ثلاثية أردوغان التخريبية في ليبيا

يواصل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، سياسته التخريبية في المنطقة، ففي ذات الوقت الذي بات فيه المتنفس الأبرز للمخططات الإيرانية في الجغرافية العربية، وطريقها للتهرب من العقوبات الدولية، فإنه يسعى لترسيخ الانقسامات المحلية إلى عقود مقبلة، مقابل الظفر ببعض الأرباح الاقتصادية والدينية.
فالمتابع للسياسة التركية، يشاهد عملية “اللعب على الحبلين” من قبل الحزب الحاكم في الملفات المصيرية الخاصة بالعرب، يتصدرها الملف الليبي، فلم يتوانى أردوغان في دعم الانتفاضة الشعبية المسلحة للإطاحة بـ “معمر القذافي” من بوابة تأييد عملية حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ولكن ما بعد ذلك، ليس كما قبله، فأهداف أردوغان لم تعد كما كان يدعي بنصرته ودعمه لحرية الشعوب، حيث انحرفت خطواته تدريجيا وبشكل منسق خلاف ما كان يريد العرب، وكذلك معاكساً لسياسة حلفائه الأوروبيين، إذ دعم الجيش التركي واستخباراته الميليشيات الليبية المحلية ضد الجيش الوطني، ثم بدأ بترسيخ سطوة الإخوان.
تدخلات أردوغان العسكرية، كشفتها الصفقات الاقتصادية والمالية وصولاً للنفطية والجيوسياسية، حيث تواردت أنباء مؤخرا حول توقيع السراج لاتفاقية دفاع مشترك مع تركيا، من شأنها عمل غطاء شرعي لأي دعم عسكري من قبل أردوغان لقوات حكومة الوفاق أو إمدادها بالطائرات والدعم اللوجستي والمشورة العسكرية، لكن لم يتم تأكيد ذلك من قبل مصدر رسمي.
في حين ذكر مصدر ليبي قريب من السراج لـ”الجزيرة مباشر” أن “المؤكد خلال اللقاء بين الرئيسين (أردوغان والسراج) هو التوقيع على استكمال العقود التي توقفت منذ عام 2011 وبلغت قيمتها 22 مليار دولار، وأن هذا كان مطلبا تركيا”، وفق معلوماته.
لكن سياسة أردوغان في ليبيا لم تعد خافية على الليبيين، إذ نظم المئات من أهالي مدينة “بنغازي” تظاهرات ضد ما وصفوه بـ “التدخل التركي السافر في شؤون بلادهم”، وعلى الجانب الآخر، فالخطوات لا تزال جارية لتحقيق تقدم سياسي في القاهرة التي تشهد اجتماعا لنواب ليبيين، بهدف التوصل إلى رؤية توافقية للأزمة التي تعصف بـ “ليبيا”.
“كلما أوقد الأتراك نارًا للحرب أطفأتها دول التحالف العربي”، بهذه العبارة أشار موقع تركي معارض شهير، سياسة أردوغان في ليبيا التي تحولت إلى ساحة صراع بالوكالة بين القوى الإقليمية، إذ تسعى أنقرة لتحويلها إلى أكبر مستودع للإرهاب في المنطقة، لإطالة أمد الحرب الأهلية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من ثماني سنوات، نظرًا لاستفادتها المباشرة من حالة الانشطار السياسي التي تعيشها الدولة الليبية.
حيث كشف الضبط المتكرر شحنات أسلحة قادمة من تركيا، آخرها لسفينة الأسلحة والمعدات العسكرية، التي انطلقت من ميناء سامسون التركي في 9 مايو(أيار) الماضي، تصميم تركيا على التمسك بالحضور في ليبيا.
واعتبر أستاذ السياسة، في جامعة باريس جوني جيراك، أن تحركات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، في الواقع خيار مُر، فرضته المليشيات والجماعات المتطرفة التي تدعمها تركيا وقطر، ومولتها بالسلاح والمال، حسب ما نقلت صحيفة “البيان” الإمارتية، بحسب موقع 24 للدراسات.
فوائد تركية من التخريب
الموقع التركي المعارض، يرى أن إمكانية إجمال استفادة تركيا من تمزق المجتمع الليبي، واستعداء الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، في عدة أسباب يأتي في صدارتها “سلب ثروات البلاد من النفط والعملة الصعبة التي تحصل عليها أنقرة من الميليشيات الإرهابية التابعة لحكومة طرابلس العميلة.
علاوة عن عملية ترويج وبيع السلاح التركي، ودعم حلفائها من الإخوان بعد انهيار مشروعهم في مصر، بالإضافة إلى مناوئة مصر واليونان وقبرص في غاز شرق المتوسط، علاوة على استثماراتها الهائلة في ليبيا، والتي تخشى من تجميدها للأبد”.
فليبيا الواقعة في شمال إفريقيا محصورة في معادلة جيوسياسية أكثر أهمية في البحر المتوسط، حيث تسعى تركيا أن تخضع ليبيا لسيطرة حكومة الوفاق عميلتها، في وقت تتصاعد فيه المنافسة الجيوسياسية بين تركيا من جهة ومصر واليونان وقبرص من جهة أخرى في منطقة شرق البحر المتوسط.
ميدانياً
في أوقات سابقة، قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، العميد أحمد المسماري: “نحمل تركيا مسؤولية تدمير قواعد الأمن والسلم في ليبيا، وعلميات الاغتيالات في صفوف الأمن والجيش والمحامين، إلى جانب ضلوعها بالعديد من العمليات الإرهابية”.
وأضاف المسماري، بحسب سكاي نيوز عربية- أن أنقرة تخرق قرارات مجلس الأمن التي تحظر تزويد الإرهابيين بالسلاح، فضلا عن خرق القرار الخاص بحظر توريد السلاح إلى ليبيا.
في حين أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار أعلن أن أنقرة سترد على أي هجوم، تنفذه قوات الجيش الليبي ضد “المصالح التركية”، وذلك بعدما كشف الجيش الوطني الليبي أن تركيا أصبحت دولة معادية وأن خسائر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ليبيا ستكون كبيرة.
الاستقرار يهدد مصالح تركيا!
ترى تركيا في الجيش الوطني الليبي تهديدا خطيرا لمصالحها في البلاد، فهي أكبر مستفيد من بقاء الوضع الراهن كما هو- وفق موقع تركي معارض- نظرا لأطماعها في ثروات البلاد التي تحصل عليها في مقابل تحويل غرب ليبيا إلى سوق رائح للسلاح التركي، الذي يشتريه الإرهابيون بالنفط والدولار.
وكان الجيش الوطني الليبي بدعم من التحالف العربي قد تمكن من تحقيق انتصارات ساحقة على الإرهاب في ليبيا، حتى وقت قريب، حيث واصل زحفه من شرق البلاد محررا المدينة تلو المدينة باتجاه العاصمة الواقعة في قبضة حكومة الوفاق العميلة وميليشياتها المسلحة، وتمكن الجيش الليبي من الاستيلاء بسهولة على بلدات “صرمان” و”العجيلات”، وكلاهما يبعدان حوالي 45 ميلاً عن طرابلس.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي