الزعيم الذي “لا ينطق عن هوى”
مرصد مينا
انتظار طويل مرفق بحملة إعلانية تتناسب مع إعلانات عن مهرجان سينمائي أو حفلة ملاكمة، كان هذا هو حال التمهيد الإعلامي لخطاب حسن نصر الله، ذاك الذي:
ـ لا ينطق عن هوى.
وهو الوصف الذي كررته المحامية بشرى الخليل في وصف حسن نصر الله، مانحة إياه ما مُنِح للرسول العربي و “إن يكن إلاّ وحي يوحى”.
سمعنا الخطاب، ومعنا ربما عشرات آلاف ممن يتابعونه، لا إيماناً بحسن نصر الله ووحيه، بل لأن ثمة مفترق يمكن البناء عليه والمفترق هو:
ـ هل يدخل لبنان الحرب أم لن يدخلها؟
جاء الخطاب ليطمئن من لا يرى في الحرب وسيلة سوى استدراج التدمير ونقله من غزة إلى لبنان، / وتلك خطوة طيبة / وليثير سخرية من يعرف بالتمام والكمال أن “حزب الله” لن يكون طريقاً إلى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر وفق سرديته، بل سيكون جزءاً من “محور” إدارته في طهران، وضحاياه في سوريا / لبنان / فلسطين، وصولا إلى اليمن الذي كان يلقّب بـ “السعيد” وبات مقبرة فعلية للمدينة التي رفعت ذات يوم “سدّ مأرب” أبدع التحف المعمارية في عصره.
كل ما حمله خطاب حسن نصر الله هو الإعلان عن :
ـ موت محور المقاومة.
وقد أعلن هذا عبر بعدين:
ـ أولهما أنه لم يكن ولا إيران كانت تعلم بعملية “طوفان الأقصى”.
وثانيهما، وهذا ما تضمنه الخطاب دون أن يبوح به:
ـ اخلع شوكك بيديك، وهو كلام موجه لـ “حماس”، غير أنه يعني ذلك دون أن يصرّح بإعلانه إياه، فالتصريح الصريح يعني “خلع عباءة” نصر الله التي طالما اختارها محور المقاومة ليستظل بها، فباتت ما بعد الخطاب عباءة مثقّبّة لا تستر جسد مرتديها.
كل ما سبق كان الخطوط العريضة / البارزة في الخطاب، غير أن هذا البارز لا يخفي “كلام العادة”، فالعادة سجن للمعتاد وكان السيد نصر الله اعتاد التلويح بسبابته وإطلاق التهديدات، وهي تهديدات لفظية لا تحدد زماناً ولا مكاناً ولا هدفاً، فجاء الرد الإسرائيلي بالغ التوحش، وكذلك بفعل العادة، ومن ملامح التوحش هذا، أنه ما أن انتهى نصر الله من خطبته حتى قصفت إسرائيل مشفى الشفاء، لتؤكد استفراد إسرائيل بالغزاويين، كل الغزاويين، لا بقيادة “حماس” التي مازالت تُطلِق خطاباتها من دور الضيافة في قطر، لتورط غزة بالدم، بل بكل دمٍ.
خطاب حسن نصر الله انطلق فعلياً من تراجيديا غزة، وانتهى فعلياً بكوميديا الزعيم الذي:
ـ لا ينطق عن هوى.
خطاب جاء ليُعلِن:
ـ موت ما سمي محور المقاومة.
المحور الذي امات ما أمات من السوريين واستكمل الإماتة في غزة لـ :يحيا”.