fbpx

أن يغيّب “سعد”.. لعنة الغياب

مرصد مينا

هو بلد الطوائف التي تتنكّر للطوائف، هذا هو لبنان، وهو كذلك في الحرب الأهلية، وهو كذلك في سلمه، وهو كذلك على عتبة الحرب الأهلية، والأكثر من ذلك أن طوائفه ممزقة في ولاءاتها سوى “الطائفة الشيعية” الممسوكة بالستار الحديدي الذي يرفعه نبيه برّي بأرانبه، وحسن نصر الله بسلاحة، أما التمزق فقد طال الموارنة بما سمح لجبران باسيل أن يتحوّل إلى مدلل حزب الله حيناً، والابن الضال حيناً آخر، وفي كل الحالات لم يعد له من مارونيته سوى “حموه” المتكئ على تاريخ تآكل حتى بات أشدّ شحوباً من العجز البيولوجي الذي أصاب الجنرال.

 في الخريطة اللبنانية لابد وسيكون “سنّة” لبنان هم الأشدّ تمزقاً بعد الانعطافات الهزيلة لفؤاد السنيورة، ومن بعد وضع سعد الحريري في الثلاجة، وهو المرشّح الوحيد لإدارة سنّة لبنان وقد ورث عن أبيه هاجس الدولة، فيما ورث تيار المستقبل “الوطنية اللبنانية” متجاوزاً سجن الطائفة وقد صاغ عبر مسيرته ما يكفي للقول أن “المستقبل” وعلى كل عيوبه مازال الحامل الجدّي المؤهَل لنقل لبنان من الطائفة إلى الدولة، وربما سيكون هذا وحده، سبباً كافياً لقتله على يد “حزب الله”، ومن بعده سيكون سبباً كافياً لمحاصرة سعد وتحويله إلى “صامت” في بلد احوج ما يكون إلى صوته وقد تمرّس في اللعبة السياسية وتحوّل إلى قبلة للسنّة اللبنانيين، ولهذا لابد لحزب الله من اغتياله معنوياً ما بعد اغتيال والده بالمفخخات السوداء.

غياب السنيّة السياسية عن لبنان اليوم، سيعني في بعد منه غياب “الوطنية اللبنانية”، أما استعادة سعد الحريري للساحة اللبنانية فلابد ويحمل الكثير من المصاعب ما بعد الغياب الطويل، وكما يُقال “البعيد عن العين بعيداً عن القلب” ما يعني يتماً حقيقياً للطائفة السنيّة، وثانية ما يعني غياب “الوطنية اللبنانية” فـ “المستقبل” لم يكن سنيّاً فحسب بل كان حاضنة للوطنية اللبنانية بما تعني الطوائف والتيارات ومساحات التوافق والاختلاف، وفي مساحاته كانت التحوّلات السلمية لبلد يقف على حافة الاحتراب الأهلي ليكون من بعد والده “المصدّ” الجدي لمثل هكذا احتمال، وبالنتيجة أُفلس الرجل مالياً يوم صعد سواه إلى مصاف المال الوسخ، كما حوصر سياسياً اقلّه بالتخلي الجدّي لحلفائه عنه وفق صيغة إقليمية كئيبة ومشوشة، ليترك الميدان اللبناني للحصان الشيعي بشقيه “امل وحزب الله”، وكليهما يشكلان أسر الشيعة، وهو الأسر المدعوم بلا أدنى شكّ باللاعب الإيراني وقد أحال الضاحية إلى سيرك للفقر والفاقة والمجاعة والموت تحت رايات الهتاف للحسين، الحسين الذي يعني بالنسبة إليهما تكريس الثأرية السياسية، واستجلاب ماضي الدم إلى حاضر المجاعة.

الحريرية السياسية غابت وتكاد أن تدفن، فإذا ما انجز دفنها فلهذا معنى واحد:

ـ دفن لبنان.

أمّا الدفّان فبلا أدنى شكّ سيكون “الولي الفقيه” ونائبه حسن نصر الله.

لبنان بلا “سنّة” لن يكون سوى لبنان “ولاية الفقيه”.

وبالنتيجة سيكون الاستكمال الدامي للهلال الذي ذبح اليمن، وأنهك العراق، واجتاح سوريا ليحوّلها من بلد الكتلة الوطنية، إلى بلد “الكتلة السرطانية”، تلك التي كان شعارها ومازال:

ـ بالذبح جئناكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى