fbpx

تحت "مقصلة" واشنطن .. أنقرة تعترف بفشل المنطقة الآمنة بسوريا

نظرة سريعة على الحراك التفاوضي والدبلوماسي المكثف، بين المسؤولين الأمريكيين والأتراك، وما يعقد بالتوازي معها من لقاءات أمريكية مع قيادات قوات سوريا الديموقراطية، وفحص التصريحات الرسمية لكافة الأطراف حول المنطقة الآمنة، شمال سوريا، نجد ان المعطيات تشير بشكل لا لبس فيه، الى عدم وجود أي توافق تركي أمريكي، حيال المنطقة، فيما يبدو ان الطرف الأمريكي الذي يمسك بخيوط المعضلة، هو من يقف أمام نضوج المشروع او فرص نجاح التسويات، فيما يعزوا مراقبين لمرصد “مينا” السبب الى عدم رغبة واشنطن بخسارة حليفها المحلي قوات ;laquo;قسد;raquo; التي لن تستطيع تأمين بديلا عنه من المقاتلين الملتزمين بمصالحها.

وبذلك تنتظر الولايات المتحدة الأمريكية الوقت المناسب لفرض شروطها التفاوضية الصعبة على أنقرة، بما يضمن مستقبلها و”أجرة سمسرتها” في أهم منطقة غنية بالثروات الباطنية والغذائية في سوريا، بحسب مراقبين.

وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” صرح خلال مؤتمر عقده أمس، الأربعاء، في العاصمة التركية أنقرة، بأن الاقتراحات الأمريكية الجديدة المتعلقة بالمنطقة الآمنة في شمال سوريا لا ترضي تركيا، وان البلدين لم يتفقا على مدى عمق المنطقة ومن ستكون له السيطرة عليها وما إذا كان سيتم إخراج وحدات حماية الشعب بالكامل منها، مبيّناً أنه ينبغي التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن في أقرب وقت ممكن.

وللمرة العاشرة، ربما، يعلن وزير الخارجية التركي خلال المؤتمر عن نفاذ صبر حكومة بلاده، كاشفا عن نوايا المماطلة التي لا تخرج عنها السياسية الامريكية وقال “نشعر بوجود نوع من المماطلة حيال المقترحات الأميركية الجديدة وقال “يجب أن نتوصّل إلى تفاهم مع واشنطن بشأن المنطقة الآمنة بسوريا في أقرب وقت”.

ولفت الوزير التركي الى حقيقة المراوغة الأمريكية، حيث عقدت اجتماعين متزامنين مع كل الحكومة التركية وقيادات قسد التي تصنفها انقرة “إرهابية” قائلا “اجتماع مسؤولين من الجيش الأمريكي مع قائد بوحدات حماية الشعب الكردية في اليوم نفسه الذي أجرى فيه جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، محادثات في وزارة الخارجية التركية ، يشير إلى أن واشنطن لا تتعامل بنية صادقة” حسب تعبيره.

ويقرأ الخبير في العلاقات الدولية “محمد العطار” عجز اللاعبين الدوليين في تفكيك عقد المنطقة الشرقية الأكثر إلحاحا، موضحا لمرصد “مينا” محاولات “واشنطن، التوفيق بين حليفين، محلي واقليمي، بيد أن الأخير يعتبر حليف واشنطن المحلي، قوى “إرهابية”، تشكل الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، وهنا تكمن “عقدة النجار”.

وفي الطرف المقابل “تثير المنطقة الآمنة مخاوف تركيا باعتبار ملفها الشائك يهدد أمنها القومي، إذ ترى حكومة أنقرة في المنطقة الآمنة درعاً لها، وذلك خوفا من انتزاع أجزاء من الحدود التركية مع سوريا والعراق لصالح كانتون كردي جديد في المنطقة، يهدد الأمن القومي” بحسب الخبير المتابع عن كثب تطورات الملف السوري.

وتعمل تركيا عبر تدخلها العسكري في سوريا إلى الاستثمار في هذا الجانب، فقد تمكنت فعلاً من قطع الطريق على الأتراك شمال سوريا عندما سيطرت عسكرياً على مناطق واسعة كان الأكراد يسيطرون عليها، وأهمها مدينة عفرين وريفها، وشهدت عفرين مؤخراً حركة تتريك واضحة شملت المرافق العامة.

السفارة الأمريكية في تركيا، قالت الأربعاء، أن الجانبين ملتزمان بتحقيق تقدم في هذا الملف، وأضافت في بيان لها على موقعها الرسمي في شبكة الإنترنت: ” إن واشنطن وأنقرة ملتزمتان بتحقيق تقدم سريع وملموس بشأن خارطة الطريق المتفق عليها بشأن مدينة منبج الواقعة في شمال سوريا”.

وتابعت السفارة في بيانها ;دار نقاش شامل حول سوريا، وخصوصا منطقة شمال غرب البلاد، وعبر الجانبان عن التزامهما بتحقيق تقدم سريع وملموس بشأن خارطة الطريق الخاصة بمنبج، كما ناقشا مقترحات تفصيلية لتعزيز أمن تركيا على طول حدودها مع شمال شرق سوريا”.

أزمة “الصبر”

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في وقت سابق من هذا العام إن الجيش التركي سيشن هجوما عسكريا على شمال سوريا لتطهير المنطقة من وحدات حماية الشعب، وهو ما كان سيُعد ثالث عملية تركية خارج حدودها خلال ثلاث سنوات، غير أنه تقرر لاحقا تأجيل هذه العملية بعد قرار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الجنود الأمريكيين من هذه المنطقة. وتقول تركيا إنه منذ ذلك الحين أوقفت واشنطن إحراز تقدم فيما يتعلق بخارطة الطريق الخاصة بمنبج. وحذرت تركيا من أنها قد تشن هجومها عند الضرورة.

كما صرح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، سابقا، إن بلاده لديها القدرة على إقامة ;laquo;منطقة آمنة;raquo; في سوريا بمفردها لكنها لن تستبعد الولايات المتحدة أو روسيا أو أي دول أخرى تريد أن تتعاون في هذه المسألة، فيما شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على ان هذا الملف كان أحد اهم المحاور الرئيسية للزيارة التي أجراها إلى روسيا، مضيفا ان بلاده تبحث عن سبل ضمان الأمن على عمق 30 ـ 32 كيلومترا بالمنطقة القريبة من تركيا.

ويواصل الحديث التركي عن المنطقة الآمنة، وفروغ الصبر التركي، حيث صرح وزير الخارجية التركي يوم الاثنين إنه إذا لم يتم إنشاء المنطقة الآمنة في شمال سوريا وإذا استمرت التهديدات ضد تركيا فسوف تبدأ أنقرة عملية عسكرية شرقي نهر الفرات.

لكن الإشكالية تبدو عالقة وستبقى كذلك، دون ظهور ملامح اتفاق بين الجانبين التركي والامريكي، وسط مساعي تأجيل وعرقلة امريكية لأقصى درجة ممكنة، حتى الحصول على التنازلات المطلوبة من أنقرة، التي حشدت قواتها بداية من منبج بالانتقال إلى منطقة شرقي الفرات، لتأسيس المنطقة العازلة بعمق 30 كيلو مترا، والتي تبدو بعيدة المنال.

مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الاعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى