fbpx

"داعش".. دائرة الطباشير

الأعداد بالآلاف، يتوزعون ما بين مقاتلين، وعائلات مقاتلين، وجرحى، وغير جرحى، ففي مخيمي الهول وروج ما يزيد عن 60 ألف من “الدواعش”، منهم ما يزيد عن ستة آلف مقاتل. هؤلاء أسرى الدواعش لدى قوات سوريا الديمقراطية، ولابد أنهم يشكلون مأزقاً لا يستهان به، للمجموعة الدولية قاطبة، حيث ينتمي هؤلاء الى 44 دولة، منها دول اوربية، وأخرى آسيوية وشرق أوسطية. أول تجليات المأزق ستكون في المعتقلات التي يتواجدون فيها، حيث يتطلب بقاءهم الاطعام، والصحة، والخدمات المتنوعة، وهذه مسألة غاية في الصعوبة ستواجهها قوات سوريا الديمقراطية، فالتكاليف باهظة لا شك. وثاني تجليات هذا المأزق سيكون بالإجابة عن سؤال: هل ستستقبلهم دول المنشأ وتعيدهم إليها، لمحاكمتهم؟ الطبيعي أن قوات سوريا الديمقراطية ستكون عاجزة عن رعاية هذه الأعداد الهائلة من الأسرى، وبالتالي ستسعى للتخلص منهم، ولن يكون ذلك بـ (قتلهم) حتماً، فالمعاهدات الدولية ومن بينها معاهدة جنيف، تقدّم ما يكفي من الأسباب للحفاظ على حياة الأسرى. وحين يكون الكلام عن إعادتهم إلى مواطنهم الأصلية التي أتوا منها، فإن أمراً كهذا سيضع تلك الدول أمام مجموعة من الاستحقاقات، وليس من بينها استحقاق واحد سهل: ـ سيكون من الاحتمالات الواردة والممكنة، أنه في حال استعادة هذه الدول للأسرى الذين ينتمون إليها، تفجير جملة من المشاكل في بلدانها، ومن المشاكل عودة الارهاب الى هذه الدول على أيدي الطلقاء من تنظيم داعش، خصوصاً في مجموعة الدول الأوربية وكندا، وهي بلدان لا شك تحسب لعودة الارهاب اليها ألف حساب. وسيكون لعودتهم، وخصوصاً المدنيين منهم، محاذير قاتلة ومن بينها عودتهم بـ (ثقافتهم) المرتكزة على التطرف والقتل، وليس من السهولة بمكان إعادة دمج هؤلاء المدنيين بمجتمعات مدنية متحضرة، وبالتالي سيكونون مأزقاً للدول الأوربية حصرا، إذا ما عادوا اليها. ـ أما تخلي الدول الـ 44 عن رعاياها من الأسرى فهو كذلك سيشكل مشكلة قانونية وحقوقية كبيرة، لا مجال للخلاص منها سوى بهزات اجتماعية ليس من الممكن ان تحتملها دول ترعى حقوق مواطنيها، بمن فيهم المواطنون المتهمون بالجرائم والارهاب. ما هو السبيل لحل هكذا مسألة، يقول قياديون من قوات سوريا الديمقراطية أنها قاربت على الاستعصاء؟ في لعبة الطباشير القوقازية، تتنازع الأم والمربية على الطفل، سيكون الطفل مِن حق مَن، غير أنه في الحالة “الداعشية”، فلا الأم تستطيع الإعلان عن نفسها، ولا المربية قادرة على أن تتكفل باستعادة مًن ربته، وهكذا ستكون مشكلتهم معلّقة إلى وقت غير معلوم. قوات سوريا الديمقراطية مع قوات التحالف استطاعت اجتثاثهم من الخنادق في سوريا، فكيف السبيل لاجتثاثهم من مخيمات الأسر، وإعادتهم من حيث أتوا، حيث لابد من محاكمتهم، كما كل مجرمي الحرب الذين لابد أن يحاكمون؟ مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى