fbpx

الترحيل القسري: سوريون وعرب يلقى بهم إلى داخل الحدود السورية

يعاني مئات من الشباب السورين من إجبار السلطات التركية لهم على العودة قسراً إلى سوريا على الرغم من وجود مخاطر عدة تهدد حياتهم، وعلى الرغم من امتلاكهم  وثيقة إقامة مؤقتة صادرة عن السلطة التركية أو ما يطلق عليه اسم (الكملك) . وعلى الرغم من  تقديم السلطات التركية تفسيرات عدة  لهذا التصرف، إلا أن ذلك لا يقدم التبرير الكافي  قانونياً وإنسانياً بحسب أفراد عدة حاورهم مرصد مينا. صرخات استغاثة يصف ثامر 23 عاماً من مدينة دير الزور ما مر به ’’بالكابوس المزعج’’ الذي لا يعلم كيف حصل ولماذا؟ مبدئياً عجزه عن إيجاد تفسير منطقي له، حيث ذهبت صرخاته وطلبه الرحمة والشفقة بحاله و حالة ذويه أدراج الرياح. كان هذا الشاب يعيش على الأراضي التركية منذ 4 سنوات، ويعمل في قرية صغيرة قرب مدينة “أورفا “، ومقيد في إحدى الجامعات التركية كما أنه يحمل بطاقة “الكملك”،  إلا أن ذلك لم يفده  في شيء حين ألقي القبض عليه مع مجموعة من السوريين في ولاية “أدرنة” وهي غير الولاية التي كان يعيش فيها. قثد حُبس مدة 11يوم قبل أن ينقل مع عشرات الشبان إلى ولاية “هاتاي”، وهناك أجبر على توقيع أوراق تؤكد رغبته بالعودة إلى سوريا. يقول ثامر: ’’أخبرنا الضابط أننا سننقل إلى أحد المخيمات، وأن هذه الأوراق شكلية’’. لم يكن حسن يعلم أن توقيعه على هذه الأوراق سيحرمه من حق الدخول إلى الأراضي التركية مدة 5 سنوات، ويرى هذا الشاب أنه وقع ضحية تضليل متعمد من الضباط ومسؤولي قسم الهجرة الذين لم يشرحوا له بشكل كافٍ عن هذه الأوراق التي وقع عليها وآثارها، ولم يسمحوا له بقراءتها بشكل كافٍ. ’’أحسست أننا مجرد لعبة وأن حياتنا لا قيمة لها، إذ ألقي بنا على الحدود بشكل مهين، من من دون أي قلق على مصيرنا’’. يصف حسن كيف نقل ومن معه في سيارات عدة، مقيدين بالأصفاد، وتركوا عند معبر (باب الهوى) الحدودي قائلاً: إنها ’’أسوأ لحظات حياته’’، لأنه أجبر عن الابتعاد عن عائلته،  وزوجته الذين بقوا من دون معيل. وقد أكد ثامر أن المجموعة التي رحلت إلى سوريا معه، كانت تضم أكثر من عشرين شخصاً سورياً، أوقف 4 منهم بسبب مناطقهم التي يتحدرون منها في سوريا، لأن اثنين منهم  يرجع قيد نفوسهم إلى جبل العرب (السويداء)، وقد أوقفتهم جبهة النصرة كونهم من الطائفة الدرزية، وأوقف شابان آخران من مدينة اللاذقية أيضاً، وما زال الأربعة مجهولي المصير. كما أن 3 من العراقيين الذين كانوا مع حسن أوقفوا بعد ذلك في مدينة إدلب من دون أن يعرف مصيرهم أيضاً. في حين تمكن عدد من المنتمين إلى التابعية اليمنية من التواصل مع سفارتهم، وأمنوا عودتهم بشكل شرعي إلى الأراضي التركية، يشكوا كثير من الأفراد السوريين والمنتمين إلى جنسيات أخرى من صعوبة العودة والمشاكل القانونية والأمنية التي ستلاحقهم بعد ذلك. جنسيات عربية أخرى: يقول علي 26 عاماً من اليمن الذي كان يعيش في ولاية إسطنبول قبل أن يحاول مغادرة الحدود التركية بحراً بشكل غير شرعي: إن “عملية إجبار بعض الشباب على العودة (قسراً) إلى سوريا أو ما بات يعرف ’’بالترحيل’’ لم تقتصر على السوريين، بل ضمت معهم عدد من الجنسيات العربية الذين سجلوا أنفسهم على أنهم سوريون عند أخذ بياناتهم، ومن بين هؤلاء جنسيات يمنية و فلسطينية و مصرية و مغربية”. ولدى إلقاء السلطات التركية القبض عليه أخبرهم بأنه سوري، إذ احتجز ثم رحل إلى سوريا، يقول: ’’عندما أخبرتهم أني سوري كنت أظن أني سأستفيد من الميزات التي يتمتع بها السوريون، وأحصل على تعاطف السلطات، ولم يخطر لي أن يلقى بي إلى داخل الأراضي السورية’’. لم يشعر هذا الشاب بالراحة في منطقة غريبة عنه، لأنه وجد نفسه مع عدد من رفاقه العرب في منطقة غريبة عنهم  وغير مستقرة هي إدلب التي تعاني من فلتان أمني وتخضع إلى حكم هيئة تحرير الشام الإسلامية منذ سنوات عدة، وسط صراع بين الفصائل الموجودة فيها،  واتهامات تطال الأجانب في إدلب خوفاً من أن يكونوا مقاتلين، إذ يحقق معهم بشكل دقيق خشية انتمائهم إلى تنظيم الدولة. وبحسب علي، فإنه ورفاقه وجدوا أنفسهم غرباء في بلد غريب لا يتقنون لهجته، وتلاحقهم فيه الشكوك و ينظر إليهم باستغراب بسبب لون بشرتهم شديد السمرة. دواعي الترحيل: بحسب الناشط  براء سعود 27 عاماً الذي كان يعيش في ولاية “أورفا”، فإن عمليات الترحيل من تركيا إلى سوريا مستمرة من دون مراعاة الظروف التي تعاني منها سوريا، أو استمرار حالة النزاع المسلح والقصف فيها، وقد تعرض عدد من أصدقاء براء إلى الترحيل حيث أجبروا على توقيع أوراق تفيد برغبتهم الطوعية في العودة إلى بلده الأم (سوريا). ويرى هذا  الشاب أنه من حق السلطات التركية الحفاظ على القانون على أراضيها، لكنها يجب أن تراعي الظرف الإنساني الذي يعاني منه السوريون، كونهم فارين من منطقة نزاع يجب عدم إعادتهم إليها، منوّهاً إلى ضرورة تطبيق القانون بشكل عادل يضمن الجزاء لمن يرتكب المخالفات، لكن في الوقت ذاته يحقق عدم تعرض حياة هؤلاء الشباب إلى الخطر. وأوضح أن هناك أسباباَ عدة للترحيل؛ منها ارتكاب مخالفات على الأراضي التركية، ورغبة الأفراد الحرة بالعودة، أو انتهاك القانون التركي، أو مخالفة تصريحات الإقامة الممنوحة في تأشيرات السفر. يتابع هذا الناشط أن حالات الترحيل لم تشمل السوريين فحسب، وإنما شملت جنسيات أخرى مثل العراقية والمصرية والمغربية وغيرها، وغالباً ما تكون بسب مشاكل يفتعلها الأفراد أو بسبب مخالفتهم القانون التركي، وأن من يرحلون إلى سوريا من الشباب السوريين أغلبهم يلقى القبض عليهم أثناء محاولتهم عبور الحدود التركية نحو اليونان بشكل غير شرعي. لأن السلطات التركية كانت تتساهل معهم وتكتفي بسجنهم أياماً عدة ثم تطلق سراحهم، لكن هذه الإجراءات تغيرت بعد توقيع السلطات التركية اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي، ينص على تشديد الرقابة على الحدود التركية الأوربية (براً وبحراً) عام 2016 وبعد تزايد موجات الهجرة. وشددت السلطات التركية بعد ذلك عقوبة من يحاول عبور الحدود بشكل غير رسمي، من الشباب بشكل خاص أما العوائل والنساء الذين يلقى يقبض عليهم فترسلهم إلى المخيمات. ويؤكد عدد من الناشطين أن بعض الأجانب والعرب يفضلون أن يتم إبعادهم نحو سوريا، لسهولة العودة إلى الأراضي التركية و قرب المسافة وتدني التكاليف و لذلك يدعون أنهم سوريون. استنكار قانوني: بحسب الأوساط القانونية التركية فإن عملية إجبار أي شخص على توقيع الأوراق التي تنص على موافقته على العودة إلى البلد الأم (سوريا)، هي عملية غير قانونية شابها خلل في إرادة الموقع. ولا بد من تخييره بين الرحيل بإرادته، أو الخضوع إلى محاكمة على الأراضي التركية، وأن هذا يعد أحد الحقوق الأساسية للاجئين الذين يفترض أن سلطات البلد المضيف أي (تركية) منحتهم الحماية و الرعاية بموجب وثيقة “الكملك”. ويشير عدد من الناشطين السوريين إلى أن السلطات التركية تضيف أعداد المرحلين إلى سجلاتها الخاصة بالعائدين إلى سوريا، للاستفادة من مثل هذه الإحصاءات لأسباب سياسية داخلية. وتتعرض الحكومة التركية إلى الضغط من الأحزاب والتيارات المعارضة لها، بسب وجود السوريين الذين تجاوز عددهم 5.3  مليون لاجئ في تركيا بحسب الإحصاءات الرسمية التركية. وقد علق أحد الناشطين السوريين على ذلك بقوله: “أصبحنا نستخدم كأوراق ضغط في العملية السياسية التركية، من دون أن يراعى البعد الإنساني لوضعنا كوننا لاجئين فارين من الحرب”. وفي الوقت الذي تغيب فيه أي إحصاءات رسمية عن أعداد المرحلين السوريين والعرب إلى سوريا، تستمر معاناة هؤلاء من دون وجود من يقدم الدعم والمساعدة لهم. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” هذه المادة تعبّر عن وجهة نظر الكاتب، وليس بالضرورة أن تعبّر عن رأي المرصد. حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى