أمطار غزيرة في الخرطوم تجرف جثثاً متحللة وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الصحية

مرصد مينا
شهدت ولاية الخرطوم، خلال الساعات الماضية، هطول أمطار غزيرة تسببت في غرق العديد من الأحياء والشوارع، خاصة في مدينة أم درمان ذات الكثافة السكانية العالية.
وتسببت السيول في تراكم كميات كبيرة من المياه في مختلف المناطق، وأدت إلى تعطيل حركة السير والتنقل، وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع البيئية والصحية في ظل انهيار البنية التحتية.
وأفادت مصادر محلية أن الأمطار الغزيرة جرفت معها مخلفات الحرب المنتشرة في أرجاء العاصمة، بما في ذلك جثث متحللة عُثر عليها في مصارف المياه بمنطقة شرق النيل، يُرجّح أنها تعود لقتلى من عناصر قوات الدعم السريع، التي سيطرت سابقاً على أجزاء واسعة من الخرطوم.
وبدأت الأمطار في الهطول بينما كان عمال الصرف الصحي يواصلون صيانة المصارف استعداداً لموسم الخريف، إلا أن السيول فاجأتهم، ما اضطرهم إلى استخدام أدوات العمل اليدوية لتصريف المياه في محاولة للسيطرة على الوضع.
وقال مسؤولون في حكومة ولاية الخرطوم إنهم تلقوا بلاغات من المواطنين تفيد بانجراف جثث متحللة إلى داخل المصارف، ما أثار مخاوف من كارثة صحية محتملة في حال عدم التعامل السريع مع تلك الجثث، وسط بيئة تعاني أساساً من انتشار النفايات ومياه الصرف المكشوفة.
وكانت قوات “الدعم السريع” قد سيطرت على مساحات واسعة من العاصمة منذ اندلاع النزاع مع الجيش السوداني في 15 أبريل 2023، قبل أن يعلن الجيش استعادة السيطرة الكاملة على الخرطوم في مارس الماضي، ما سمح بعودة آلاف النازحين تدريجياً إلى منازلهم.
وتواجه ولاية الخرطوم هذا العام موسم خريف قاسياً، في ظل دمار واسع للبنية التحتية نتيجة الحرب، بما في ذلك انسداد وتلف شبكات تصريف مياه الأمطار، في وقت تبذل فيه السلطات المحلية جهوداً متواضعة لصيانة تلك المصارف وسط تحديات كبيرة.
ورغم ذلك، نفى اللواء قرشي، مساعد المدير العام للدفاع المدني للطوارئ والكوارث، في تصريحات صحافية، تلقيهم أي بلاغات عن وفيات أو خسائر كبيرة في الممتلكات، مشيراً إلى أن تصريف المياه يتم بوسائل طبيعية دون الحاجة إلى تدخل قوات الدفاع المدني حتى اللحظة.
وأضاف أن مناسيب نهر النيل ما تزال مستقرة، لكنه أكد في الوقت ذاته أن الدفاع المدني يتحسب لأسوأ السيناريوهات حفاظاً على أرواح المواطنين وممتلكاتهم.
وفي مشهد يومي بات مألوفاً، يحاول الأهالي في المناطق المتضررة تصريف مياه الأمطار بأنفسهم، من خلال إزالة النفايات والحشائش التي تسد المصارف، في غياب أي دعم فاعل من السلطات الرسمية.
وفي السياق ذاته، لا تزال الحكومة المركزية غائبة عن العاصمة الخرطوم، بعد أن اتخذت من مدينة بورتسودان مقراً مؤقتاً لها في أعقاب اندلاع الحرب. وأكد والي الخرطوم، أحمد عثمان، في تصريحات صحفية سابقة، أن عودة الحكومة إلى الخرطوم ستكون بشكل تدريجي، دون تحديد جدول زمني واضح لذلك.
ووسط هذه الظروف الصعبة، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من مليون نازح عادوا إلى مناطقهم في السودان، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، رغم استمرار المخاطر الأمنية والصحية، ما يزيد الضغوط على السلطات المحلية والمنظمات الإغاثية للتعامل مع تداعيات الأزمة الإنسانية المتفاقمة.