fbpx
أخر الأخبار

“النكتة” التي أسقطت “راجاباسكا”

تبدأ الإطاحة بالقبضات الحديدية بـ “نكتة”، وهاهي الوكالات تناقل نكتة تدوالها السيرلانكيون تقول بأن مسؤولا صينيا زار سيرلانكا  والتقى بعدد من كبار المسؤولين الحكوميين فيها،  شعر المسؤول الصيني بالحيرة لأن جميع من التقى بهم يحملون اسم العائلة راجاباكسا، فسـأل الضيف مضيفيه هل هذا هو اسم العائلة الوحيد الموجود في بلدكم؟

نكتة ربما يجوز تداولها في بلدان عديدة محكومة للقبضة إياها كما لو زار أحد دمشق ليقرأ يافطات من طراز مكتبة الأسد، وجسر الأسد ومعهد الأسد ومشفى الأسد، وربما أفران الأسد، فعائلة راجاباكسا سيطرت على الدولة الجزيرة منذ عقدين، ومن ثم اندلعت التظاهرات في البلاد فأعلن راجاباسكا استعداده للتنحي، ومن بعدها أُعلن  فراره  لمكان مجهول في أعقاب اقتحام محتجين لمقر إقامته الرسمي وأشعال النيران في منزله.

جاءت الإضطرابات بعد أسوأ أزمة اقتصادية عاشها السريلانكيون منذ حصول البلاد على استقلالها عن بريطانيا في عام 1948. ويعزوا العديد من الخبراء المشاكل الحالية التي تواجهها البلاد إلى سوء الإدارة وفساد العائلة.

فرار آل رجاباسكا أشبه بزلزال سياسي ضرب العائلة الحاكمة والبلاد أيضا. “تمثل استقالة ماهيندا راجاباكسا تحولاً مخزياً في حظوظ رجل كان لسنوات ببساطة أقوى شخص في سريلانكا” حسب رأى أييشيا بيريرا، وهي محررة آسيا على موقع بي بي سي نيوز.

تولى ماهيندا رجاباكسا رئاسة سريلانكا لفترتين ما بين 2005 و2015

أصبح الرئيس السابق ورئيس الوزراء المستقيل أشهر أفراد عائلة لم تكن دائما قوية في الحياة السياسية العامة في الماضي، إذ تنتمي راجاباكسا إلى طبقة ملاك الأراضي في منطقة هامبانتوتا الجنوبية.

وبدأ صعود ماهيندا في الحياة السياسية عند انتخابه لأول مرة نائبا برلمانيا في عام 1970 كأصغر عضو في البرلمان.

ثم في ثمانينيات القرن الماضي تم انتخاب كل من ماهيندا وشقيقه الأكبر شامال لعضوية البرلمان.

اكتسب ماهيندا شعبية بسبب إدانته لانتهاكات حقوق الإنسان ضد التمرد اليساري الذي حدث في 1987 و1989 والطلب من الأمم المتحدة التحقيق فيها.

وفي عام 1994 تولى أول منصب وزاري عندما عينه الرئيس الجديد للبلاد في ذلك الوقت تشاندريكا كوماراتونغا، وزيرا للعمل. وبعد عشر سنوات أصبح رئيساً للوزراء.

أما الصعود الأهم فكان توليه منصب الرئاسة في عام 2005، وفاز بالانتخابات الرئاسية بفارق بسيط من الأصوات لكن بدأت السيطرة الحقيقية للعائلة على شؤون البلاد.

من سيرة العائلة أن أسرة راجاباكسا احتكرت الحياة السياسة السريلانكية، فقد منح ماهيندا شقيقه الأصغر غوتابايا، الرئيس المتنحي حاليا، منصباً رفيعاً في وزارة الدفاع وأشاد البعض بإدارته للحرب الأهلية في وقتها، بينما عمل الشقيق الأكبر في العائلة تشامال في وزارات مثل الزراعة والثروة السمكية والري، كما تولى الشقيق الآخر باسيل منصب وزير المالية ووزير التنمية الاقتصادية. كما شغل العديد من الأقارب الآخرين للأخوة الأربعة مناصب عامة، ولا سيما أبناء ماهيندا، حيث تولى الابن نامال مؤخراً منصب وزير الرياضة في سريلانكا، ويوشيثا مدير مكتب رئيس الوزراء حتى استقالة والده.

لكن الأسرة منيت بانتكاسة كبيرة عندما خسر ماهيندا الانتخابات الرئاسية لعام 2015 بشكل غير متوقع.

لكن العائلة عادت سريعا إلى السلطة بعد أربع سنوات، لكن من خلال غوتابايا، الذي تولى قيادة البلاد في 2019 بعد الفوز في الانتخابات، لأن الدستور منع شقيقه ماهيندا، الرئيس السابق، من الترشح لمنصب الرئيس مرة أخرى.

غير أن اللوحات الإعلانية والهتافات التي تطالب الأسرة بإعادة “الأموال المسروقة” للبلاد هي مشهد مألوف في الاحتجاجات في جميع أنحاء سريلانكا، ليس اليوم فحسب، بل في الأيام السابقة على سقوط الرئيس وسقوط العائلة معه، غير أن ماحدث اليوم كان بالضربة القاضية لعائلة الفساد ينخر تاريخها.

هو الامر كذلك، غير أنها وعلى لعناتها  “ونعني عائلة رجاباسكا” لم تتحصن في القصر وتطلق الطيران الحربي على المتظاهرين أمام بوابة قصرها.. لم تدمر مدنًا، ولم تستدع احتلالات اجنبية لتدافع عن سلطة العائلة.

ـ من أجل السلطة والسطوة ذهب معمر القذافي وذهبت ليبيا معه.

ـ من اجل السلطة والسطوة لم يتنح علي ناصر محمد إلاّ والحرب الاهلية تقرع باب اليمن لتتحول اليمن إلى خرابة.

ومن أجل السلطة والثروة، دمرت مدن سوريا، وأرياف سوريا، هاجر نصف سكانها ومن بقي، بقي في مقبرة.

كل النكات قيلت في عائلة الأسد / القذافي ومن قبلهما صدام حسين، وكل التراجيديات الكبرى ارتكبها الثلاثي  دون أن يرف لهم جفن.

ابتدأ سقوط راجابسكا بالنكتة، ولم تتحول النكتة إلى مجزرة، وهذا كاف للقول:

ـ كانت عائلة راجابسكا عائلة طيبة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى