أردوغان.. نصف الباب المفتوح

مرصد مينا

من الصعب الاعتقاد أن رجب الطيب أردوغان قد أغلق الباب نصف المفتوح، فالرجل يعرف بالتمام والكمال  سيصلّي خلف مَن، دون أن ينسى سيأكل على مائدة مَن، غير أن كلامه عن “حق أوكرانيا بالانضمام إلى الناتو”، لابد ويعني أنه يشتغل على إغلاق الباب بمواجهة روسيا ليفتحه من الأوكران.

ـ أقله بالتلويح.

ـ ولكن:

ثمة عوالق بمواجهته فللاقتصاد التركي مستحقاته، وصنبور المال الروسي يتدفق على تركيا، وقد تكون تركيا واحدة من البلدان التي أخذت من الحرب الروسية الأوكرانية دون أن تدفع، وليس هذا حال أيّ من دول الناتو، وتركيا وحدها “ناتو”، دون أن تدفع غراماته.

لقاء أردوغان مع زيلنسكي أمس، ومؤتمرهما الصحفي المشترك يقول بأن تركيا غسلت يديها من روسيا، فمِن  الأرض التركية قال زيلنسكي بأنه “سيستعيد القرم”، ومن الأرض التركية أكد مع هزّات رأس من قبل أردوغان بأنهما “أوكرانيا وتركيا”، سيشتغلان معاً على التعاون في مجال انتاج التصنيع العسكري وإنتاج الطائرات المسيرة، وكان لكلام أردوغان في مؤتمرهما الصحفي ما هو اكثر وضوحاً:

ـ سندعم أوكرانيا بشكل كامل.

ـ بشكل كامل، كلام بالغ الوضوح، فدعم أوكرانيا بشكل كامل يلغي إمساك العصا من وسطها، وهذا تطور لافت لتركيا، التي لابد وتحسب لمثل هكذا تطور، دون نسيان أن بوابة المقايضة مازالت مفتوحة، فالروس في سوريا، ولتركيا مع سوريا طلبات لابد وأن تكون في القبضة الروسية ما يسمح لاردوغان بمخاطبة فلاديمير بوتين بالقول:

ـ دافاريشا.. هات هنا لنعطيك هناك.

و “هنا” تعني “سوريا”، أما “هناك” فتعني “أوكرانيا”، والمقايضة مازالت ممكنة وورادة، وإلاّ…

المقايضة تقتضي أن يفتح الروس شمال شرقي سوريا للقوات التركية وفق متطلبات ما ينعته الأتراك بالمنطقة الآمنة، وهذا يستدعي تصادم روسي صريح مع “قسد”، وبالنتيجة مع القوات الأمريكانية، كما يستدعي ضغطاً روسيا على النظام السوري للتقدم بخطوات ربما اكثر اتساعاً مما يتحمله النظام السوري بخصوص تطبيقات القرار ٢٢٤٥، وبالتالي لابد ويستدعي ملف اللاجئين السوريين في تركيا، وبالمجمل ستحاصر الطلبات التركية الروس، ليحاصرون بدورهم نظام الأسد، وهذه خطوة شديدة الثقل على الروس الذين لم يتبق لهم في هذا العالم من “مرقد عنزة” سوى في قاعدتهم البحرية على الشواطئ السورية، والروس في مثل هذه الحالة وقد استطاعوا ابتلاع الخنجر سيتعرضون لوجع شديد في إخراجه.

مقايضات ممكنة وورادة، ولابد أن أردوغان رجل يعرف لعبة المقايضة.. يعرفها في تركيا الداخل، كما يعرفها في تركيا بعلاقاتها الدولية.

لعبها مع الإسرائيليين في مقايضته على حماس، ويلعبها ثانية ومع الإسرائيليين أيضاً في ملف “التجسس” الذي ظهر في التوقيت غير المتوقع، وسيلعبها مع فلاديمير بوتين:

ـ هاتوا سوريا، وخذوا.

ما الذي تبقّى له ليعطيه إلى الروس؟

يتبقى العودة لنصف الباب المفتوح، ولاشك بأن هذا سيرضي سيّد الكرملين و “سيوجعه” أيضاً.