fbpx

الربيع الإسرائيلي.

وكذلك الإسرائيليون يغضبون.. هي ليست ثورة “الفالاشا” وحدهم، هي الثورة على الثكنة وإن تأجلت فالطبيعي أن تخرج من وراء أسوارها. قد يكون ربيعًا إسرائيلياً، بفارق أن الحكومة الإسرائيلية لم تكتشف بعد قوّة البراميل المتفجرة، فقوات الشرطة مازالت تستخدم خراطيم المياه، وفي الحالات القصوى العصى الكهربائية، وبالنتيجة من بوسعه أن يقول أن إسرائيل ليست عرضة للطوفان.. طوفان الناس؟ ستكون ذلك لمجموعة من الأسباب، لنعدد بعضها: ـ دولة بلا دستور حتى اللحظة. ـ بلا خريطة محددة حتى اللحظة. وبلا تعريف للمواطن. وكلها أسباب تدعو الإسرائلي للتساؤل : ـ هل نحن أمّة؟ كل ذلك قد لايكون الأساس، فالأساس، أن الإسرائيلي محشور وراء الأسوار.. محاط بالعداوات، وجوده يقوم على دلالة الآخر الخصم الذي هو العدو، وما من كائن يستمد شرطه من عدوّه، وإذا ما تأملنا بنوع من العقلانية، وبعيدًا عما تراكم فينا من شعارات، فالإسرائيلي هو الأحوج للخروج من وراء الأسوار، ولخروج شبابه من صيغة: ـ إما تحت السلاح، وإما احتياطي سلاح. وفي الحالين هو في سجن الثكنة، ولهذا سيكون السلام شرط خروج الإسرائيلي من سجن الجغرافية ليغادر الثكنة إلى التنمية، الحوار، التكنولوجيا، والأمان. هذا يدعو قوى السلام العربي لإدراك مثل هذا الأمر، فالسلام كما هو خلاص للشباب العربي الذي يخدم في ثكنات سماسرة الجيوش وجنرالاته، لتنتهي خدمته مسلوب الإرادة، مضيّع العمر، محسوم من شبابه زهرة شبابه، هو كذلك بالنسبة للإسرائيلي، وكل ما على العرب استيعابه هو فكرة أن السلام هو شرط الحياة على الضفتين مادامت الحروب أو استعدادات الحروب أو يافطات الحروب تعني ديمومة الديكتاتوريات وتأبيد القيادات واللعب بمصائر الناس. انتفاضة الفالاشا، ليست مجرد خبر عابر عن متظاهر يدمّر زجاج سيارة ويولع الحرائق في الطرقات، هي أكبر من ذلك فيما تراكم، وأعمق من ذلك فيما لو رأيناها ببعدها المستقبلي وبما تخبئه، وهاهي تعبر الإعلام العربي كما لو خبر لايلتفت إليه، وهي كذلك سواء في الإعلام الرسمي، او في إعلام المعارضات التي لاترى في الجغرافية قيمة حاسمة، ولا ترى مالجناح الفراشة من أثر.. إعلام لايتوقف سوى ليسخر أن يندّد وبمن؟ ـ بالمتظاهرين. الربيع الإسرائيلي ابتدأ بالفالاشا، الناس الأكثر بؤسًا في المجتمع الإسرائيلي، تمامًا كما ابتدأ الربيع العربي بناس الهوامش والحواري والأزقة الفرعية، وهو قابل ليشكل مثلاً قابلاً للحوار، بل والتحالف معه وصولاً لمنطقة خالية من الثكنات والحروب والجنرالات الذين يمثلون ضباع الأمس واليوم، وبقاءهم يعني ضباع الغد. ربيع يحتفى به.. اكثر من ذلك يستدعي التأمل وربما التعلّم. ربيع إسرائيلي.. ذلك هو اسمه.. ربما سيحمل لنا الكثير بل والكثير جدًا.   مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى