fbpx

يوم تنفض الولايات المتحدة يدها من حلفائها.. تاريخ التخلي عن الحليف

أواخر القرن الثامن عشر، شهدت العلاقات الفرنسية الأميركية تدهورا سريعا سرعان ما تحول إلى نزاع مسلح بين الطرفين. فعلى إثر عقود من العلاقات الدبلوماسية والتجارية الطيبة، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في التنكر لحليف الأمس والذي لعب دورا أساسيا خلال حرب الاستقلال الأميركية حيث قدمت فرنسا دعما هائلا للأميركيين أثناء حربهم مع البريطانيين ما بين عامي 1775 و1883، مرسلة بذلك عشرات الآلاف من جنودها وخيرة جنرالاتها لدعم القضية الأميركية. ولم يتردد الفرنسيون في تقديم دعم مادي وعسكري كبير للولايات المتحدة الأميركية عن طريق مدّ قوات المستعمرات الثلاث عشرة بالمال والعتاد العسكري. ومع بداية الثورة الفرنسية سنة 1789، حافظت الولايات المتحدة الأميركية على علاقات طيبة مع الفرنسيين. لكن على إثر حادثة إعدام الملك الفرنسي لويس السادس عشر (Louis XVI) وإقرار الحكومة الفرنسية لقانون إجهاض العبودية، شهدت هذه العلاقات التاريخية بين الطرفين تدهورا سريعا، حيث تخوفت الولايات المتحدة الأميركية من انتشار الفكر المناهض للعبودية نحو أراضيها. وبالتزامن مع ذلك، جاءت قضية جينيت (Genêt) لتزيد الطين بلّة حيث رفضت السلطات الأميركية تسليم السفير الفرنسي بفيلادلفيا إدموند شارل جينيت (Edmond-Charles Genêt)، المتهم بارتكاب أخطاء عديدة، للجانب الفرنسي مفضلة منحه الجنسية الأميركية واللجوء السياسي. وخلال الفترة التالية، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية رفضها تسديد ديونها، والتي تعود إلى حقبة حرب الاستقلال، للفرنسيين، مؤكدة أن تلك الديون ملك للخزينة الملكية الفرنسية وأن خزينة الجمهورية الفرنسية غير معنية بالأمر وبالتالي تملّص الأميركيون عن تسديد ما عليهم للفرنسيين، معلنين زوال كل الديون مع قيام الجمهورية الفرنسية ونهاية الملكية وإعدام الملك لويس السادس عشر. ومع توقيع معاهدة جاي (Jay) خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1794، بلغت العلاقات الفرنسية الأميركية نقطة اللاعودة. فبناء على هذه المعاهدة وافقت الولايات المتحدة الأميركية على حلّ جميع خلافاتها السابقة مع الجانب البريطاني وتكريس سياسة التصالح بين البلدين وهو ما أثار غضب الفرنسيين الذين كانوا في حالة حرب مع بريطانيا حينها. فضلا عن ذلك، أعلن الأميركيون اتخاذهم لموقف الحياد فيما يخص النزاع على الساحة الأوروبية خلال ما عرف بحرب التحالف الأولى. وكرد على ذلك، أمرت الحكومة الفرنسية القراصنة العاملين لصالحها بالكاريبي بالاستيلاء على السفن التجارية الأميركية، وهو الأمر الذي تسبب في إلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الأميركي، ففي حدود سنة 1796 وحدها خسر الأميركيون ما لا يقل عن 100 سفينة تجارية لصالح القراصنة. ومع حلول عام 1797، اهتزت الولايات المتحدة الأميركية على وقع فضيحة XYZ والتي طلب خلالها عدد من الدبلوماسيين الفرنسيين رشوة من عند بعض المسؤولين الأميركيين الذين حلوا بباريس لإعادة العلاقات بين البلدين. وعلى إثر هذه الفضيحة المدوية أقدمت الولايات المتحدة الأميركية على إلغاء جميع اتفاقياتها الثنائية المبرمة مع الجانب الفرنسي عقب حرب الاستقلال. وبناء على ذلك، شهدت المنطقة اندلاع حرب غير معلنة (حرب غير رسمية) بين الطرفين، حيث أمر الرئيس الأميركي جون أدامز (John Adams) بدعم ثورة هايتي ضد الوجود العسكري الفرنسي وسمح للبحرية الأميركية بمصادرة جميع السفن الفرنسية التي كانت تبحر بالمنطقة. جرت أطوار هذه الحرب غير المعلنة بين الطرفين على ساحة المحيط الأطلسي حيث تركزت أساسا على المعارك البحرية. وامتدت المواجهات لأكثر من سنتين لتستمر ما بين شهري تموز/يوليو سنة 1798 وأيلول/سبتمبر سنة 1800 وخلالها تمكن الفرنسيون من أسر ما يزيد عن ألفي سفينة تجارية أميركية. وفي الأثناء، عرف هذا النزاع البحري بين الطرفين نهايته خلال الفترة التي تلت حصول نابليون بونابرت (Napoléon Bonaparte) على منصب القنصل الأول بفرنسا. وكالات مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى