أن مسؤولين أميركيين تعهدوا بمواصلة المعركة من الجو، إلا أنه بدون تواجد على الأرض فإن القدرة على الردع سوف تتضرر، والقدرة على تعزيز تواجدها بشكل فوري على الأرض ستزول، وتأثيرها على صياغة التسوية النهائية في سورية سوف تتبدد بشكل تام. فالتراجع الأميركي يعني منح الهيمنة المطلقة لموسكو. كما توقع أن تؤدي خطوة ترامب إلى تسريع الحملة العسكرية التي أعلنت عنها تركيا في شمالي سوريا. وبحسب شاليف فإن “المخاوف من التصادم مع الجنود الأميركيين قد ردعت الرئيس رجب طيب إردوغان، ولكن تبين أن ترامب هو الذي يخاف التورط مع إحدى دول حلف شمال الأطلسي. والأكراد الذين سلحتهم الولايات المتحدة سيبقون لوحدهم في مواجهة الجيش التركي الكبير والقوي”. وكتب أيضا أن انسحاب القوات الأميركية لا يوجد له دلالة عسكرية فحسب، وإنما رمزية أيضا، فهي تعني بالنسبة لإسرائيل “حلوا مشاكلكم لوحدهم. واجهوا لوحدكم الكرملين وآيات الله والأسد.. لم يعد ذلك يعنينا.. خسارة على الأموال التي ننفقها هناك عليكم.. نحن مع الولايات المتحدة أولا، وليس كما تعتقدون الولايات المتحدة وإسرائيل أولا”. وأنهى مقالته بالقول “إن نتنياهو صرح أن إسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها. ولكنها ستفعل ذلك من موقع ضعيف، حيث لا يقف خلفها الأخ الأكبر، خاصة بعد أن تقلصت قدرتها على المناورة بشكل جدي بعد إسقاط الطائرة الروسية. قرار ترامب يمس بشكل خطير بأمن إسرائيل، ولكنها ستتقبل عقابها بحب. ويجب عليها أن تقسم الآن أن البصقة من البيت الأبيض هي أمطار بركة”. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي