fbpx

معضلة الإدمان في إيران

خاص بمينا يمثل الإدمان أحد المعضلات الاجتماعية المنتشرة في إيران، وتشير إحصاءات النظام الإيراني الرسمية إلى وجود أكثر من مليونين وثمانمئة وثمانية آلاف مدمن فيها. وفي الحقيقة فإن عدد أولئك الذين يتعاطون المخدرات هو أكثر كثيراً من هذا الرقم. تشكل النساء حوالى 10 في المئة من عدد المدمنين هناك، ولكن الأكثر إيلاماً هو ولادة 7500 طفل مدمن سنوياً، أي أكثر من 20 رضيعاً مدمناً يومياً، وذلك وفقاً لتقرير موقع تابناك في تاريخ 24 شباط/ فبراير 2018. ووفقاً لتقرير موقع «سلامت نيوز» الحكومي في تاريخ 26 حزيران/ يونيو 2016، تحدث «علي هاشمي» رئيس لجنة مكافحة المخدرات المستقلة، مصرحاً بشأن عدد المدمنين في إيران: “ليس بودي أن أصوّر الوضع سوداوياً، ولكن عام 2011 كان عدد 4 ملايين متعاطٍ للمخدرات رقماً صحيحاً ولكنهم لم يسمحوا بنشر هذا الرقم”. إن هذه الإحصائية تصوّر الوضع المأسوي المؤلم من تفشي ظاهرة الإدمان في إيران، ولكن الأمر المثير للاستغراب أن سعر المخدرات في إيران لم يزدد على الرغم من كل الاضطرابات في أسعار العملات الأجنبية والغلاء الفاحش الذي ضرب السوق الإيرانية. «سعيد صفاتيان» عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، صرّح يوم 22 آب/ أغسطس ٢٠١٨ قائلاً: «على الرغم من وجود اضطرابات في العملة الأجنبية، وبينما كان الكل ينتظر ارتفاع أسعار المخدرات ضعفين على الأقل، لم يحصل هذا الأمر». ثم إن نسبة السيولة المالية للمخدرات في إيران كبيرة جداً، إذ أضاف سعيد صفاتيان بهذا الصدد: “اقتصاد المخدرات يشكل العمود الفقري لعمليات غسيل الأموال، حيث يجري جمع حوالى 80 ألف مليار تومان من تجارة المخدرات في إيران، وهذا رقم كبير جداً وقد يصل هذا المبلغ إلى ميزانية بضع وزارات، وهذا الرقم يعادل قرابة ضعفي الدعم الحكومي النقدي في إيران”. وقد سمح النظام الإيراني بتهريب المخدرات عبر أراضيه إلى أوروبا والدول العربية الغنية، فمدعي إيران العام الأسبق “دري نجف آبادي” صرح في مقابلة له مع صحيفة “رسالت” الناطقة بالفارسية في 2 آب/ أغسطس 2008 قائلاً: “لو استمرت البلدان الغربية في تحدي إيران في مجال الطاقة الذرية، بإمكان إيران أن تسمح بعبور المواد المخدرة ليس عبر الأراضي الإيرانية بل عبر البحر ونقاط أخرى”. وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أدرجت اسم اللواء غلام رضا باغباني، أحد كبار قادة فيلق القدس؛ الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني في قائمة الحظر بتهمة المشاركة في تهريب المخدرات، بحسب إذاعة بي بي سي الناطقة بالفارسية في خبر لها في 7 آذار/ مارس 2012. وفي 17 تشرين الثاني/ نوفمبر2011 كشف ضابط الحرس الثوري المنشق “سجاد حق بناه” في مقابلة له مع صحيفة تايمز أن الإتجار بالمخدرات وتهريبها أصبح أمراً منتشراً بين قادة الحرس الثوري في إيران، وأن بعض هؤلاء القادة ضالع مباشرة في ذلك. هذه التصريحات وغيرها تشير إلى أن هذه المبالغ هي مرابح تحصل عليها قوات الحرس الثوري من جراء تهريب المخدرات ولا تريد الكف عن الاستمرار في الحصول عليها، بل إنها تزيد من رقعة انتشارها، حتى تضاعف عدد المدمنين في إيران منذ عام 2011 وحتى الآن.

  • المنتخب الإيراني المدمن

مع تفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات رخيصة الأسعار، كاد الإدمان على المخدرات يطال شرائح المجتمع كلها, ومن الظواهر النادرة في إيران المنكوبة بالملالي إدمان الرياضيين من أعضاء المنتخب الوطني على المخدرات. ففي بلدان العالم كلها يكون الرياضيون في مستوى المنتخب الوطني قدوة ومثالاً للشباب، ولكن نظام الملالي، استهدف جميع شرائح المجتمع الإيراني، لكي ينهار وتسهل السيطرة عليه. وكالة أنباء الرياضة الإيرانية “ورزش سه” نقلت عن “نيما نكيسا” أحد لاعبي كرة القدم الإيرانيين السابقين ورئيس لجنة تطوير كرة القدم في الاتحاد الإيراني، قوله خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد ٢٥ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٨، أن: “17 في المئة من لاعبي كرة القدم بينهم أعضاء في المنتخب الوطني ومنتخب الشباب وغيرهم مدمنون على المخدرات”. وأوضح نكيسا أن: “بعض لاعبي المنتخب الوطني الإيراني الذين جرت دعوتهم إلى صفوف المنتخب حين كانوا مراهقين قبل نحو 15 سنة كانوا مدمنين مخدرات وما زالوا”، مشيراً إلى أن “ظاهرة الإدمان كانت متفشية حتى قبل الثورة بالنسبة إلى بعض لاعبي كرة القدم الإيرانية”. إن هذه الإحصاءات تؤكد عمق الكارثة التي ضربت المجتمع الإيراني، وما يثير الدهشة أن أهم طرائق مكافحة انتشار الإدمان على المخدرات؛ نشر الرياضة في نطاق واسع من المجتمع، ولكن في إيران المنكوبة بالملالي، الأمر مختلف تماماً فحتى أعضاء المنتخب الوطني مدمنون على المخدرات أيضاً. وتهريب المخدرات بأثمان رخيصة من طرف قوات الحرس الثوري ومخابرات النظام، إضافة إلى الكم الهائل من المعضلات الاجتماعية والاقتصادية أصبحت أوراماً خبيثة لوثت الرياضيين كلهم حتى مستوى النخبة. وهذه هي أكبر جريمة ارتكبها هذا النظام إذ دمّر الثروة الاجتماعية والبشرية في إيران. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى