fbpx

ما قبل برنارد لويس

مرصد مينا

ربما انتقلت حرب غزة من سؤال الحرب بوصفها أفعال عسكرية إلى سؤال “القيم”، والقيم هنا تطال الغرب، أمريكا، المانيا، فرنسا، فما يحدث في غزة سيطال الفكر الإنساني برمته، وما يحدث يعيد قراءة منظومة الفكر والتفكير الغربي بما يتناسب مع الوقائع التي تشهدها الأرض، فالعالم أمام مفارقة كبيرة، مع إضافة جداً جداً جداً، فالغرب هذا الذي أسس على مبدأ الحداثة، والذي أقيم على مبدأ التنوير، وتم إنشاؤه على تداعيات أفكار عصر النهضة، والتي تتلخص بأصالة الإنسان، ألا يستعيد السؤال الأهم:

ـ أين الإنسان في الفكر الغربي اليوم؟

كل المدارس الفكرية التي أقيمت في الغرب بدءاً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر والتي تقوم على فكرة محورية هي الإنسان، عندما ترى ما يحدث في غزة، ألا يكفيها لإعادة طرح السؤال؟ إعادة طرحه على الغرب، وبالتالي الكشف عن هذا التناقض الفاضح ما بين القتل الذي تمارسه إسرائيل وتلك القيم التنويرية؟  ألا يستدعي كل هذا القتل إعادة النظر بالقيم الغربية؟

ألا يفضح هذا القتل مجمل الشعارات التي قامت عليها الفلسفة الغربية كما فلسفة سارتر وهايدغر وسواهما وقد جاءا من منتوجات الحرب العالمية الثانية؟

المشهد بالغ الفصاحة:

ـ بندقية قناص إسرائيلي تصيب طفل فلسطيني، فيتقدم طفل وهو يحمل راية بيضاء باتجاه أخيه لإسعاف أخيه، فتأتي طلقة القناص على الطفل الشقيق ليتكوم قتيلاً فوق جثة أخيه.. والمشهد بالصورة الحيّة.. ألا يكفي هذا ليعيد الغرب السؤال، ومع استعادته يعيد النظر بالموقف من إسرائيل؟

حرب غزة تعدت فيما تعدت حقائق الحروب، كما تعدت الكلام عن التوازن العسكري أو المنتصر والمهزوم، لتؤكد أن الهزيمة قد أصابت “القيم” الإنسانية، وهي القيم التي تصنع الأمم أو تؤدي لانهيارها، فذات يوم كان لقدماء المصريين محكمة تدعى “محكمة الروح”، فما هي تلك المحكمة؟

إنها محكمة تستدعي وجود 42  قاض، ينتمون إلى 42 إقليماً من أقاليم مصر، وعلى كل مواطن أو مواطنة مصرية الوقوف أمام هذه المحكمة ليوجه إليه أو اليها 42 سؤالاً، وعلى مواطنها الإجابة بـ “نعم” أم “لا”، ومن بين تلك الأسئلة:

ـ هل تسببت بحزن إنسان؟

ـ هل ظلمت حيواناً؟

هل تسببت بإفساد مياه النهر؟

ـ هل ارتفع صوتك في حوار مع آخر؟

وسلسلة من أسئلة تطال “قيم الوجود الإنساني”..

كان ذلك ما قبل آلاف السنين، يوم أشاد الإنسان سفينته، ويوم صنع مسلّته، ويوم جعل من الاهرامات معجزة معمارية، ويوم لم يكن قد ولد من يُسمى:

ـ برنارد لويس، أعظم فقهاء القتل لتشريع ثكنة القتل الإسرائيلية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى