fbpx
أخر الأخبار

بين المصلحة والوساطة: دوافع زيارة رئيس وزراء إسرائيل الى موسكو

نزار أيوب

زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت المفاجئة إلى روسيا يوم السبت الفائت للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوسط بين روسيا وأوكرانيا تمت بتشجيع من بعض الدول الغربية، وبتنسيق مسبق مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي. ولهذا أبدت العديد من وسائل الإعلام الغربية اهتماماً خاصاً بهذه الزيارة بوصفها “رحلة شجاعة وخطيرة” لزعيم ديني، سافر يوم السبت سعياً لإنقاذ الأرواح. وقد اتصل بينيت خلال تواجده في موسكو هاتفياً مع زيلينسكي، قبل مغادرته إلى برلين للقاء المستشار أولف شولتز.

من المرجح أن زيارة بينيت لم تقتصر على التوسط لإنهاء حرب روسيا على أوكرانيا، وربما استهدفت بشكل خاص التوافق حول مسائل أخرى تتعلق بالمحادثات النووية بين إيران والغرب، ومواصلة الجيش الإسرائيلي العمل بحرية بمواجهة إيران وميلشياتها داخل سوريا. وما من شك أن قصف القوات الإسرائيلية أهدافاً في دمشق فجر يوم الاثنين ومقتل مدنيين يؤكد على أن التفاهمات بين روسيا وإسرائيل فيما يتعلق بإطلاق أذرع القوات الإسرائيلية في سوريا ما زالت سارية المفعول. ويعتبر هذا الهجوم الأول منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا، مما يؤكد التزام بوتين بالحفاظ على حرية عمل الجيش الإسرائيلي في سوريا، والإبقاء على نشاط آلية التنسيق المشتركة بما يرضي روسيا وإسرائيل.

ربما المسألة الأهم هي أن زياة بينيت، المتدين، إلى روسيا منتهكاً بذلك حرمة يوم السبت المقدس لدى اليهود، أتت على ضوء الأنباء التي تتحدث عن قرب التوصل لاتفاق بشأن ملف إيران النووي، والتي تزامنت مع مطلب وزير خارجة روسيا سيرجي لافروف اللافت خلال مؤتمر صحافي بتوفير واشنطن ضمان خطي بألا تؤثر العقوبات الشديدة التي فرضها عليها الغرب نتيجة الحرب على التعاون بين روسيا إيران. ولم تخف المصادر الإسرائيلية المطلعة أن بينيت ناقش مع بوتين التقدم المحرز في المحادثات النووية مع إيران في فيينا، على خلفية التقديرات باحتمال التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة، وهو الأمر الذي يقلق إسرائيل، مما يجعلها تستغل تصريحات لافروف من أجل التنسيق لعرقلة أي اتفاق مزمع مع إيران.

من المنطقي القول أن روسيا تسعى من خلال هذه الاشتراطات إلى توظيف المفاوضات الجارية بشأن ملف إيران النووي للتخفيف، قدر الإمكان، من وقع العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة عليها من قبل الدول الغربية، مما أملى على بينيت القيام بزيارة لموسكو ظاهرها الوساطة، وباطنها عرقة التوقيع على اتفاق جديد مع إيران بشأن ملفها النووي. وما يعزز هذا الاعتقاد الذي يتفق معه بعض المحللين في إسرائيل هو أن موسكو أشهرت هذا الطلب يوم السبت الفائت بعد عدة أيام من بدء الحرب على اوكرانيا، وذلك بعد شهور من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة المدعومة من قبل روسيا بشكل خاص. التصريحات الروسية جوبهت بانتقادات المسؤولين في إيران، الذين صرحوا بأن المفاوضات الجارية في فيينا بهدف إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى الغربية يجب ألا تتأثر بأي مجموعة أخرى من العقوبات مثل تلك المفروضة على روسيا. وقد نقلت وكالة تسنيم للأنباء صباح يوم أمس الاثنين إن طلب روسيا للولايات المتحدة – المصمم لحماية مصالح موسكو – غير مفيد للمحادثات النووية، وأن العقوبات ضد روسيا يجب ألا تؤثر على المفاوضات في فيينا.  وأشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أحمد خطيب زاده إلى أن العقوبات الغربية على روسيا يجب ألا تؤثر على العلاقات الروسية الإيرانية، مضيفاً: “قرأنا تصريحات لافروف في وسائل الإعلام وننتظر معرفة التفاصيل عبر القنوات الدبلوماسية”.

يخوض بوتين الحرب على أوكرانيا فيما هو قلق من أن رفع العقوبات عن إيران من شأنه الإضرار باقتصاد روسيا. وربما يكون بينيت قد سافر بشكل مفاجئ إلى موسكو بسبب مصلحة مشتركة. ولفهم الغرض من رحلة نفتالي بينيت إلى موسكو يتعين النظر إليها من زاوية المصالح الوطنية كما يراها صانعو القرار في إسرائيل، لدرجة أنهم مستعدون لدفع الثمن من أجل الحفاظ عليها انطلاقاً من إيمانهم بأن هنالك مصالح مع الخصوم وحتى مع الأعداء، فيما قد تتضارب أحياناً المصالح مع اقرب الأصدقاء والحلفاء فيما يتعلق بقضية محددة، كما هو الحال بالنسبة لمشروع إيران النووي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى